خبر : دولة في منتصف الطريق/بقلم: د. فرايم لافي/هآرتس 31/8/2010

الثلاثاء 31 أغسطس 2010 03:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
دولة في منتصف الطريق/بقلم: د. فرايم لافي/هآرتس 31/8/2010



 يحسن ان نذكر مع تجديد المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين انه قد انقضت في هذه الايام سنة كاملة على خطة حكومة سلام فياض: "فلسطين – انهاء الاحتلال واقامة الدولة". هدف الخطة اقرار حقائق في الميدان، تمكن من انشاء دولة فلسطينية في الواقع بعد نحو من سنة، حتى ان لم يحرز تقدم في التفاوض. بعد مرور سنة، أصبحت انجازات فياض مرئية: فحكومته تعمل في شفافية وتنجح في تقديم خطط تطوير اقتصادية واجتماعية. والانطباع أن فياضا نجح في أن ينشىء في الضفة الغربية محيطا مريحا من الأمن والاستقرار الضروريين للأعمال والاستثمارات، ونجح في اجتذاب المستثمرين الاجانب. صورة الوضع هذه التي يصحبها رسائل واضحة عن التخلي عن طريق الكفاح العنيف، تفضي بالجماعة الدولية الى الاستمرار على تأييدها للسلطة الفلسطينية. يواجه فياض وخطته تحديات من الخارج والداخل. فتحقيق الخطة متعلق بالمساعدة الاجنبية؛ وليس للسلطة سيطرة كاملة على النشاط الاقتصادي في الضفة؛ والشقاق الاجتماعي – السياسي – الجغرافي يثقل على انشاء بنية حكم موحدة في الضفة والقطاع؛ والتأييد العام السياسي لفياض محدود، وهو يلقى معارضات من مسؤولين كبار في فتح. يواجه فياض الان هذه التحديات جيدا. وتحظى انجازاته بتقدير الجماعة الدولية، ولا تستطيع اسرائيل معارضة الخيارات التي تساوق دعوة بنيامين نتنياهو الى "سلام اقتصادي". ويحرز فياض أيضا هدفه المعلن في الداخل: فهو يغرس في أبناء شعبه الثقة بأنهم يستطيعون أن يقدموا استقلالهم بأنفسهم. ويبني فياض لنفسه بالتدريج قاعدة قوة عامة – سياسية، بتأييد للنضال الشعبي لجدار الفصل وقيادة القطيعة مع منتوجات المستوطنات. يبرهن فياض بطريقته للجمهور الفلسطيني على أن خطة الدولة بالفعل تحرز انجازات وأنها أجدى من جميع صور النضال الفلسطيني التي جربت حتى اليوم. وهكذا، وبرغم التشاؤم الزائد بالمسيرة السياسية، يوجد عند الجمهور رغبة في الحفاظ على الانجازات. لهذا لا يوجد الان انجرار الى العنف. برهن الفلسطينيون لانفسهم وللجماعة الدولية، في تحقيق الخطة حتى الان، على أنهم قادرون على تحمل المسؤولية عن كل منطقة يسيطرون عليها. ومعنى ذلك ان اسرائيل لن تستطيع أن تزعم أن الفلسطينيين غير ناضجين لانشاء دولة والسيطرة عليها. منحت خطة فياض السلطة الفلسطينية أمد البقاء الذي تحتاجه خاصة ازاء عدم وجود مسيرة سياسية. لكن هذا البقاء قد يتبين أنه كاذب، اذا لم تحرز تسوية سياسية تمكن الفلسطينيين من بناء أسس دولتهم وراء المنطقة أ ايضا. السيناريو الذي يلوح، من جهة سياسية ليس الاعلان من طرف واحد بانشاء دولة في صيف 2011 أو التوجه الى المواجهة العنيفة، بل الجهد لاستلاب اسرائيل ان تقرر وحدها مصير المناطق ومستقبل الفلسطينيين. مقصد محمود عباس وفياض المعلن هو الافضاء بالجماعة الدولية، في حالة عدم وجود تسوية مع اسرائيل، الى الاعتراف النظري بدولة الفلسطينيين الفعلية في حدود 1967، على أساس قراري الأمم المتحدة 242 و 338. على اسرائيل ان تعترف بأن خطة فياض تحولت من احادية الطرف الى متعددة الاطراف لان خطة "دايتون" الامريكية لبناء قوات الأمن الفلسطينية جزء منها، وكذلك ايضا المشروعات في مجالات الاقتصاد والمجتمع التي تنفق عليها الدول المانحة. تريد الجماعة الدولية ان تكون مشاركة في صوغ المستقبل السياسي في المنطقة. إن اعلان الرباعية في آذار هذا العام، الذي يخط خطوطا عامة للتفاوض في التسوية الدائمة ويمتدح خطة فياض، أصبح، الى جنب اعلان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، أساسا لتجديد المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين.  لا ينبغي لاسرائيل ان توهم نفسها بأن "السلام الاقتصادي" بديل من السلام. إن الامكان المعقول، والذي يقول أن الدولة الفلسطينية ستكون في غضون بضع سنين حقيقة واقعة، يجب أن يكون عاملا حافزا الى التقدم العملي في المسيرة السياسية. تقتضي مصلحة اسرائيل أن تكون اقامة الدولة الفلسطينية نتاج التفاوض، لا تطورا يفرض عليها. بعبارة أخرى، يجب على اسرائيل أن تختار أتنشأ الدولة الفلسطينية عن الصراع والمواجهة أم عن مسار مصالحة. سيكون لهذا الأمر تأثير حاسم في صورة العلاقات التي ستسود في المستقبل بين دولة اسرائيل ودولة فلسطين.