خبر : استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين المصاعب التي على الطريق/بقلم: شلومو بروم /نظرة عليا* 30/8/2010

الإثنين 30 أغسطس 2010 04:45 م / بتوقيت القدس +2GMT
استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين المصاعب التي على الطريق/بقلم: شلومو بروم /نظرة عليا* 30/8/2010



أعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بان المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين ستستأنف في 2 ايلول 2010. وستدشن المحادثات في لقاء في واشنطن يشارك فيه رئيس الوزراء نتنياهو، رئيس السلطة الفلسطينية عباس والرئيس اوباما. كما دعي الى اللقاء الرئيس المصري مبارك، الملك الاردني عبدالله، ومبعوث الرباعية طوني بلير. بعد اللقاء الاولي ستنتقل الاطراف الى محادثات مباشرة بدور امريكي نشط تعقد في الولايات المتحدة او في المنطقة نفسها. وبالتوازي نشر ايضا بيان للرباعية. لقد اتيح استئناف المحادثات المباشرة بعد ضغط شديد مارسته الولايات المتحدة على عباس للتنازل عن الشروط الثلاثة التي طرحها لاستئناف المحادثات. وكان الشرط الاول أن تجري المحادثات وفقا لمبادىء تتقرر مسبقا وتتناول العامل الاقليمي للاتفاق. فقد طلب عباس أن يتقرر بان يكون الحل على اساس حدود 67 مع تبادل محدود للاراضي في حجم متساوٍ. الشرط الثاني كان تحديد جدول زمني للمفاوضات، والشرط الثالث كان تمديد التعهد الاسرائيلي بتجميد الاستيطان بعد أن ينقضي مفعوله في 26 ايلول. صيغة البيانين لوزيرة الخارجية والرباعية جاءت ضمن امور اخرى للتسهيل على عباس الموافقة على استئناف المحادثات من خلال تقليص الثمن السياسي الذي سيدفعه في الجمهور الفلسطيني في أعقاب ما اعتبر خضوعا للضغط الامريكي والاسرائيلي، ولكن يبدو ان من ناحية عباس مشكوك أن يكون البيانان حققا هذا الهدف. فهو يتعرض منذ الان لهجوم في الساحة الفلسطينية الداخلية على "استسلامه" وكذا داخل حزبه، فتح، لا يتمتع قراره بدعم كبير. ليس واضحا اذا كانت الادارة الامريكية نقلت أي وعود للفلسطينيين للسماح ببدء المحادثات واذا ما نقلت هذه حقا، فما هي. في بيان كلينتون ورد عنصران كانا هامين لعباس، وان كانا قيلا بشكل ملطف. الاول تناول الجدول الزمني وأعرب عن الامل في أن تصل المحادثات الى ختامها في غضون سنة واحدة. اما الثاني فتناول الدول الفاعل للولايات المتحدة في المحادثات. في وسائل الاعلام العربية كانت تقارير لم تؤكد بموجبها اعطى الرئيس اوباما للفلسطينيين ضمانات بان يقوم الحل الاقليمي على اساس حدود 67 ويتضمن تبادل للاراضي محدود ومتماثل. كما قيل عن ذلك ان الامريكيين سيكونون مستعدين لان يتقدموا باقتراحات جسر يعربون فيها عن مواقفهم. يحتمل أيضا أن يكون الامريكيون وعدوا عباس بانه اذا وافق على الانتقال الى محادثات مباشرة، فسيكون بوسعهم اقناع نتنياهو بان يستمر التجميد للاستيطان بحكم الامر الواقع حتى لو لم تكن هناك تصريحات علنية. وتبدأ المحادثات في وضع توقعات كل الاطراف فيه منخفضة جدا بالنسبة لفرص نجاحها، حتى لو اعتقدت الادارة الامريكية ورئيس الوزراء نتنياهو بانه يجدر اطلاق عدة تصريحات متفائلة. يبرز بينها تصريح نتنياهو بان الفلسطينيين سيفاجأون بعروضه. يوجد في هذا التصريح تلميح باستعداد أكبر من جانبه للسير نحوهم. منذ بداية المحادثات توجد عدة عراقيل يتعين على الاطراف التغلب عليها اذا كانوا يرغبون في منع تفجير مبكر للمحادثات. العائق الاول هو الموافقة على ترتيب المباحثات. في الوقت الذي وافق فيه الفلسطينيون على الاقتراح الامريكي للبدء بالحديث عن الامن والموضوع الاقليمي بالتوازي، يطالب نتنياهو بالبدء في البحث في الامن وفي الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. وهو يشترط الانتقال الى البحث في المواضيع الاخرى بالاتفاق في هذه المجالات. معقول انه اذا اصر نتنياهو على هذا المطلب، فان المحادثات ستتوقف من بدايتها، والولايات المتحدة ستقف في هذا الموضوع الى جانب الفلسطينيين. الموضوع الثاني هو استئناف البناء في المستوطنات. فقد أوضح الفلسطينيون بشكل لا يقبل التأويل على وجهين بان استئناف البناء في المستوطنات سيؤدي الى وقف المحادثات. معقول أنه اذا حاولت الولايات المتحدة الوصول الى تفاهم مع اسرائيل على استمرار تجميد البناء باستثناء المستوطنات القريبة من الخط الاخضر، بما فيها الاحياء اليهودية في القدس. بالمقابل فان استمرار التوسع الاستيطاني في الاحياء العربية في القدس سيؤدي على نحو شبه مؤكد الى وقف المحادثات. كما أنه ليس واضحا اذا كان الفلسطينيون سيقبلون بحل وسط يسمح بالبناء حتى في قسم من الاماكن. يحتمل أنه في وضعه السياسي الحالي فان السيناريو الاسهل لعباس هو السيناريو الذي يوقف فيه المحادثات بسبب البناء في المستوطنات. اذا لم يحصل هذا، فالمعنى هو أن القرار باستئناف المحادثات أجل فقط لفترة زمنية قصيرة الازمة التي كانت متوقعة في ايلول.للوهلة الاولى، بدء المحادثات بدون شروط مسبقة هو انتصار سياسي لرئيس الوزراء الذي نجح في لي ذراع عباس والحفاظ في ذات الوقت على ائتلافه موحدا. حزب العمل لا يمكنه أن يهدد بالانسحاب بسبب الجمود السياسي، وهو لم يقدم أي تنازل من شأنه أن يغضب شركائه في الائتلاف من اليمين. السؤال هو هل في كل ما يتعلق بالمفاوضات نفسها لا يعتبر هذا سوى انتصار بيروس (اشبه بالهزيمة او مقدمة لها). اسرائيل جرت الى هذه المحادثات شريكا ضعيفا ومهانا. مجرد دخوله الى المحادثات في هذه الشروط تضعفه سياسيا وتسحب منه الشرعية في الجمهور الفلسطيني. مفاوض ضعيف غير قادر على الوصول الى حلول وسط في المواضيع الحساسة. اضافة الى ذلك، فان التقدير المعقول هو أن المواقف الاولية لنتنياهو بعيدة عن المواقف التي سبق أن عرضها رئيس الوزراء السابق اولمرت على الفلسطينيين، وعليه فان الفوارق بين مواقف الطرفين الان أوسع مما كانت قبل سنة ونصف السنة. يفهم من ذلك ايضا أنه اذا لم تتوقف المحادثات في بدايتها، فان الاحتمال في أن ينجح الطرفان في جسر الفجوات في مواقفهما في غضون سنة يبدو شبه خيالي. على هذا الافتراض سيتعين على الاطراف الثلاثة، اسرائيل، الفلسطينيين والولايات المتحدة، ان يفكروا أيضا بامكانيات اخرى. لدى الفلسطينيين سيطرح مرة اخرى خيار اقامة دولة فلسطينية بشكل احادي الجانب باسناد دولي. يحتمل أيضا أن في هذا الوضع الطريق الواقعي الوحيد الذي سيخدم الاطراف الثلاثة سيكون العودة الى مسار خريطة الطريق والنظر في حل انتقالي لاقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. وذلك، حين بالتوازي تتواصل المفاوضات على الاتفاق الدائم استنادا الى الفرضية بان الوصول الى اتفاق دائم يتطلب زمنا أكبر ويحتمل أيضا أن يكون منوطا بتغييرات سياسية في الطرفين. مسألة اخرى تتعلق بدور الولايات المتحدة في المحادثات المباشرة. من جهة انعدام الثقة بين الطرفين يستوجب تدخلا امريكيا نشطا يمكنه أن يجد تعبيره ايضا في اقتراحات الجسر. من جهة اخرى بالذات بسبب هذا الانعدام بالثقة وتقدير الطرفين بان المحادثات قد تفشل هناك خطر في أن يزيد التواجد الامريكي في المحادثات ميل الطرفين للحديث الى الطرف الامريكي وليس كل واحد الى الاخر. هدف الطرفين سيكون في هذه الحالة بالاساس اقناع الامريكيين بان الذنب في الفشل المتوقع يجب أن يلقى على الطرف الاخر. في كل الاحوال المعنى هو أن الفريق الامريكي الذي سيكون ضالعا في المحادثات سيتعين عليه أن يشق طريقه بحذر شديد كي لا يساهم في افشالها.