عملية القتل النكراء لأبوين وثلاثة اطفالهما في ايتمار قد تكون اشارة لاستئناف العنف في الضفة الغربية وقد تكون ايضا حدثا لن يكون له تواصل. بعض من قادة المستوطنين استخلصوا منذ الآن استنتاجات سياسية ودعوا الى وقف كل اتصال سياسي مع رؤساء السلطة الفلسطينية، ووضع حد للتنسيق مع محافل الامن في السلطة واعادة الحواجز التي أُخليت في الضفة الغربية في الاشهر الاخيرة. هذا بالضبط ما أراده منفذو عملية القتل: إحداث تراجع في ما حصل في السنوات الاخيرة – هدوء أمني، تسهيلات معينة في الحياة اليومية في الضفة وتطبيع جزئي، الذي يروا المتطرفون فيه لعنة. محظور الوقوع في خدمة أهدافهم. لن يكون لاسرائيل محاورا براغماتيا أكثر ومعارضا أكثر للعنف من الثنائي محمود عباس وسلام فياض. صحيح، لم نستطب شجبهما وكنا نتوقع منهما شجبا أكثر حدة لهذا القتل الفظيع. ولكنهما شجبا بل وساعدا في محاولات العثور على من نفذه. فهما ليسا مؤيدين لاسرائيل بل فلسطينيان وطنيان، يريان في العيش الى جانبنا مصلحة لشعبهما. الحريق في المناطق هو آخر أمر يريدانه عندما يبنيان مؤسسات الدولة الفلسطينية التي على الطريق، ويسعيان لنيل عطف العالم. في نهاية المطاف، هذه ايضا مصلحتنا. ينبغي، بالطبع، بذل الجهد للعثور على منفذي القتل الباعث على الصدمة، وينبغي عمل ذلك مع المحافل الفلسطينية. ينبغي ان نشرح لمنتقدي التسهيلات في المناطق بأنه بالذات في فترة التسهيلات كان هدوء في الضفة وان القتلة في ايتمار لم يكونوا يقفون في الطابور في حاجز حوارة حتى لو كان مأهولا. أحد لا يمكنه ان يكون واثقا بأنه يمكن منع اندلاع العنف في الضفة. فقد أعرب عشرات آلاف الفلسطينيين، في الفيس بوك، عن تأييدهم لانتفاضة ثالثة. موجة الثورات في العالم العربي تفعل فعلها، والجمود السياسي المطلق يساهم بنصيبه؛ انعدام الرضى عن الشرخ الفلسطيني الداخلي يشدد فقط عدم الارتياح. يُحتمل، لا سمح الله، ألا يمُنع استئناف العنف حتى لو ضبطت اسرائيل نفسها. ولكن دور القيادة، في هذه اللحظة، هو الوقوف في وجه كل مطالب تصعيد البناء في المستوطنات ووقف التعاون والتسهيلات في المناطق لمنع اشعال نار كبرى لا يعرف أحد كيف يطفؤها. قرار الحكومة إقرار بناء بضع مئات من وحدات السكن في الضفة هو رد متوقع ومغلوط. الاقرار يعزز فقط الاحساس بأن الاستيطان هو العقاب للفلسطينيين. وبالفعل، ما هي الصلة التي بين القتل وبين البناء؟ هل بناء آخر في المستوطنات سيعيد الى الحياة الاطفال الصغار الذين اقتُطفت حياتهم وهم نائمون؟ هل البناء سيُحسن المكانة السياسية لاسرائيل أمام العالم الموحد بأسره في المعارضة القاطعة للبناء في المناطق؟ هل البناء بشكل عام سيرضي المتطرفين من اوساط المستوطنين، الذين يطالبون بضم الضفة والبناء على تلة وتحت كل شجرة باسقة؟. أحد ما في القدس ملزم بالجلوس مع نفسه ليقرر الى أين يسير، ويسأل نفسه اذا كانت القرارات المتخذة تؤدي الى الهدف المناسب، أو الى عكسه. في هذه اللحظات الصاخبة ايضا يجب ان يكون هناك رد فعل متوازن. أعداؤنا ينتظرون ردود الفعل غير المتوازنة من جهتنا.