خبر : دراسة إسرائيلية:حماس تفوقت على عبّاس نتيجة التطورات الإقليميّة لمصلحتها وفي مقدمها سقوط مبارك ومجيء حكم ينتهج خطاً أكثر مرونةً تجاهها

الإثنين 16 مايو 2011 12:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دراسة إسرائيلية:حماس تفوقت على عبّاس نتيجة التطورات الإقليميّة لمصلحتها وفي مقدمها سقوط مبارك ومجيء حكم ينتهج خطاً أكثر مرونةً تجاهها



القدس المحتلة سما قال المستشرق د. ميخائيل ميلشتاين، الباحث في معهد الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على الموقع الالكترونيّ للمعهد إنّ الاعتبارات التي دفعت حماس إلى الاتفاق مع فتح تختلف، لكن، يبدو واضحاً أن حماس تفوقت على أبو مازن نتيجة التطورات الاقليمية التي جاءت لمصلحتها، وفي مقدمها سقوط نظام حسني مبارك الذي وقف موقفاً عدائياً منها ومجيء حكم ينتهج خطاً أكثر مرونة تجاهها، والضعف الذي طرأ على مكانة الولايات المتحدة، المعادية لها، في المنطقة. وأوضح قائلاً إنّه يمكن ان تكون موافقة حماس على اتفاق المصالحة تعبيراً عن رغبتها في المشاركة في المسعى الدولي الشامل للتحدي المطروح في أيلول (سبتمبر)، أي الإعلان عن الدولة الفلسطينيّة المستقلة في حدود ما قبل عدوان 1967، وتقديرها أن في استطاعتها تحقيق عدد من الأهداف من خلال انضمامها إلى الحكومة الفلسطينية في الوقت الراهن، مثل توسيع شرعيتها على الساحة الدولية، وتسهيل نشاطها في الضفة الغربية، والتوصل إلى إطلاق معتقليها في سجون السلطة. وشدد الباحث الإسرائيلي على أنّه حتى الآن، لا صحة للادعاءات الإسرائيلية أن حماس اضطُرت إلى توقيع الاتفاق خوفاً من تصاعد الانتقادات ضدها في الشارع الفلسطيني في الضفة، أو بسبب إدراكها أنها ستفشل في مواجهتها العسكرية ضد إسرائيل في أعقاب نشر منظومة ’القبة الحديدة’ حول القطاع في الأشهر الأخيرة. وبرأي الباحث المختص في الشأن الفلسطينيّ فإنّ اتفاق المصالحة يرمز إلى نهاية فترة من الانقسام الفلسطيني الداخلي العميق، والتي استمرت أربعة أعوام. فمنذ سيطرة حماس على قطاع غزة في حزيران (يونيو) 2007، أصبحت هناك سلطتان متخاصمتان في الأراضي الفلسطينية، تسيطران على مناطق جغرافية منفصلة، ولكل منهما نظرتها السياسية وأيديولوجيتها الثقافية والاجتماعية. إلاّ إن اتفاق المصالحة أعاد الوضع على الساحة الفلسطينية إلى الفترة التي كانت تحاول خلالها كل من حماس وفتح تأليف حكومة مشتركة من دون جدوى نتيجة سعي كل منهما للسيطرة على الأخرى. ولفت د. ميلشتاين إلى أنّه فور إعلان الاتفاق المفاجئ بين حماس وفتح، حاول عدد كبير من المعلقين في وسائل الإعلام الغربية عامة، والإسرائيلية خاصة أن يحدد أي الطرفين كان الأقوى في الاتفاق، وأي طرف سيحقق مكاسب أكثر. قد يبدو، ظاهرياً، ان الطرفين قدّما تنازلات وحصلا على مكاسب، لكن إذا درسنا الاتفاق بإمعان نجد أن موقع حماس الاستراتيجي كان أفضل من موقع أبو مازن، لذا فإن الفوائد التي قد يحصدها أبو مازن من الاتفاق هي أقل بكثير من الفوائد التي قد تحصدها حماس، وأول ما يتجلى ذلك في قبوله الاتفاق على الرغم من عدم تحقق الشرط الذي وضعه للمصالحة مع حماس، أي عودة الوضع في غزة إلى كان عليه قبل سيطرتها على القطاع. وبرأيه فإنّ الاعتبارات التي دفعت أبو مازن إلى توقيع وثيقة الاتفاق لها علاقة بالتغييرات الإستراتيجية التي حدثت في الأشهر الأخيرة في المنطقة، وفي طليعتها: إقصاء حسني مبارك، الحليف الاستراتيجي للسلطة الفلسطينية، عن الحكم، وازدياد عدم ثقة السلطة بالإدارة الأمريكية بسبب التناقض في سلوكها وترددها إزاء الثورات في الشرق الأوسط، الأزمة العميقة التي وصلت إليها المفاوضات السياسية بين السلطة وإسرائيل وغياب الأفق السياسي، وكشف قناة ’الجزيرة’ وثائق المفاوضات السياسية التي أحرجت أبو مازن وأظهرت استعداده لتقديم تنازلات بعيدة المدى تتناول قضايا جوهرية وطنية فلسطينية وفي مقدمها حق العودة. لقد اضطُر أبو مازن إلى القيام بهذه الخطوة الدراماتيكية، واعترف بسلطة حماس على قطاع غزة من أجل إنقاذ نفسه من الأزمة العميقة التي يعانيها على المستويات كافة. ومن الممكن أيضاً، أضاف المستشرق الإسرائيلي، أن تكون رغبة أبو مازن في دفع المشروع الفلسطيني قدماً من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود 1967 خلال شهر أيلول (سبتمبر) المقبل هي التي دفعته إلى القيام بخطوة كهذه. إذ يسعى أبو مازن لتقديم نفسه كرئيس متفق عليه من جميع الأطراف على الساحة الفلسطينية، ومسيطر بصورة فعلية، لا رمزية، على أراضي السلطة الفلسطينية كافة. وهو يريد من خلال خطوته هذه تأهيل حركة حماس في نظر المجتمع الدولي عبر ضمها إلى السلطة الفلسطينية، الأمر الذي قد يؤدي، بالتدريج، إلى كبح الحركة على الصعيدين النظري والعملي، وهذا من شأنه استمالة الأطراف الدولية، التي ما زالت تدرس موقفها بشأن إعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، قبل مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول(سبتمبر) المقبل. وقال أيضًا إنّه ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت المصالحة وتأليف حكومة وحدة ستشجعان المجتمع الدولي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، أم أنهما ستضعفان مثل هذا التوجه. إذ قد يشكل انضمام حماس التي تعتبر تنظيماً إرهابياً من جانب أغلبية دول العالم، إلى الحكومة الفلسطينية، ورقة تستطيع إسرائيل استخدامها على الصعيد الدولي، ولا سيما الغربي، وذلك عبر خطوات دبلوماسية وإعلامية فورية. بموازاة ذلك، قال إن تأليف حكومة تشارك فيها حماس من شأنه أن يمنحها اعترافاً دولياً، ويحصّنها ضد أي ضربة إسرائيلية، كذلك سيضر بهامش المناورة العسكرية التي تملكها إسرائيل في مواجهة الحركة التي سيصبح زعماؤها وقادتها جزءاً من حكومة أبو مازن. بالإضافة إلى ذلك فإنّ تأليف حكومة فلسطينية مشتركة سيساعد حماس مستقبلاً في تعزيز نفوذها في الضفة حيث تعاني حالياً من قيود مفروضة عليها من إسرائيل ومن السلطة الفلسطينية. ومن الممكن أيضاً أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مشكلة خطيرة لدى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد عام، والتي ستشارك فيها حماس، وستحظى على الأرجح بمباركة المجتمع الدولي والولايات المتحدة. وخلص إلى القول ان الخطوات المصريّة جاءت من دون تنسيق مع إسرائيل والولايات المتحدة. وثمة ما هو أكثر من ذلك، إذ أعلن وزير الخارجية المصري، فور توقيع الاتفاق، رغبة بلاده في إعادة فتح معبر رفح في وقت قريب، كذلك أصدر رئيس أركان الجيش المصري بياناً مشابهاً بهذا الشأن، طالباً من إسرائيل عدم التدخل في المعبر. وتدل هذه الخطوات التي تتعارض مع اتفاقات سابقة جرى توقيعها بين إسرائيل ومصر بوساطة أمريكية على تغير مقلق في سلوك الحكم المصري الجديد على الساحة الفلسطينية. وبرأيه، يبدو، حتى الآن، أن المسار الفلسطيني الداخلي ينطوي على مخاطر بالنسبة إلى إسرائيل أكثر مما يحمل فرصاً، لأنه يعزز قوة الأطراف المتطرفة الفلسطينية، ويقلص من إمكانات التوصل إلى تسويات سياسية مع إسرائيل في المدى القريب، على حد تعبيره.