خبر : محللون اسرائيليون بعد 5 سنوات على الانسحاب من غزة: فك الارتباط خطير لكنه أقل خطورة من أي خيار آخر

السبت 14 أغسطس 2010 05:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
محللون اسرائيليون بعد 5 سنوات على الانسحاب من غزة: فك الارتباط خطير لكنه أقل خطورة من أي خيار آخر



القدس المحتلة / سما / كان من المفترض أن يؤدي الانسحاب الذي أعلنته إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة قبل خمس سنوات، وهو ما يعرف بالتعبير الاسرائيلي باسم "فك الارتباط" الى "تشكيل صورة المستقبل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، وفقا لتصريحات مسؤول اسرائيلي.   وقال أحد كبار المستشارين السياسيين وهو إيفال غلعادي، إنه كان من المفترض قبل الانسحاب بأسابيع قليلة أن يصب الحدث في مصلحة إسرائيل ويفيد الفلسطينيين في الوقت نفسه. لكن منظور الكثيرين لنبرة التفاؤل التي سادت كلمات غلعادي بات محل جدل الآن بعد كل تلك الأحداث التي أعقبت الانسحاب.   بالنسبة الى من أيدوا فكرة الانسحاب بين الإسرائيليين، كانت غالبيتهم العظمى تتوقع آنذاك أن يخضع قطاع غزة في غضون خمسة أعوام من الانسحاب لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي ترفض باستمرار المطالب الدولية بأن تنبذ العنف وتعترف بحق إسرائيل في الوجود.   ولم يكن الفلسطينيون الذين ابتهجوا لرحيل الإسرائيليين وإنتهاء حقبة من الاحتلال دامت 38 عاما، يتصورون أن ينتهي بهم الحال في قطاع محاصر تحكم إسرائيل قبضتها على كل معابره، علاوة على إغلاق مصر للنافذة الوحيدة لقطاع غزة التي يطل منها علي العالم العربي.   وبعد ان مرت خمس سنوات الآن، ما زالت قضية القطاع تمثل مشكلة لإسرائيل. وباتت اسباب الحصار على القطاع، والذي فرض بعد اسر جندي إسرائيلي في حزيران (يونيو) 2006، واهية مع تزايد الضغوط لرفعه.   وتدعي إسرائيل انها خففت قبضة الحصار، وسمحت بدخول أنواع مختلفة من البضائع المدنية، مع إبقاء الحظر على دخول الأسلحة ومواد أخرى ترى أنها تصلح لتصنيع أسلحة.   لكن الحصار ما زال مفروضا. وكلما طالت المدة كلما زادت حدة السخط الذي تواجهه إسرائيل، مضافا إلى ذلك هجومها الدموي على قافلة المساعدات التي كانت تحاول فك الحصار في أيار (مايو) الماضي، والتي أردى فيها عناصر كوماندوز من البحرية الإسرائيلية تسعة نشطاء أتراك.   وإذا كان الانسحاب من القطاع هو السبب في ظهور معضلة غزة التي تواجهها إسرائيل حاليا، فإنه أيضا وضع صياغة للمستقبل ولكن بطريقة لم يكن من خططوا للانسحاب في المقام الأول يتخيلونها.   وكما أخلت إسرائيل مستوطناتها في قطاع غزة، فقد انسحبت أيضا من أربع مستوطنات نائية شمال الضفة الغربية، خلال الأشهر القليلة التي أعقبت الانسحاب. بل إن الفكرة طرحت نفسها خلال الحملة الانتخابية أوائل عام 2006. الا ان تزايد إطلاق الصواريخ من القطاع على جنوب إسرائيل، وخوض إسرائيل حربا مريرة مع حزب الله صيف 2006، اسقطت فكرة الانسحاب من الحسابات الإسرائيلية.   وكانت إسرائيل أعلنت انسحابها بشكل أحادي عام 2000 من منطقة في جنوب لبنان أطلقت عليها المنطقة الآمنة والتي احتلتها عام 1978. وقام حزب الله المدعوم من إيران بملء الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الإسرائيلية.   وظهرت مخاوف من تكرار نفس الوضع ­بأن يملأ المسلحون الإسلاميون الفراغ الذي يخلفه الانسحاب الإسرائيلي ­بالنسبة الى قطاع غزة عام 2007 عندما فرضت "حماس" سيطرتها على القطاع بشكل كامل.   ويستدل معارضو فكرة الانسحاب بانتخاب "حماس" بعد ذلك والهجمات الصاروخية التي شنتها "حماس" من غزة صوب المدن الإسرائيلية، كسبب لاعتراضاتهم الأصلية على أي خطة للانسحاب قبل إبرام اتفاق سلام.   ويجدر بالذك أن القوميين الإسرائيليين المتطرفين لم يوافقوا على خطة الانسحاب من البداية. وعززت هذه الشكوك، التي يؤيدها بعض أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الراهن، المخاوف التي تنتاب معظم الإسرائيليين، من أن أي انسحاب آخر أحادي الجانب، من الضفة الغربية سيحولها إلى منصة أخرى للهجمات الصاروخية على كثير من المدن الإسرائيلية المجاورة والمكتظة بالسكان.   غير أن آخرين يرون أن الدرس المستفاد ليس هو ان تتجنب إسرائيل القيام بالمزيد من عمليات "فك الارتباط" بل أن تفعل ذلك بطريقة مختلفة.   ويقول المحلل الإسرائيلي آري شافيت: "الدرس(المستمد) من فك الارتباط الاول، هو ضرورة أن يتم فك الارتباط الثاني بشكل مختلف"، مقرا بأن الايام اثبتتصحة تنبؤات الجناح اليميني بشأن قطاع غزة بعد الانسحاب.   ويرى شافيت أن الحل يكمن في عدم انسحاب إسرائيل من دون دعم دولي، وفي غياب تفاهمات واضحة مع المعتدلين من الجانب الفلسطيني ومن دون التأكد من رد حقيقي علي التهديدات الصاروخية.   وكتب شافيت في صحيفة "هآرتس" اليومية: "في النهاية لن يكون هناك خيار آخر.. فك الارتباط أمر خطير..لكنه أقل خطورة من أي خيار آخر".