أحيا العالم هذا الاسبوع يوم اللاجيء الدولي. هذا العام، ويا له من أمر محرج، حل هذا اليوم مع مرور ستين سنة على التوقيع على ميثاق اللاجئين في الامم المتحدة. ذاك الميثاق، الذي كان أحد الحوافز البارزة لصياغته هو مشكلة اللاجئين اليهود الذين نزحوا في أعقاب الحرب العالمية الثانية. دولة اسرائيل الشابة شاركت في 1951 مشاركة فاعلة في تحقيق هذا الميثاق. محزن، بل ومثير للحفيظة، النظر بعد ستين سنة الى وضع اللاجئين وطالبي اللجوء في الدولة اليهودية. دولة اسرائيل لا تستوعب لاجئين وليس لها أي سياسة في هذا الموضوع. السياسة الرسمية هي تنغيص عيشهم الى أن يغادروا طواعية. خطأ شائع هو التفكير بان الافارقة الذين يوجدون في الاراضي الاسرائيلية قد استوعبوا فيها كلاجئين، واننا كلنا طيبو النفس. دولة اسرائيل لا تعترف بأي لاجيء افريقي، من ناحيتها كلهم، دون أي استثناء، "متسللون"، أي مجرمون ومهاجرو عمل غير قانونيين.إذن لماذا لا تطردهم؟ لان القانون الدولي يمنع ذلك. معظم اللاجئين في اسرائيل يأتون من أرتيريا، من دارفور ومن جنوب السودان – الدول التي قررت الامم المتحدة منذ زمن بعيد بانه محظور أن يعاد اليها طالبو اللجوء خوفا على حياتهم. لاجئون من هذه المناطق يستوعبون في السنوات الاخيرة في كل العالم، الا في اسرائيل. عندنا، مثلما قال بن غوريون، الامم المتحدة هي القفر، ولن يجدي هنا شيء نفعا. في هذه الاثناء تتمتع الدولة بقوة عمل قابلة للاستغلال لعمال عديمي الحقوق. فيمكن تشغيلهم لعدد لا حصر له من الساعات، باقل من الحد الادنى للاجور، دون منحهم تأمينا صحيا او حقوقا اجتماعية. كم هو مريح ذلك. في اطار سياسة "لا سياسة" ترفض اسرائيل البحث في طلبات اللجوء من الافارقة، بدعوى أنهم يأتون من دول معادية، ولما كانت لا تدرس الطلبات، فانها لا تجري أيضا أي خطوة يمكنها أن تقرر من يستحق مكانة لاجيء ومن لا. والنتيجة – حصانة جارفة. أي، يبقون هنا حتى اولئك الذين لا يستحقون الحماية على الاطلاق. والمشكلة تتضخم بسرعة. في الاسبوع الماضي ضرب رقم قياسي، عندما اجتاز 623 شخصا الحدود الاسرائيلية – المصرية في غضون اسبوعين فقط. كل ما تبقى لحكومة نتنياهو هو مواصلة عدم الاعتناء بهم، والانتظار بصبر أن تقع مصيبة. وعندما تقع مصيبة، او أن تكون في حينه شرعية للحكومة لحل كل لجام، واتخاذ وسائل أكثر عنفا ومعالجة المشكلة بالطريقة العسكرية الاسرائيلية المعروفة – الخازوق.والمصيبة ستقع. خذ عشرات الاف الاشخاص المعوزين من كل شيء، امنع عنهم كل امكانية للعمل ونيل الرزق، لا تمنحهم مساعدة طبية ونفسية، احبسهم بشكل تعسفي وعندها اطلقهم بشكل مفاجىء، ابقيهم لفترة طويلة في وضع من انعدام الوسيلة وانعدام اليقين، هزهم ونغص عيشهم – فاذا هي المصيبة. قبل بضعة ايام قتل في حولون لاجيء ارتيري عائلته وانتحر. في حولون الياس لم يصبح اكثر راحة. إذن ما الذي ينبغي عمله؟ مثل كل شيء في الحياة - حل وسط. من جهة لا يمكننا أن نستوعبهم جميعهم. من جهة اخرى نحن ملزمون بمساعدة بعضهم على الاقل. وبالاساس – حان الوقت لان نبلور سياسة، ان نقرر من وباي شكل يمكننا أن نساعد ومن لا. وكل من ينقذ نفسا واحدة، وكأن به أنقذ العالم بأسره.