خبر : التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأمريكية ..ما الذي يمكن لأمريكا القيام به للحفاظ على مصالحها في المنطقة بعد الثورة المصرية؟

الجمعة 18 فبراير 2011 09:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الأمريكية ..ما الذي يمكن لأمريكا القيام به للحفاظ على مصالحها في المنطقة بعد الثورة المصرية؟



في تطور مغاير لطبيعة الاهتمامات الأمريكية بالشؤون الداخلية فرضت تطورات الانتفاضة الشعبية في مصر نفسها على اولوية التغطية الاعلامية. ونظرا لكثافة التعليقات الأمريكية يفرد مركز الدراسات تغطيته لمواكبة الحدث الأهم وعرض المميز من اصدارات مراكز الفكر والابحاث الأمريكية بهذا الصدد.ويُستدل من جل التغطية ان لهجة المراكز الأمريكية تركزت حول ماذا يمكن للولايات المتحدة القيام به للحفاظ على مصالحها في المنطقة، الا ان مراكز الفكر والابحاث لم تجنح نحو ما كان متوقع منها في هذا الجانب. ومن الطريف ان اثنين من مراكز الابحاث المؤيدة للكيان الصهيوني بامتياز طالبا بتنحية مبارك واتاحة الفرصة للشعب المصري للتعبير السياسي.وفي مجال التحليل، يعالج مركز الدراسات مسألة الموقف الأمريكي وانعكاساته السياسية وكذلك تأثيره على الحظوظ الانتخابية للرئيس اوباما. اي ان وجهة النظر المعنية هي لجمهور الناخبين الأمريكيين المؤيدة عادة للكيان الصهيوني. كذلك سيتناول التحليل الزيادات الضخمة المقررة في برنامج المساعدات العسكرية "لإسرائيل" على ضوء التعديلات العسكرية المتوقعة بعد التغيرات الناشئة عن الاوضاع في مصر.ومن أهم الدراسات التي نشرت هذا الاسبوع والمطالبة باقصاء الرئيس مبارك تلك التي صدرت عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الاوسط Washington Institute المؤيد بشدة للكيان الصهيوني، تحت عنوان "يجب ان تصغي الولايات المتحدة للشعب المصري." واستخلصت بالقول "على الولايات المتحدة والعالم اجمع استيعاب مسألة، ولو انها مغايرة للمزاج الشعبي، ان نظام مبارك لم يشكل ضمانا للاستقرار في المنطقة، او المساعدة في صون المصالح الأمريكية الاقليمية. فالنظام الذي رعى تيارات مناهضة للولايات المتحدة ولإسرائيل في اجهزته الاعلامية الرسمية لعدة سنوات، وقمع المعارضين وضَمنَ نمو المتشددين، واضطهاد الاقليات في الوقت الذي سعى فيه لتقسيم مكونات المجتمع المصري ووضعها بمواجهة بعضها البعض قد اسهم مباشرة بعدم الاستقرار ونمو المتشددين ليس فقط على نطاق البلد فحسب بل في عموم المنطقة. علاوة على ان النظام المسكون برغبته البقاء في السلطة ادت به إلى الانغلاق والتضحية برصيده في مسائل السياسة الخارجية، مما جعل مصر شريكا هامشيا للولايات المتحدة. ويتجسد هذا الأمر في الوضع غير المستقر في مصر، على سبيل المثال، لانجاز حكومة وحدة وطنية في فلسطين او الدفاع عن حقوقها في مياه النيل – وهما أمرين يؤشران إلى العجز المصري كان من الصعب تصورهما في زمن آخر".وعرضت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation المحافظة التغيرات التي ينبغي على الولايات المتحدة القيام بها حيال الوضع المتطور في مصر. وقالت "باستطاعة البيت الابيض والكونغرس اثبات قدرتهم على الاستفادة من الدروس والتحديات التي نواجهها آنيا من خلال: تبني اجندة اقتصادية حرة وجادة. وينبغي على الولايات المتحدة تأكيد العمل ببرامج المساعدة الفعالة مثل (صندوق التحدي الألفي Millennium Challenge Account ) والسعي حثيثا لعقد اتفاقيات التجارة الحرة والمفاوضات بشأنها. وتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها، وينبغي على الولايات المتحدة المطالبة باجراء اصلاحات من شأنها تعزيز الفعالية والمسائلة للهيئة الدولية لحقوق الانسان والهيئات الاممية الاخرى. ولعل من اكثر الوسائل فعالية للمضي قدما بالاصلاحات هي ربط مطالب محددة بمساعدات مالية اقرها الكونغرس.التخلي عن مبدأ اوباما: اما البديل فهو في اعادة فرض المركز القيادي للولايات المتحدة للدفاع عن الحرية عبر العالم؛ التطبيق الجاد للاصلاحات في السلك الديبلوماسي؛ المشاركة الحكومية في تقنيات الشبكة العنكبوتية وايلاء الأهمية للنشاطات الديبلوماسية التي تتطلب الرعاية؛ تخصيص ميزانيات لوسائل الدفاع العام؛ وباستطاعة الكونغرس ابراز عزمه راهنا على تخصيص موارد كافية للدفاع؛ والدعم المطابق لاقتراح الرئيس في ميزانية الدفاع للعام المالي الجاري من شأنه ان يوفر الحد الادنى المطلوب لتخصيص ميزانيات دفاعية فعالة في المستقبل."وفي دراسة منفصلة اصدرها المعهد عن الاوضاع في مصر، حذر فيها من المتشددين قائلاً "انه ليس مضمونا بان المظاهرات المناهضة للنظام ستؤدي حتما إلى مزيد من الحريات في مصر. فحركة المظاهرات الشعبية في مصر هي تحالف مؤقت بين فئات سياسية مبعثرة لا يجمعها سوى مناهضتها للنظام القائم، حيث قام عدد من التيارات المنضوية تحت لواء هذا الائتلاف الواسع (مثل حركة 6 ابريل) بطرح مطالبهم في خطاب مؤيد للديموقراطية. الا ان بعض القوى ذات الخلفية الاسلامية، فاهدافها غير منسجمة مع تطلعات ديموقراطية حقة، وهناك خطر حقيقي في كون تنظيم الاخوان المسلمين المعادي للغرب، وهو اكبر الاحزاب وافضلها تنظيما، سيكون في مرتبة تؤهله اختطاف الثورة. فحركة الاخوان الآن بلا شك ترى انها امام فرصة ذهبية لاستغلال الحراك السياسي المتصاعد لتغيير نظام مبارك بحكومة مؤقتة يرغب الاسلاميون في السيطرة عليها. وهذا سيشكل كارثة للحرية في مصر، لا سيما وان حركة الاخوان ستسعى لفرض اجندة اسلامية ومناهضة للولايات المتحدة على الشعب المصري."اما معهد كاتو الليبرالي Cato Institute فطالب بدعم تحرك الشعب المصري، واستنتج بالقول "ان حكاما استبداديون مثل مبارك ينزعون لتبني اصلاحات اقتصادية زائفة للتغطية على اجراءاتهم القسرية واطالة أمد الوضع القائم، و في نهاية الامر، فان نظام القمع المعتمد من قِبل النخب الحاكمة لن يستطيع الصمود. وعاجلا قبل آجلا، ينبغي على واشنطن والقاهرة الاقرار وتبني الرغبة الغريزية للشعب المصري في الحرية."بينما عالج مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS الازمة الجارية مطالبا أمريكا ببذل جهود مضاعفة لتفهم مكونات القوى المصرية المختلفة. واستنتج بالقول "فيما يخص الساسة الأمريكيون، ان الولوج في هذه التضاريس المعقدة تستوجب ادراكا معمقا لوضع القوى التي تسيّر الاضطرابات في مصر، وكيفية تطورها المستقبلي. اما التوجه إلى اجراء حملة تدقيق للمسار المصري الداخلي فانه لن يسعف الرئيس اوباما في تجنب اتخاذ قرارات صعبة. لكنها سترسل رسالة قوية لمصر بان التوقعات الأمريكية من العلاقة الثنائية تستند إلى ارضية تفهم قوية في حقيقة الشأن المصري. وانتهاج سياسة أمريكية بهذا الخصوص من شانه تقديم خدمة افضل للمصالح الأمريكية في منطقة تعج بتعقيدات سياسية تثير تحديات متجددة للعلاقات الأمريكية الخارجية. وقد لا تشكل درسا فائق الدرامية من الأزمة المصرية، لكنه قد يكون اكثر ديمومة."وتناول المركز المسألة في بُعدها الاقتصادي وتأثيرها على اسعار النفط، قائلا "ان اغلاق اي من الانشاءات (النفطية المصرية)، حتى ولوبشكل مؤقت، من الجائز انه سيسفر عن ارتفاع في الاسعار المعروضة لانواع محددة من الخامات النفطية ومشتقاتها، على الاقل لحين توفر حجم المخزون الاقليمي (للتعويض عن النقص). اضافة لحقيقة ان خط نفط سومد وقناة السويس يشكلان طريقا اقصر كثيرا واقل كلفة لنقل الامدادات عبر طريق رأس الرجاء الصالح، وتعطل اي منهما سيطيل خطوط الامداد بشكل ملحوظ للناقلات البحرية."وتناولت مؤسسة كارنيغي Carnegie Endowment الوضع المصري لناحية جذور التحرك ونتائجه المتوقعة. واستنتجت بالقول "ان الاحتمالين البارزين على الصعيد المنظور هما اما انقلاب عسكري ابيض او تحالف عريض للقوى المناهضة للنظام وتشكيلها قيادة بديلة. ففي الحالة الاولى، الانقلاب الابيض، قد يلجأ الجيش إلى الاقتداء بالاجراءات الدستورية او قيامه باختيار زعيم جديد. اما في حالة القوى المعارضة، سيسفر الأمر عن بروز زعامة مؤقتة. وفي كلا الحالتين لن يكون الحل نهائيا. ينبغي ان تتوفر فرصة انتقالية سريعة لانجاز اصلاحات دستورية وبرلمان جديد واجراء انتخابات رئاسية. فالوضع بحاجة إلى اصلاحات دستورية معينة لا سيما وان بعض النصوص المتعلقة بالخلافة والانتخابات، مثلا، جرى تصميمها للمحافظة على النظام الحالي ولا تجيز التغييرات."واعربت مؤسسة كارنيغي عن قلقها من تعثر موقف ادارة الرئيس اوباما واللحاق بالتطورات وان الامر قد تجاوز ادخال اصلاحات. واستنتجت قائلة "ان كانت ادارة الرئيس اوباما راغبة في ابداء جديتها باحترام الحريات السياسية والحقوق الانسانية، يتعين عليها تغيير بوصلة توجهها سريعا نحو مصر. عليها المضي قدما بالموقف الأمريكي الراهن الداعي لانتقال منظم وديمقراطي واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، كما عليها الاقلاع عن التلميح بأن رؤيتها تكمن في بقاء مبارك (او نائبه الجديد الذي لا يحظى بشعبية) في الحكم. ويتعين على الولايات المتحدة تشجيع الحكومة المصرية ثنائيا للبدء باجراء مفاوضات فورية مع اللجنة المعارضة التي يرأسها محمد البرادعي. كما يتعين عليها التصريح ضمنا وعلنا بانها تنوي وقف كافة المساعدات الأمريكية ان فشلت الحكومة المصرية بالتفاوض على فترة انتقالية او اللجوء إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين. فاستخدام النفوذ يبدأ الآن. اما الاستمرار في تبني ذات النهج فسيعيد ارتكاب الاخطاء السياسية السابقة وتصاعد التكلفة للمصالح الأمريكية."ويتساءل مركز السياسة الأمنية Center for Security Policy بالتزامن مع المراكز الاخرى "من الذي خسر مصر؟" ويستنتج بالقول "قبل حدوث الهزيمة الوشيكة، يتعين على الكونغرس القيام الفوري باجراء تحقيقات لتبيان ماذا عمل الرئيس اوباما واعوانه لرميهم مصر فريسة للذئاب الاسلامية – وماذا بالامكان عمله بعد للحد من حجم الضرر الذي طال مصداقيتنا كحليف ولمصالحنا الأمنية."ويرى معهد ابحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Research Institute انه يتعين على الولايات المتحدة المضي بدعم النظام الحالي. ويستنتج بالقول "هل الولايات المتحدة مهيئة للرهان بأن مصر ستكون مختلفة؟ وما هي البراهين التي تستند اليها تلك النظرة؟ حينئذ ينبغي التركيز على المضي بدعم النظام المصري بشكل عام، مهما كان الخطاب محملا بمفردات الاصلاح. فالحكام في القاهرة يجب الا يخالجهم اي شك في وقوف الولايات المتحدة إلى جانبهم. وان اقتضت الضرورة لتغيير القيادة او ادخال اصلاحات فهو أمر بوسع الولايات المتحدة تشجيعة من خلف الستار. لكن خطاب اوباما – والذي جاء على نقيض تام لما قام به اثناء الاضطرابات الاخيرة في إيران والتي كان ينبغي عليه دعمها - يذكرنا بشكل خطير بموقف الرئيس الاسبق كارتر عام 1978 فيما يخص إيران. فقد اوحى – علنا وايماءا ان لم يكم متعمدا - بأن واشنطن لا تدعم الحكومة المصرية بعد الآن. وقد صرحت بذلك تلك الحكومة علنا.بفقدانه الثقة بنفسه لمقاومة الاضطرابات، من الجائز انهيار النظام المصري مخلفا وراءه فراغا قد لا يسد بزعامات مناصرة. الامر الذي ينطوي على وضع كارثي للولايات المتحدة والشرق الاوسط. هناك من سيجادل بان حكومة اسلامية مناهضة للولايات المتحدة ومتحالفة مع إيران ومتوثبة لاشعال حرب مع إسرائيل "لن تستطيع" النهوض. الا ان ذلك يعد مغامرة كبيرة بالارتكاز فقط لكلمات ينطق بها البعض ممن ثبت خطأ تقديراتهم سابقا."بينما تناول معهد واشنطن Washington Institute القلق المتنامي حيال استقرار الاوضاع في الاردن. واستنتج بالقول "في هذه اللحظة، يبدو ان النظام الاردني نجا من الازمة. وهناك عدد من المتغيرات الرئيسية ينبغي اخذها بعين الاعتبار تتضمن مدى التفاعل الشعبي مع احداث مصر وجاهزية المتظاهرين لاتخاذ طريق محفوف بالمخاطر في مواجهة مباشرة مع الملك والمؤسسة الامنية. اما في داخل القصر الملكي، فالفزع الذي يطغى على الاهتمامات هو امكانية انتشار السخط بين ابناء الضفة الشرقية، مثلما جرى في مادبا ومعان. وبالعادة فان التنازلات الاقتصادية من شأنها نزع فتيل الشكاوى، اما الاوضاع الاقليمية الراهنة فهي قابلة للاشتعال، وسيكون ضروريا اتخاذ اجراءات اضافية لضمان استمرارية الهاشميين على قيد الحياة."وتناول معهد بروكينغز Brookings Institution الازمة من منظار المخاطر الناجمة عن انضواء الاخوان المسلمين في الحكومة. وقال "بعد القول، سواء بانضمام او استبعاد الاخوان، فان قيام حكومة ديموقراطية ستعكس المطالب الشعبية، والحالة كذلك فان معظم المصريين، علمانيين واسلاميين على السواء، يشتركون في عدائهم المعلن لإسرائيل. وقد ينشأ عن هذا الامر بعض التوتر بين مصر وإسرائيل، لكنه لن يرقى إلى تهديد معاهدة السلام بين الطرفين والتي تم التوقيع عليها ما ينوف عن ثلاثة عقود. ويدرك زعماء المعارضة المصرية ومن كافة الطيف السياسي ان تلك المسألة لا يمكن تجاوزها. وعلى اية حال، فمن المستحيل الالمام بكل شيء في آن واحد. سيكون هناك بعض الميزات ومنها ما يستحق. فمزيد من الديموقراطية في مصر قد يثير المصاعب للولايات المتحدة. لكن ان حاول مبارك التشبث بالسلطة في الاسابيع والأشهر المقبلة – على نقيض رغبات مئات الآلاف من المصريين المصممين على خلعه – فان الولايات المتحدة ستجد نفسها تواجه معضلة اكبر. فالولايات المتحدة ستعاني دوما من "المعضلة الاسلامية." الا انه يمكن السيطرة عليها. فمصر خير مكان للبدء بذلك."اما المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي Jewish Institute for National Security Affairs (JINSA) ينفي أن مبارك شكل حليفا (للولايات المتحدة). وقال "نعد انفسنا كي لا نفاجأ باندلاع موجة عدائية لإسرائيل وللولايات المتحدة بين الحشود في القاهرة. بوسع الولايات المتحدة ان تعتبر مبارك حليفا لها، لكن لدينا شكوك بذلك، وكلما تملكه اليأس، سينقض علينا وعلى إسرائيل في خطوة اخيرة لبقاءه متقدما خطوة على شعبه".