خبر : الفلسطينيون أمس واليوم وغدا/بقلم: أودي منور/معاريف 16/3/2011

الأربعاء 16 مارس 2011 11:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الفلسطينيون أمس واليوم وغدا/بقلم: أودي منور/معاريف  16/3/2011



 نُشر قبل ثلاثين سنة تقريبا في صحيفة "عل همشمار" مقالة عنوانها "الفلسطينيون أمس واليوم وغدا". الورقة صفراء، والصحيفة كانت ولم تعد موجودة، وتوفي الكاتب ايضا. لكن المضمون يبدو كأنما كُتب أمس. هاجم الكاتب من مبام اليعيزر باري آنذاك "يساريين" مثل الصحفي ومؤسس "بتسيلم"، امنون كابليوك، لتأييدهم الأعمى كل من وما يتصل بـ م.ت.ف بشرط أن يكون ذا صلة بـ م.ت.ف. "في هذه الساعة نقف كما يبدو على عتبة فترة ستصبح فيها المناطق وناسها مركز الصراعات السياسية"، تنبأ باري وأنهى قائلا: "استمرار الوضع القائم غير ممكن". مرت ثلاثون سنة. ليس من اللذيذ أن نقول لكن الحقيقة المصوغة هي أن "استمرار الوضع القائم" خاصة، أي ذاك الذي نشأ في العاشر من حزيران 1967، هو كما يبدو الوضع الوحيد الممكن. الكلام الثوري موجود في وفرة. من "سلام الآن" (منذ 35 سنة)، مرورا بـ "الخلافة الاسلامية" لحماس حتى "تخليص الله بطرفة عين" عند اليمين اليهودي الهاذي (الذي ما زال لا ينتبه الى أن الله ايضا لا يعمل في السبت). تبدل في البيت الابيض منذ ذلك الحين سبعة رؤساء. وفي جفعات رام تسع عشرة حكومة. القيادة الفلسطينية هي كائن ذو رأسين – مع فرض أننا لا نعد جميع أصناف المستنسخات على اختلافها. وفي كل يوم تقريبا يعلن متحدث الجيش الاسرائيلي باعتقال ثمانية مطلوبين فلسطينيين آخرين في المناطق. البحر هو نفس البحر، وبينه وبين الصحراء شعبان متمايزان، ولكلاهما قدرة على الحياة قوية. العالم الحر مشغول بشؤونه، ويبدو أنه لا سبب للتأثر بتصريحاته الفارغة ويشهد بذلك سكان الضاحية العولمية. فما ظل النفط يتدفق من الآبار على الحاويات سيظل العالم يجري كعادته. إن اعلانا فلسطينيا بدولة بتأييد من الامم المتحدة لن يُغير المعطيات الأساسية وهي انه ليس للفلسطينيين قيادة وأن اسرائيل مُحتاجة الى أجوبة واضحة عن عدة اسئلة أمنية. الاراضي يمكن تبادلها والمستوطنات يمكن حلها ايضا. أُذيع هذا السر الخبيء في التلفاز في 1982 وفي 2005 بيد أن الكلب ليس مقبورا هناك. يبدو انهم في العالم يفضلون اليهود أذلاء موتى. ومن المريح للفلسطينيين كما يبدو أن يكونوا مساكين على حق. ومن المريح لهم أن يضمن الجيش الاسرائيلي الأمن في الضفة ويعطي قادة القطاع تسويغا لـ "مقاومتهم" البطولية. كل هذا يشهد على عدم اهتمام الفلسطينيين بالخروج الى مجال الاستقلال السياسي المثقل. قبل 35 سنة أحسن والد الأمة الفلسطينية ياسر عرفات تعريف هذا الامر. ففي طريقه الى الجمعية العامة للامم المتحدة حيث خطب خطبته الشهيرة والمسدس عند خصره، ألح عليه الحبيب بورقيبة، الذي كان رئيس تونس آنذاك، أن يتحول من "زعيم ثوري" الى سياسي. ومن هو السياسي؟ ذاك الذي له دولة. أجابه الرئيس انه "لا يستطيع ترك الميثاق الفلسطيني". قال له بورقيبة ردا عليه: "هنا تكمن مأساتكم". يتبين انه توجد شعوب تستمتع بالاتكاء على مأساتها. فماذا عن اليهود؟ يبدو أن أكثرهم ضاقوا ذرعا بهذا الجدل التاريخي الذي يجري في أكثره في الصحافة الاسرائيلية. إن قائمة المهام الوطنية أخذت تتسع: فثم الطاقة والماء والارض والزلزال المقترب، وعدالة التوزيع وعلاقات العمل. هذا ايضا لا يعجب بعض الصحفيين في الغرب الذين اشتكوا منذ زمن قريب من أن اليهود يريدون ان يعيشوا جيدا. ليس من اللذيذ الاعتراف لكن "استمرار الوضع القائم" ليس "ممكنا" فحسب بل يبدو انه الخطوة الأقل سوءا بين جميع الخيارات.