خبر : من خلف الحُراس/بقلم: بن كاسبيت/معاريف 6/1/2011

الخميس 06 يناير 2011 11:39 ص / بتوقيت القدس +2GMT
من خلف الحُراس/بقلم: بن كاسبيت/معاريف   6/1/2011



 حفل الذكرى الرسمي لضحايا مصيبة الكرمل والذي عقد أمس في بيت اورن كان "بالفعل" خلاصة للمستوى الرسمي عندنا. فلا معنى من النفي، إذ أننا نحن نبدو هكذا بالضبط، بالضبط هكذا يبدو مستوانا الرسمي.  أكثر من أي شيء آخر فان هذا محرج. من نوع الاحداث التي تجعلك لا تعرف في اثنائها أين تضع نفسك. فلم يخرج أحد في حالة جيدة من هذه الخيمة في بيت اورن، حيث نصبت امامنا صورة مرآة وحشية للواقع بعريه. بما في ذلك صورة الذروة، التي يقف فيها رئيس وزراء اسرائيل، على مدى دقائق طويلة في وجه مكفهر وشفتين متشنجتين من خلف ظهر حارسين متينين، فينصت بصمت لصرخة اقرباء ثكلى يطالبون بكرامتهم من الدولة وكل ذلك بالبث الحي والمباشر في التلفزيون.  يقال ان الحكيم لا يدخل ورطة الذكي يعرف كيف يخرج منها، ولكن أمس كانت هذه، من ناحية نتنياهو ورطة واحدة اكثر مما ينبغي. المتملص الذي وقع في الشبكة. حتى وقت قصير مضى، امتشق كل الاحابيل وطور كل الحيل كي ينقذ نفسه من لجنة التحقيق في مصيبة الكرمل بحيث أن ليس لديه الان من ينزل عليه باللائمة. لا يزال يوجد هنا غير قليل من الناس الذين يطالبون باجوبة أدق على ما حصل، واقامة سرب الطيران الوهمي لاطفاء النار، بتأخير طفيف كلف حياة العشرات، لا تريح نفوسهم.   لا أجادل أبناء العائلات الغاضبين. فهم في الحقيقة فقدوا الأعز عبثا بلا سبب خاص. من حقهم الغضب للطريقة التي تهرب بها نتنياهو من تحقيق حقيقي للحادثة. ومن حقهم ان يغضبوا لحقيقة ان لا أحد تحمل المسؤولية. ومن حقهم رد المهانة عن نفوسهم. لست على ثقة بأنهم قدموا جميع هذه الأهداف أمس. ومن جهة ثانية سببوا ضررا بنتنياهو. فالرجل الذي يحاول ان يُبعد نفسه عن كل صغيرة من الحرج كالابتعاد عن النار، رئيس الحكومة الذي يحاول ان يكون والد الأمة وموجد الحياة الرسمية، الذي يصالح الجميع ويشتري الجميع ويوافق على كل شيء ويحاول ان يُعايش قانون التهويد وقانون السكن، وجد نفسه أمس، في بث حي في قلب جلبة قبيحة كلفته نقاطا كثيرة. لقد صبوا عليه كل ما تراكم بمرة واحدة. ان من التقى عائلتي ايفن حن وكلاين سرا قبل ساعتين من مقابلة صحفية، والذي استعمل كل أداة ضغط ممكنة لقتل كل مبادرة برلمانية الى تحقيق الكارثة، ومن نجح في التنقل بين التقلبات وحاول أن يصور نفسه بأنه أنقذ الوضع وليس ذاك الذي أحدثه، علق أمس في وضع لم يكن له أي مخرج منه. كل ما بقي له ان يفعل ان يستمر في الوقوف هناك وان يتلقى وألا يواجه وان ينتظر الى ان يمر ذلك. وقد فعل ذلك على نحو غير سيء. لقد طبخ هذه العصيدة لنفسه. لست أعلم لماذا يحارب بهذه القوة انشاء لجنة تحقق في الكارثة. فليس هو الذي أشعل النار في الكرمل. وهو شريك في اخفاق متواصل لحكومات كثيرة. ما كانت لجنة تحقيق رسمية أو حكومية لتفضي الى اسقاطه. كان يستغرق الامر عدة اشهر لاكمال انشائها، وعدة اشهر اخرى حتى يبدأ العمل في التدحرج. واعلم بعد ذلك كم من الوقت يُحتاج اليه من الجلوس بلا عمل حتى نشر الاستنتاجات، التي ما كان أحد ليخرج منها جافا وكان سيُسجل تعادل بين جميع اللاعبين السياسيين. إن حكومة اولمرت ألغت الاطفاء المحمول جوا وأهملت حكومة شارون جهاز الاطفاء بالجملة ولا توجد حكومة تستطيع الهرب من هذه الوصمة. ولا تسقط الحكومات هنا بسبب ذلك. ومن جهة ثانية، عندما تُرى يا بيبي محتالا، ومتهربا لا تكل، تصنع كل شيء للهرب من المسؤولية، وتكون فوق كل ذلك حليفا لايلي يشاي وشاس، فستنتهي الى تلقي كل ذلك على رأسك في التوقيت الأتعب الذي يمكن ان يخطر بالبال كما حدث أمس. للأسف الشديد لم تكن أمس أي قصة اخبارية كبيرة تصرف الانتباه عن الفشل الذريع، ولم يكن من الممكن تنظيم مؤتمر صحفي عاجل في رواق ما وان يُعرض مبادرة جديدة لكف جماح فقاعة العقارات، ولذلك وقفوا هناك ببساطة وتلقوا الامور في هدوء. كم هو مؤسف ان مريام فايربيرغ لم تأت، لانه كان يمكن محاولة القاء هذه القضية عليها. وكانت المهانة ايضا. الضآلة التي تُعرض عليها الحياة الرسمية الاسرائيلية. والخطب المحملة بالكلشيهات المبتذلة للقادة، والأردية والعباءات المنسوجة للحاخامين الرئيسين، والصفوف الاولى المملوءة بالأجلاّء والكبار المحاطين بالحُراس، ومن ورائهم، مع تناقض كبير جدا، الأقرباء الثاكلون ذوو الحداد، في حين يُزحم بين كل اولئك جماعتا إنشاد، وعدد لا يُحصى من الصحفيين والكثير جدا من الصرخات والتعبيرات الشديدة. رأينا داني روزان، زوج اهوفا تومر الراحلة، يتألف اثنين من مراسلي التلفاز ينقضان عليه ببث حي ويضطرهما الى الاصغاء (والى البث ايضا) لاجوبته الطويلة، في حين تتحسس في الخلف يد تقني مجهول وتدس (بغير طلب إذن) سماعة في أذنه المجردة، وكذلك تعالج وتُدير وتنشغل بها دقائق طويلة، وينفجر من ورائه ابن عائلة ثاكل آخر يزعم ان ليس بيبي ولا ايلي يشاي مذنبين بل الشرطة وحدها مذنبة، وفي الخلف أجلاء دروز، ورئيسة المحكمة العليا، ومراقب الدولة يبحثون عن الطريق الى السيارات المكتبية، وكل ذلك كما قلنا آنفا في حدث "رسمي" كان يفترض ان يُعبر عن حِداد منضبط وتعاطف مؤلم، نرى ولا نصدق. اجل أنشدوا نشيد الأمل في النهاية.