خبر : رب كلمة قالت لصاحبها دعني .. بقلم النائب : فتحي قرعاوي

الجمعة 15 أكتوبر 2010 03:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
رب كلمة قالت لصاحبها دعني .. بقلم النائب : فتحي قرعاوي



 لقد جعل الاسلام للكلام فلسفة خاصة هذه الفلسفة تنطلق من علاقة المؤمن بخالقه سبحانه وتعالى عنوانها ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ) قولا سديدا مع جميع الناس مسلمهم وفاجرهم الا فى مواطن خاصة  عندما تصل درجة استفزاز المؤمن فى ايمانه وعقيدته درجة لايمكن معها الا الرد وبنفس الاسلوب شرط الا يخرج ذلك عن الملة)  لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم )، ولعل فى رد سيدنا ابا بكر على عروة بن مسعود الثقفى مندوحة وهو الذى وصف  اصحاب النبى الذين هم معه بانهم اوشاب وسرعان ما يفرون وينهزمون ،عند ذلك استشاط الرجل الهين اللين سيدنا ابا بكر غضبا فرد على الرجل بشتيمة غاية فى الايذاء اخرست معها لسانه واربكت اركانه ، كل ذلك والرسول الكريم يحضر المشهد ولم يعترض ابا بكر رضى الله عنه. إن موازين الخطاب الشرعى التى حددها الاسلام إنما جاءت لإبراز عظمة هذا الدين وطهارة هذه الرساله، لكن اذا انبرى بعض المسلمين للرد على جهلة الكفار والمنافقين بنفس اسلوبهم فيقدر لذلك قدره على الايكون عادة وديدنا.  ان الشارع الحكيم الذى امر بكف اللسان فيما يؤذى المشاعر ويخدش الايمان والحياء هو نفس الشارع الذى قال ( يا ايها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) وقد يكون اللسان احدى ادوات هذه الغلظة ولكن وفق الشروط الشرعية ....           اوليست الفضائيات والاذاعات وسائل لسانية يمكن استغلالها فى الرد على المرجفين ودحض حججهم بل وهزيمتهم فكريا، اوليست الحرب الاعلامية هى مقدمة للحروب العسكريه، وغالبا فان المنتصر اعلاميا يكون منتصرا عسكريا. ان المسلم اليوم وقد سلبت منه أدوات دفاعه عن نفسه يملك لسان حق احد وامضى من السنان، بل واشد ايلاما من الكثير من الادوات المادية الاخرى. ان الباطل الذى لم يتعود على الحرب الاعلامية مع الحق، وتعود دائما ان يكون هو الاعلى فى كل شىء، فينظر فيرى ان الحق قد ارتفع صوته فى ابرازمساوىْ هذا الباطل فيهيج ويضطرب ويخبط خبط عشواء فتراه يقيم الدنيا ولا يقعدها ذلك لأن بنيانه هش وقواعده ليست على اساس.   لقد راينا النبى الكريم عليه السلام وهو يخوض مع الكفار معركة الفكرة والكلمة وكان شعر حسان اشد عليهم من كل ادوات الحرب  فكان عليه السلام يسر بذلك سرورا عظيما ويحرض حسان قائلا اهجهم وروح القدس فداك !! ان الاسلام العظيم لم يغلق ابواب الفكر والاجتهاد على اتباعه ، وذلك احتراما لعقل الداعية واكراما لفكره، ورغم ذلك حدد الاسلام أي اجتهاد برباط الشرع.   نستمع لكثير من خطابات السياسيين واصحاب الشأن المناهضين للفكرة الاسلامية فلا نلمس في خطاباتهم الا الكلام الممجوج والايذاء وحتى الشتم للافراد والقيادات، هذه الخطابات التي تتنافى مع ما الفه الناس من سمات الخطاب الجماهيري فتثير الاشمئزاز في نفوس الناس وسرعان ما تنعكس على هذا المتحامل او المتحدث الذي لم يتقن الا فن الشتم ان الانتصار للذات في الخطاب او الحديث او حتى الكتابة السياسية لمجرد الانتصار للذات انما هو سمة مرضية بحاجة الى علاج سريع، حتى اذا استفحلت فانها تودي بصاحبها الى ما لا تحمد عقباه على المستوى الشخصي، ولذلك فإن على ابناء الحركة الاسلامية اليوم عدم الانجرار الى لغة الخصم والمعاملة بالمثل لان معنى ذلك ان يكون الجميع في مربع واحد ولا فرق (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً)   ان انتصارنا لديننا ولفكرتنا هو رأس مالنا، دفعنا في مقابل هذا الانتصار العديد من الشهداء من خيرة الخيرة، وهل كان سيد قطب واخوانه الا شهداء كلمة وفكرة، وهل كان الرنتيسي واخوانه الا شهداء موقف، وقائمة شهداء الفكرة والموقف والكلمة تطول وتطول مما يجعل الحركة الاسلامية هي الرائدة في الدفاع عن الفكر وحرية الكلمة مهما كان الثمن. ولذلك كان من فقه النبي – عليه السلام – في الفتن : ( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ) ، أمسك عليك لسانك عند الفتن الا من ذكر وتسبيح وقولة حق فيما يرضي الخالق ويثبت المخلوق.   لقد اشتهرت في بغداد مدرسة فريدة من نوعها هي مدرسة الصمت والتي كان امامها احمد بن حنبل امام اهل السنة والجماعة والتي كان عنوانها حديث المصطفى عليه السلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فيلق خيرا او ليصمت )، الا ان هذا الامام الصامت كان صخرة صلبة وصوتا مجلجلا يزأر في الدفاع عن السنة حتى ذاق الويلات، فقد ورد في بعض الاخبار ان احمد بن حنبل كان يضرب على كل وجبة الف سوط، فبصمته اسس لنا فهما خاصاً متى يكون الصمت، وبصوته العالى المجلجل اسس لنا مدرسة في كيفية الدفاع عن الحق، وهكذا سار على هذا النهج وما زال الصادقون من اصحاب مدرسة السنة والجماعة. ان الخطابة والكتابة والحديث والردود لها قواعد سامية وعظيمة تميزت بها امة الاسلام قائمة على اساس النية الصادقة في كل قول او عمل، فإذا اكتملت تلك القواعد الشرعية فبعد ذلك قل ما شئت واكتب ما شئت وارفع صوتك متى شئت ولا تخش في الله لومة لائم، واياك والهوى المتبع والشح والمطاع والدنيا المؤثرة والاعجاب بالرأي.   ان الحركة الاسلامية اليوم تمتلك كفاءات عظيمة في كافة الفنون اللسانية، وهذه دعوة لتوحد الخطاب اتجاه هدف فضح الباطل وكشف زيفه ولا نذهب بعيدا الى معارك جانبية في قضايا فرعية لا تسمن ولا تغني من جوع.