حسب بحث شامل اجري في جامعة حيفا، ونشرت نتائجه في "هآرتس" أمس، فقد طرأ في العقد الاخير تآكل بمعدل 33 في المائة في ثقة الجمهور الاسرائيلي تجاه المحكمة العليا. التردي في الثقة بجهاز المحاكم بشكل عام كان أكثر حدة، وفي اوساط الاصوليين والمستوطنين عدد المشككين يفوق بكثير عدد المؤمنين. النتائج هي صافرة انذار لكل من يحرص على مستقبل الديمقراطية في اسرائيل، والتي يقوم وجودها على جهاز قضاء مستقل وقوي. من السهل تعليق انعدام الثقة الجماهيرية بعوامل مثل التسويف في ادارة الاجراءات في المحاكم، او في خيبة الامل من نتائجها. ولكن هذه تفسيرات سهلة اكثر مما ينبغي. المسؤولون الرئيسون على تآكل المكانة العامة للجهاز القضائي هم السياسيون، الذين تآمروا بتصميم على تحطيمه. الهجوم السياسي يجري في عدة مستويات. الحكومة تتملص من قرارات حاسمة موضع خلاف او تتخذ قرارات تنبع من مصلحة سياسية ضيقة ولا تصمد امام اختبار المساواة، مثل اعطاء مخصص ضمان دخل لطلاب الدين والقرار الحاسم ينتقل الى بوابة محكمة العدل العليا، بحيث ان القضاة الذين يقررون، حسب القانون – هم الذين يتعرضون الى الانتقاد الجماهيري من القطاعات خائبة الامل، بدلا من أن يتعرض لذلك السياسيون. في السنوات الاخيرة تجاهلت الحكومة على نحو تظاهري عدة قرارات لمحكمة العدل العليا وبرز سياسيون كبار في التشهير بالمحاكم. كان بينهم متهمون باعمال جنائية، من اريه درعي وحتى ايهود اولمرت ممن سعوا الى ردع محققيهم، مدعيهم وقضاتهم، وكان هناك وزراء عدل مثل حاييم رامون ودانييل فريدمان ممن كانوا يرغبون في اضعاف الجهاز القضائي وشهروا به في كل مناسبة. السياسيون الحريديون – الاصوليون شددوا استفزازهم ضد محكمة العدل العليا ووصلت الامور ذروتها في مظاهرة الاحتجاج لنائب وزير التعليم مئير بوروش امام السجن الذي سجن فيه الاهالي من عمانويل. ولكن بنيامين نتنياهو رد بلغة هزيلة وابقى بوروش في منصبه، مطلقا بذلك الاشارة بان سلامة الائتلاف أهم في نظره من احترام المحكمة العليا. نتنياهو ورفاقه في الحكومة ملزمون بان يصحوا وان يعطوا جهاز القضاء الاسناد الحيوي لادائه السليم – في تنفيذ قراراته وفي شجب المحرضين ضده. كل سلوك آخر سيعمق فقط الشرخ ومن شأنه أن يؤدي الى خراب النظام الديمقراطي في اسرائيل.