يعيش مصطفى العلمي الشرق الاوسط كما لا يعيشه أحد. فهو يبدأ الصباح (أو أصح من ذلك الظهيرة) بوجبة بين الفطور والغذاء في فندق الامريكان كولوني. في البوفيه الضخم يلتقط "الترميس" بملقطتين مفضضين ويقرر آنذاك أن يتوجه الى ديسكو جديد في عمان او الى أصدقاء ناد في رام الله. وربما الى الغرب: الى تل ابيب، الى مطعم أسماك على نحو عام ثم النادي البراق في روتشيلد 12، الذي تجول فيه النوادل في ملابس العشرينيات ويختلطن بطبقة الاعمال النبيلة في اسرائيل. بعد المقابلة من الفور سافر الى دبي من أجل ما عرفه أنه "تسوق وقضاء عطلة وتسفع". اتفق لنا ان نجول ليالي طويلة في تل ابيب، او نثرثر في حانات في رام الله مع حاشية أخذت تكبر في أثناء المساء. يوجد الكثير من من شبان اللهو أمثاله في اسرائيل، أناس لا يريدون سوى التمتع حتى يبزع ضوء الفجر وحتى يطرح موزعو الصحف رزم الصحف أمام الحوانيت. هذا أصعب على فلسطيني. لا يحاول اكثر الفلسطينيين سوى البقاء. يوجد في الحقيقة طالبو متعة في رام الله، لكن ليست عندهم حرية في الحقيقة. تهيأ لي أن أمضي الى شاطىء البحر مع فلسطينيين ذرفوا دموعا، لانهم علموا أنهم سيرون البحر مرة أخرى بعد عدة سنين. لكن أحدا لن يقف العلمي (ابن 32)، مع اللهجة اللندنية المدللة، ثمرة جامعة بريطانية. وقد تكون تلك البسمة وكلها طيبة قلب وسخاء. يصعب ألا تحب فرح الحياة والايقاع المزعزع الذي يظهر فيه في صفحة الفيس بوك صوره محتضنا شابات في قوارب من طرز مختلفة. ذات مرة، في أحد أسفاري الى شرقي القدس، نجحت في جر ليكودي خائف من العرب، من غير ان أبين له أن وجهنا الى الشرق. أصبح هو ايضا من الفور صديقا لمصطفى. هلم نقل انه عندما يقول ليبرمان انه يتحدث العربية فانه لا يتحدث لغة العلمي وهو انسان محب للحياة، يريد ان يعيش بسلام بل بتمتع مع الاسرائيليين، بشرط أن يعطوه دولته وأن يقيم هنا أفضل حفل في المدينة. المحطة الاولى: حفلة كوكتيل في القنصلية تقوم القنصلية البريطانية على مبعدة بضع عشرات من الخطى عن الحديقة التي جرت فيها مظاهرة اليسار الاسبوعية في الشيخ جراح قبل ذلك ببضع ساعات. الحديث عن حادثة رسمية، وكان يجب علي أن أرسل برسالة نصية اسمي ورقم جواز سفري. عندما وصلت فرحت لرؤية ان اسمي قد ظهر قرب الملحق الايطالي. الجو بين الجدران هو جو حفل في صف دراسي، بغير أناشيد مدرسية فقط، بل خليط من البوب وأغاني عربية ساخنة حديثة. والسوقاة، وهم شبان بريطانيون يرتدون كوفيات سخيفة، يبيعون مشروبات ذات أسماء ساخرة وذوق سيء مثل "زانية بثلاث دولارات"، تسكن خوفي من احداث أزمة دبلوماسية. الحضور هم دبلوماسيون غربيون وفلسطينيون يافاويون بين – بين. أقف مع صفحة صفراء كبيرة جدا قرب البركة الفارغة، أنتظر مصطفى الذي تأخر ساعة. انه بطبيعة الأمر في حفلة سابقة برغم ان الساعة التاسعة والنصف. عندما أتى تبين أنه يعرف نصف الحاضرين. يقبل جميع البنات. بعد ثانية من وصوله تصعد راقصة الرقص الشرقي في ملابس ليلكية. يهمس مصطفى لي بأنها اسرائيلية بيقين، لانه لا تكاد توجد راقصات فلسطينيات. يتحدث مصطفى عن الحب: "أول خليلة لي كانت يهودية. التقينا عندما كانت في السابعة عشرة. خرجنا ثلاثة أشهر حتى انتقلت الى الدراسة. زارتنا في رام الله. أحبتها والدتي حبا جما".أما زلتما على علاقة؟"لقد تابت الان وهي متزوجة ذات أولاد. لكنها ستظل عندي الحب الأول".أرقص قليلا، وعندها أخطو خطوة غير صحيحة وأحطم خطأ نارجيلة لأحد الألمان المستشرقين. هذا هو وقت الهرب الى المحطة التالية.المحطة الثانية: البوردر لاين في شرقي القدس البوردر لاين هو أحد الاماكن السرية في القدس. الحديث عن أحد حانات الرقص الأسخن في المدينة، لكن أكثر من يقضون العطل من الغرب لم يسمعوا به قط لانه في الشرق يديره فلسطينيون. يبدو أنني فقط أستطيع فعل ذلك في المدينة التي وحدت معا. حتى روبي ريفلين لا يقترب الى هنا. انه حانة – مطعم كبير فخم. الشيء الوحيد الذي يذكر بالنزاع هو اسمه ووجود الكثير من الناس المقطوعين الأرجل. أؤمل ألا يكون هذا متصلا بشيء ما أحدثته اسرائيل لكنني أشك في أن الأمر كذلك. ليس حسنا سؤال هذا السؤال في الجو الحسن، والجميع سعداء، والمقعدون أيضا يجلسون على موائد الحانة ويهزون العكاكيز بفرح. فيما يتصل بحياة الليل، كيف هي اسرائيل قياسا بالدول العربية؟"التمتع في تل ابيب في أسلوب أوروبي بقدر أكبر. أما في دبي أو عمان فكل شيء أكثر بريقا واظهارا. أحب تل ابيب جدا. انها فقاعة جميلة. تنسى هناك نفسك وتنسى أنك تختلف عن سائر الاسرائيليين الذين يرقصون هناك. بالمناسبة التقيت دانا انترناشينال في ويسكي أغوغو وتصورنا معا. كانت تل ابيب ذات مرة هي المدينة الاولى في المنطقة الى جانب بيروت. لكن عمان تصبح هي أيضا مدينة مركزية في حياة الليل. يكلف قضاء ليل جدي في الأردن يشتمل على مطعم حسن وناد للاشخاص المهمين 800 شيكل في الليلة. وقد يبلغ ذلك في دبي 400 دولار في الليلة في ناد جيد".أنتبه الى أنك تلبس أفخر اللباس دائما؟"بدأت حب ملابس مصممي الأزياء عندما كانت لي خليلة عملت في عرض الأزياء وكانت مجنونة بالموضة وعلمتني ذلك. أحب الماركات الي دولتشي جيفانا".أتشعر شعورا جيدا اذ تسير مع نظارات برادا في بيئة فقيرة جدا؟"أحب أن أبدو في مظهر جيد وأشتري الملابس من لندن أو ايطاليا في الأساس. لا أشتري لأثير الدهشة بل لأن ذلك يجعلني أشعر شعورا جيدا. يشتري أثرياء آخرون سيارات سباق. يبدو هذا لي غبيا في دولة مغبرة كدولتنا".البوردر لاين هو المكان الذي التقيت فيه مصطفى أول مرة قبل سنة ونصف. هو الذي بدأ الحديث الي بطبيعة الأمر او بدأ مع خليلتي آنذاك. من يذكر. انه يفرح جدا برؤية اسرائيلي يزور المناطق الفلسطينية. وأصبحنا أصدقاء سريعا. يسرع مصطفى من مائدة الى مائدة، الى أن يلزم حسناء ثرثارة ذات شعر أسود. يحتلان الباحة ويصبحان رويدا رويدا الزوجين الوحيدين اللذين يرقصان. أحاول أن أجذبه قدما فعندنا برنامج. لكنه يتابع الرقص عاشقا تماما. وفي النهاية نسافر ونسمع موسيقى فظيعة. يقول مصطفى "عندما يكون سلام سآخذ أصدقائي الاسرائيليين الى بيروت، بعد فطور في تل ابيب ويوم في ايلات. هذا هو حلمي. سيحدث هذا بعد أن تحل المشكلة الفلسطينية. يريد اسرائيليون كثير هذا لكنهم يخافون. ويريده فلسطينيون أيضا. لا شيء أسهل من الخوف وأسهل من السيطرة على أناس يخافون".ربما يحسن أن يدير متمتعون الدول بدل الساسة؟"الحفلات تسقط الأسوار وتنسى المشكلات وقتا قصيرا. أنا لا أرى الاسرائيليين عدوا".سيقولون أنك غير وطني؟"أنا وطني. عائلتي تساعد في الصدقة، بنينا مشافي. ليست الوطنية حمل بندقية فقط. يقول الناس عندكم اننا نريد طرح الاسرائيليين في البحر. لم يعد أي فلسطيني يريد ذلك. قيل هذا قبل 60 سنة. يمكن مع السلام انشاء جنة عدن ها هنا".يعد أناس السلام في اسرائيل أنصاف خونة. كيف الحال في فلسطين؟"يسأل الناس: كيف تطبع العلاقات باسرائيل بعدما يصنعونه بنا؟ وبرغم السور والاحتلال؟ أقول انه اذا كان لي امكان احداث علاقة باسرائيلي واحد ولا يكون بعد ذلك جيل يعيش على الكراهية فان الامر مجد. تعلمت في بريطانيا عن الكارثة ومعاداة السامية، وأفهم تماما لماذا يريد اليهود دولة آمنة لكنني أعلم أيضا ان الفلسطينيين يريدون العيش في أمن".المحطة الثالثة: "تسعتسوع"، غربي القدس نادي تسعتسوع مليء. يحارب محمد لادخالنا، ازاء الوجه الجامد للحارسة الصارمة، وفي النهاية يدخل ويحتضنها أيضا. في المدخل عادي تلمور المالك يقول انه يحب العلمي جدا: "مصطفى قديم جدا هنا ويعرف تبذير المال. يوجد عندنا كثير من الاصدقاء الأخيار من شرقي القدس. أناس يعرفون الشرب واللبس". "لا يجعلونني في تسعتسوع أشعر شعورا أسوأ لأنني عربي. لا توجد هناك عنصرية البتة"، يقول العلمي.أتوجد أماكن لم يدخلوك اياها لانك عربي؟"أتحدث الانجليزية في هذه الأماكن". يتحدث مصطفى ضاحكا عن حالات جال فيها مع هوية سائح الى جانب اسرائيليين قالوا أقوالا عنصرية فظيعة عن العرب، وينفجر ضاحكا.نادي تسعتسوع مليء كله فساتين قصيرة ومكشوفة كانكشاف أزمات اليونان. يبدو وكأن بنات السادسة عشرة هنا أيضا قد أجرين عمليات جراحية على صدورهن، وجزء كبير من الرجال. الكليشيه هو ان رام الله أصبحت فوارة، لكن القدس أيضا شديدة الجنون منذ لم يعد يوجد عمليات تفجيرية. يتبين لي فجأة أن مصطفى يقف عند المشرب ويحاول أن يراقص فتاتين تتحركان وتلمس احداهما الأخرى. وعندما تركت كان مصطفى قد بدأ يسخن فقط.المحطة الرابعة: البلدة القديمة، القدس عائلة العلمي هي عائلة عتيقة ومحترمة. منذ 60 سنة في القدس وهي تعتبر عائلة سلام. موسى العلمي، زعيم فلسطيني، تحدث مع اليهود وقاتل كي تتم الموافقة على مشروع التقسيم من الفلسطينيين. وأبوه أدخل العائلة في صناعة السجائر، وهم يسيطرون اليوم على هذا المجال في المناطق. المحطة الخامسة: امسية حفلات في رام الله أرى مصطفى وهو يرقص ولا اعتقد أن هذه هي أفضل الظروف للشاب المرح. فمصطفى هو الامر الفلسطيني الذي يشبه جدا بريس هيلتون، ولكنه بريس تحت الاحتلال. مع كل الفارق، فانه يعيش تحت سلطة اجنبية. هذا احساس أنا كشاب اسرائيلي ولدت في دولة مستقلة لا اعرفه، وصعب علي ان استوعبه. وبعد أن يقضي وقته مع اسرائيليين يمكنه ببساطة أن يعلق في حواجز مهينة يقيمونها هم. ما هي الامسية الاكثر جنونا التي كانت لك؟ "قبل سنتين كنت في شاطىء هرتسيليا في الصباح. لعبنا كرة طائرة على الشاطىء. التقينا هناك اصدقاء اسرائيليين، فلسطينيين واجانب، وشربنا كثيرا. كان يوما جميلا جدا وعندها في المساء خرجنا جميعا الى الرقص". لا يبدو لي هذا قضاءا مجنونا جدا للوقت؟ "يبدو هذا جميلا أكثر مما هو مجنون".