"كما لم يكن ليخطر في البال أن ينتمي الجيش أو الشرطة الى السلطة المحلية – كيف نستطيع التسليم لاطفاء محلي؟ كيف يمكن أن نعاني وضعا ينتمي فيه الاطفاء الى تل ابيب ورمات غان وبني براك.. والجهاز القطري الوحيد جسم ضئيل في وزارة الداخلية، يُصدر توجيهات إما ينفذونها وإما لا؟ لماذا لم يكن في بلد صغير كبلدنا جهاز اطفاء قطري، مع قيادة قطرية، ومقر قيادة قطري؟ نحن نتخلف خمسين سنة أو ثمانين، ونحتفظ بنظام كان موجودا في ايام لجنة الجماعة. لماذا لا نُنشيء نظاما حديثا بسيطا؟ تجب مصادرة شؤون الاطفاء كلها من مجال السلطة المحلية. يُحتاج الى جندي قطري وقائد قطري!". لم يُقل هذا الكلام هذا الاسبوع، ولا قبل خمس سنين أو عشر ايضا، عندما "أنذر" الوزراء، وغطوا أنفسهم ومضوا للنوم. قلته في الكنيست في العاشر من حزيران 1968. كنت آنذاك أصغر اعضاء الكنيست سنا، وقررت عندما دخلت الدار أن أفحص من جديد عن جميع المواضعات والترتيبات القائمة في البلاد وأن أقترح اصلاحات عملية في جميع المجالات – من نقل الجنود انتهاءا الى انشاء ادارة قطرية لجميع شواطيء البحر. جعلتني عدة حرائق كبيرة بيّنت عن اخفاقات شديدة أقترح سلاح اطفاء قطري. بدا لي ذلك منطقيا جدا، الى حد أن تساءلت لماذا لم يتم اقتراحه حتى ذلك الحين. وكيف كان يمكن إبقاء الاطفاء في يد البلديات التي تكاد كلها تكون مفلسة على الدوام، وكثير منها فاسدة وتخضع كلها للتواطؤات الحزبية؟. نظر الجهاز السياسي الى اقتراحي وكأنه جنون آخر من ضروب جنون عضو الكنيست الصغير السن المجتهد. إن وسائل الاعلام، التي انفجرت هذا الاسبوع من كثرة الغضب للاخفاق، تجاهلت اقتراحي آنذاك تجاهلا تاما. ولم يحدث شيء كالعادة عندنا. لم تكشف أحداث الحريق في الكرمل فقط عن عجز الجهاز السياسي وفساده، بل عن الأخطار التي تترصد بنا قريبا. كان ما حدث هناك بمثابة عودة عامة للحرب التالية، التي ستجعل بلا شك كارثة الكرمل قزما. ستقع آلاف الصواريخ في جميع أنحاء الدولة وتُشعل الكثير من الحرائق في الآن نفسه. رأينا هذا الاسبوع مبلغ كوننا غير مستعدين لذلك. رأينا مرة اخرى السِمات الاسرائيلية في كامل مجدها ألا وهي – عدم القدرة على التخطيط، والقدرة الوافرة على الارتجال. فمن جهة – الأبطال البسطاء، ورجال الاطفاء ورجال الشرطة ورجال الاسعاف والمواطنون. ومن الجهة الاخرى – جماعة المُخفقين في العرض الانفعالي المسمى "جلسة الحكومة" في طيرة الكرمل. ثم الكثير جدا من الاسباب لمنع الحرب. وأضيف هذا الاسبوع سبب آخر وهو أن الجبهة الداخلية غير مستعدة، ويصعب أن نصدق أن تكون مستعدة ذات مرة. فلن يكون الامر نزهة اخرى في مكان ما في الجبهة البعيدة. وكما قال هذا الاسبوع قائد سوري – لن يكون في الحرب القادمة منتصرون بل ضحايا فقط. بعد 42 سنة من اقتراحي الأصلي أُكرره تكريرا: تنبغي اقامة لا سلاح اطفاء قطري فحسب يرأسه قائد قطري ومقر قيادة قطري بل "وزارة لحماية الجبهة الداخلية" ايضا وعلى رأسها وزير توحد ضمنها الشرطة وسلاح الاطفاء، ونجمة داود الحمراء، وسائر الاجهزة التي ستضطر للعمل معا ساعة الطواريء. لن يتم هذا دون لجنة تحقيق رسمية يرأسها شخص في مستوى اهارون براك أو مئير شمغار. لا نريد لجنة على هيئة لجنة تيركل – بل لجنة تحقيق رسمية حقيقية، مع كامل الصلاحيات، بتأليف تحدده رئيسة المحكمة العليا. وسيضطر الرأي العام الى الاهتمام بأن يتم تنفيذ توصياتها. اذا لم يحدث هذا فان أهوفا تومر الرائعة تكون قد ماتت عبثا ومثلها سائر من احترقوا في هذه الكارثة – من ضحايا حماقة السلطة.