مؤتمر استطلاع ميثاق منع نشر السلاح النووي اتخذ في نهاية الاسبوع قرارا يدعو اسرائيل الى الانضمام الى الميثاق، وهذه خطوة تستوجب منها السماح برقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المفاعل النووي في ديمونا وعلى كل منشآتها النووية. كما يتضمن القرار ايضا خطة لتحويل الشرق الاوسط الى منطقة منزوعة من السلاح النووي وغيره من اسلحة الدمار الشامل. وقد اتخذ القرار بالاجماع من 189 دولة عضو في الميثاق، بما فيها الولايات المتحدة، ممن شاركت في المؤتمر الذي اختتم يوم الجمعة بعد شهر من المداولات. وأعلنت اسرائيل أمس بانها لا تعتزم تطبيق قرار المؤتمر. ففي بيان نشره مكتب رئيس الوزراء تم التشديد على أنه "في ضوء الطابع المشوه للقرار، فان اسرائيل لن تشارك في تطبيقه". هذا ومن المتوقع لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يلتقي يوم الثلاثاء بالرئيس الامريكي براك اوباما في البيت الابيض وان يطلب منه توضيحات بشأن موقف بلاده بالنسبة للقرار. وحسب موظف اسرائيل كبير، سيطلب نتنياهو من اوباما ضمانات بان تمتنع الولايات المتحدة عن اتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن كانعقاد مؤتمر دولي لتجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون لصحيفة "هآرتس" أول أمس ان مشروع القرار بفرض عقوبات اخرى على ايران سيطرح في أقرب وقت ممكن على البحث في مجلس الامن للمنظمة. وفي جوابه على سؤال ما الذي سيأتي أولا: البحث في الصيغة المحتملة لمشروع السلام الامريكي بين اسرائيل والفلسطينيين ام مسألة النووي الايراني، كان بان واضحا وضوحا لا لبس فيه: "توجد أولولية للمسألة الايرانية". وجاءت اقوال بان لمراسل "هآرتس" في اثناء وجبة غداء دعا اليها الرئيس البرازيلي لويش انسيو مسيلفا، رؤساء الوفود الى مؤتمر "الحلف الثقافي" بمن فيهم رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان. صيغة القرار الذي اتخذه في نهاية الاسبوع مؤتمر الاستطلاع هي مبادرة من مصر التي تقف على رأس كتلة من 110 عضو من منظمة "دول عدم الانحياز". ولم تشارك اسرائيل في المؤتمر لانها ليست عضوا في ميثاق منع نشر السلاح النووي. وقد اتخذ القرار رغم محاولات الامم المتحدة تلطيف حدته، ولكن واشنطن اضطرت في نهاية المطاف الى الموافقة على الاملاء المصري وكتلة عدم الانحياز، الذين هددوا اذا لم تقر الصيغة النهائية فانهم سيستخدمون حق النقض الفيتو على الوثيقة الختامية مما سيؤدي الى افشال المؤتمر. الوثيقة، التي تقع في 28 صفحة، تتحدث أيضا عن انعقاد مؤتمر تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي في 2012 وعن تعيين منسق خاص ستكون مهمته الاتصال مع كل ذوي الشأن لدفع اهداف المؤتمر الى الامام. رعاة فكرة المؤتمر الاقليمي بالتجريد هم الولايات المتحدة، روسيا وبريطانيا وهم الذين سيعينون المنسق. ويفترض أن يشارك في المؤتمر كل دول المنطقة، بما فيها ايران. هذه الحقيقة يمكنها أن تكون احد العوائق في الطريق الى انعقاد المؤتمر لان هناك شكا كبيرا في أن توافق ايران على الجلوس على طاولة واحدة مع ممثلي اسرائيل رغم أنه في مؤتمر التجريد العالمي من السلاح النووي الذي انعقد في القاهرة في كانون الاول في الماضي، شارك ممثلون من ايران ومن لجنة الطاقة الذرية لاسرائيل، بل وتبادلوا الاحاديث. هذا ورحب الرئيس الامريكي أمس بقرار المؤتمر وقال ان الاتفاق يتضمن "خطوات متوازنة وعملية تدفع الى الامام منع انتشار السلاح النووي واستخدام الطاقة الذرية لاهداف سلمية". ومع ذلك فقد اشار اوباما الى أنه يعارض بحزم عزل اسرائيل في هذه المسألة وسيعارض كل فعل يعرض أمنها للخطر. وقال: "الخطر الاكبر لمنع انتشار السلاح النووي في الشرق الاوسط والميثاق هو الا تفي ايران بتعهداتها في اطار الميثاق". أما مستشار الامن القومي للبيت الابيض، الجنرال جيمس جونز فقال في بيان اصدره ان القرار للتركيز على اسرائيل "عديم المبرر". في الوثيقة الختامية للمؤتمر تظهر ايضا دعوة الى الهند والباكستان، اللتين تحوزان سلاحا نوويا، للانضمام هما ايضا الى الميثاق، كما تذكر فيه كوريا الشمالية، التي انسحبت قبل بضع سنوات من الميثاق وفجرت منشأتين نوويتين. مؤتمر الاستطلاع، الذي ينعقد مرة كل خمس سنوات لتحسين الميثاق، يدعو أيضا كل دول العالم للانضمام الى الميثاق والدول التي سبق أن انضمت يدعوها الى اقراره. اسرائيل وقعت على هذا الميثاق ولكنها لم تصادق عليه. بنود اخرى في الميثاق تعنى بالحاجة الى تقدم فكرة نزع السلاح النووي من العالم. ولكن طلب ايران وبعض دول عدم الانحياز وغيرها تحديد تاريخ هدف للعام 2025 لم يقبل بسبب معارضة الولايات المتحدة. ومع ذلك، فان الوثيقة الختامية يمكن أن تعتبر نجاحا لانها تدفع الى الامام بالمواضيع الثلاثة المركزية التي تقبع في أساس سياسة الرئيس الامريكي: تقليص انتشار السلاح النووي في العالم، زيادة قدرات الدول على الوصول الى التكنولوجيا النووية لاهداف سلمية وتوثيق الرقابة على المنشآت النووية في العالم. ممثلو مجموعة الدول العربية، وعلى رأسهم السفير المصري الى الامم المتحدة، مجد عبد العزيز، لم يخفوا رضاهم من نجاحهم المثبت بالتأثير على صيغة القرار النهائي. وقد اعترفوا في احاديث خاصة بانه راضين جدا عن انهم تمكنوا من "اخضاع" الولايات المتحدة واجبارها على الانضمام الى الدعوة العامة لاسرائيل للانضمام الى الميثاق. رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يلتقي يوم الثلاثاء القادم في البيت الابيض الرئيس الامريكي اوباما سيطلب ايضاحات بشأن موقف الولايات المتحدة من مطلب اللجنة فرض الرقابة الدولية على المنشآت النووية لاسرائيل. وحسب موظف اسرائيلي كبير، يطلب نتنياهو ضمانات بان تمتنع الولايات المتحدة عن اتخاذ خطوات عملية في هذا الشأن. في القدس توجد خيبة أمل جديدة من السلوك الامريكي في الايام الاخيرة حول البيان الختامي للمؤتمر في نيويورك. ووصف موظف اسرائيلي كبير السلوك الامريكي بانه "خضوع وانثناء". وحسب هذا المسؤول، فقد أدارت اسرائيل اتصالات مكثفة مع الادارة في الايام الاخيرة في محاولة لاحباط المبادرة المناهضة لاسرائيل ولكن الامريكيين فضلوا انجاز البيان الختامي باجماع دولي حتى بثمن المس بالمصالح الاسرائيلية. وقال المسؤول: "نحن نعود لنشرح للامريكيين بان الحفاظ على امن اسرائيل هو الشرط الاكثر اساسا في كل تقدم في المسيرة السلمية"، قال المسؤول. "هذا القرار سيجعل صعبا علينا عمل ذلك". بعد نشر قرار المؤتمر في نهاية الاسبوع جرت مشاورات هاتفية بين نتنياهو المتواجد في تورنتو وبين بعض من وزراء السباعية، تبلور في نهايتها الرد الرسمي لاسرائيل على القرار. وحسب البيان الرسمي الذي نشره مكتب رئيس الوزراء، فان اسرائيل تعتقد بان قرار اللجنة "مخلول من اساسه ومصاب بالازدواجية" – وذلك لانه يركز على اسرائيل ويتجاهل النووي الايراني. وجاء في البيان ان "هذا القرار يركز بالذات على اسرائيل، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط والتي هي الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد عليها تهديد بالابادة. بالمقابل، فان ايران، التي تخرق ميثاق عدم نشر السلاح النووي وتعلن على الملأ عن رغبتها في شطب اسرائيل من على وجه البسيطة، لا تذكر في القرار على الاطلاق". كما شدد البيان على أن العديد من الدول التي وقعت على ميثاق منع نشر السلاح النووي – بما فيها بعض دول الشرق الاوسط كليبيا، ايران، سوريا والعراق – خرقوه عندما طوروا برامج نووية سرية. وجاء في بيان مكتب نتنياهو انه "وعليه فان قرار مؤتمر الاستطلاع ليس فقط لا يدفع الى الامام الامن الاقليمي بل ويرجع به الى الوراء. المؤتمر لا يشكل أي مرجعية للصلاحيات بالنسبة لاسرائيل".