غزة / سما / قال د.يوسف رزقه المستشار السياسي لرئيس وزراء حكومة غزة أن حكومته استطاعت أن تقدم رؤية جديدة قائمة على تحقيق الثوابت الفلسطينية وتختلف عن رؤية أوسلو والمفاوضات"، موضحا أن حركة فتح لم تعد هي العنوان الوحيد لاسيما على المستوى الدولي والإقليمي. وقال رزقه في تصريحات نقلتها صحيفة "الرسالة" الموالية لحركة حماس " أن المتغيرات القادمة ستشهد قدرة فلسطينية وعربية على إيذاء الخصم في مواجهته وإفشاله في تحقيق أهدافه في حال حدوث حرب جديدة في المنطقة. أما فيما يتعلق بورقة المصالحة بين أنها ترتبط ارتباطا جدليا بمشروع أوباما للتسوية ،مشيرا إلى أنها تقف أمام مرحلة من الجمود والتعليق حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود. وأكد رزقه أن حكومته استطاعت خلال الأربع سنوات من تجربة حكمها أن تحقق مجموعة كبيرة من الانجازات، لكنها واجهت أيضا مجموعة اكبر من العقبات لازال بعضها قائما في حركة مدافعة حقيقية، لافتا إلى أن الحديث عن الانجازات الايجابية يصعب حصرها في المجالات المختلفة كالإدارة والعمل الميداني والتشريعي والمستوى السياسي والقضائي. وعلى صعيد المستوى السياسي أوضح رزقه انه يمثل تجربة فريدة لحركة مقاومة شعبية قادتها حركته وانتقلت من خلالها للمشاركة في الحكم و مدافعة القوى الفلسطينية الأخرى من اجل قيادة الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الملتزم بالمقاومة وجد قبولا على الساحة الفلسطينية والعربية المختلفة لاسيما على المستوى الشعبي. وقال:"استطاعت الحكومة أن تقدم رؤية جديدة تختلف في مفرداتها عن رؤية أوسلو والمفاوضات لأنها تقوم على تحقيق الثوابت الفلسطينية في حدها الأدنى المتمثل في الحرية وتقرير المصير والانسحاب إلى حدود الـ67 ،دون الخوض في طبيعة الاعتراف بدولة "إسرائيل" واحتلالها لـ82% من ارض فلسطين". وبحسب رزقه فانه من خلال تجربة الحكم لم تعد حركة فتح والتسوية والمفاوضات هي العنوان الوحيد للعالم ،لاسيما على المستوى الدولي والإقليمي ، مبينا أن حماس باتت تمثل عنوانا مقررا حيث لا يمكن تقرير تسوية في فلسطين دونها وذلك كما عبرت عنه شخصيات دولية ومراكز أبحاث سياسية. وفيما يتعلق بالمستقبل السياسي للحكومة أكد أنها لا زالت تستشرف مفردات المستقبل السياسي وترى بعض السيناريوهات التي تمثل المرحلة الأخطر في تصفية القضية الفلسطينية ، موضحا أن هناك معلومات تتحدث عن سيناريو أمريكي لفرض تسوية وفق الرؤية الأمريكية التي تتماهى بنسبة كبيرة مع الرؤية الإسرائيلية لفرضها على المنطقة من خلال التوافق أو الالتزام . وحول ما إذا كانت فلسطين اقرب للحرية أم أن الاحتلال هو الأقرب للزوال قال رزقه "نأسف لحالة اللامبالاة من قبل العالم العربي الذي يشاهد الاحتفالات الإسرائيلية التي سجلت الرقم 62 ،ويذهب بعض زعمائه لتهنئة الإسرائيليين بعيد استقلالهم الذي يمثل يوم النكبة والتهجير والاستيطان للفلسطينيين"،مضيفا أن "إسرائيل" في الفترة الزمنية السابقة استطاعت أن تقيم نظام حكم عسكري مدجج بالسلاح والتقنية المتطورة لكن الوقائع العلمية أثبتت أنها لم تعد تستطيع حماية نفسها لان مجتمعها الداخلي يعيش حالة من القلق النفسي.وأضاف:" "إسرائيل" تواجه كما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ثلاثة من الأخطار المتمثلة بالتكنولوجيا وهي الصواريخ والايدولوجيا والتقدم الفكري الإسلامي الرافض لـ"إسرائيل" ،والديمغرافي وهو التطور السكاني العربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة". وتابع رزقة"الأخطار الثلاثة تؤكد أن العرب الفلسطينيين في طريقهم لتحقيق أحلامهم بالعودة والتحرير وتقرير المصير ،في حين ستشهد "إسرائيل" فترة انكفاء وتراجع ولم تعد تحقق النصر".ومع أية تغيرات أو مواجهات تطرأ على الساحة العربية والإقليمية يكون لذلك تأثير على القضية الفلسطينية لدفع الثمن وعن ذلك أشار رزقه إلى أن الدراسات البحثية لاسيما في أمريكا تشير إلى صعود الحالة الوطنية والإسلامية في الشرق الأوسط لاسيما في فلسطين، فهم يأخذون من نمو حركة حماس نموذجا على ذلك، مؤكدا على أن المتغيرات القادمة ستشهد قدرة فلسطينية وعربية على إيذاء الخصم في مواجهته وإفشاله في تحقيق أهدافه في حالة حدوث حرب جديدة في المنطقة. وعن ملف المصالحة الداخلية أوضح رزقه انه من خلال القراءات السياسية لاتهامات عباس وردود مشعل عليها يتضح أن ما يعيق المصالحة هو الشروط السياسية التي تصر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا: هذا أمر يفند اتهامات عباس لحماس بأنها لا تريد المصالحة لان دولا إقليمية تمنعها من التوقيع على الورقة. ولفت إلى أن الورقة أهملت الحديث عن البرنامج السياسي المستقبلي للحكومة الذي توجد فيه نقاط الاختلاف، مؤكدا على أن حماس لازالت متمسكة بالرؤية السياسية التي تضمنها اتفاق مكة لكن عباس ومصر يطالبون بمزيد من التنازلات والاعتراف بشروط الرباعية. وقال رزقه" يمكن ربط ورقة المصالحة ارتباطا جدليا بمشروع أوباما للتسوية ،لاسيما في حالة تمكنه من فرض رؤيته للتسوية سواء بالتوافق أو الالتزام فان المصالحة ستتأخر وإذا ما فشل مشروعه سيكون الجانب الفلسطيني أكثر قربا للمصالحة"، منوها في الوقت ذاته إلى أن المصالحة أمام مرحلة من الجمود والتعليق حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود وذلك بعدما قرر فياض إعلان الدولة الفلسطينية خلال العامين القادمين إما بالتوافق أو عبر مجلس الأمن. وفيما يتعلق برؤيته لمستقبل مشروع التسوية السياسية وإمكانية ذهاب عباس مرة أخرى للمفاوضات بأي ثمن، أوضح رزقه أن الجانب الفلسطيني أثناء مرحلة المفاوضات التي استمرت 16 عاما كان الطرف الذي تنازل ،بيد أن "إسرائيل" كانت تجهض معظم الاتفاقيات التي وقعت مع المفاوض الفلسطيني، مبينا أن عباس دائما ما يشتكي من عدم التزام "إسرائيل" بالاتفاقيات لكنه يذهب ليحقق ما يريدونه من خلال قمع المقاومة وإفشال عملياتها واعتقال المناضلين.حسب قوله وبحسب رزقه فان عباس يطلب من "إسرائيل" وقف الاستيطان في الضفة والقدس كما تنص خارطة الطريق ، إلا أن الأخيرة لم تلتزم مما يدلل على عدم وجود مفاوضات إنما إملاءات حقيقية حاول عباس التمرد عليها من خلال التهديد بالانسحاب من السلطة. وحول علاقة حكومته بالأنظمة العربية أعرب رزقه عن وجود تطورات ايجابية بعلاقتها معهم ، لاسيما وأنها باتت تأخذ مسارا ايجابيا من خلال وجود علاقات لها في عدد من الدول العربية تقوم مقام الممثليات الرسمية، مشيرا إلى أن العقبة الوحيدة في تواصل العلاقات بشكل مستمر هي الحصار السياسي المفروض على حماس من قبل أمريكا. وقال:"استطاعت حماس منذ الحكومة الحادية عشرة إلى يومنا هذا أن تحظى على المستوى الشعبي بتأييد شبه كامل في العالم العربي والإسلامي، لاسيما بعد الحرب الأخيرة التي جعلتها تحقق تفاهمات متقدمة مع أكثر من دولة عربية منها سوريا وقطر وليبيا واليمن ،بالإضافة إلى السعودية التي تجمعها بحركة حماس وقادتها علاقة احترام وتقدير" .وأضاف المستشار السياسي:" هناك علاقة متقدمة مع دول إقليمية لاسيما تركيا التي أعربت عن تأييدها الكامل للحق الفلسطيني واحترامها لحماس"،موضحا أنها أعلنت في أكثر من موطن استعدادها لنقل رؤية حركة حماس للمجتمع الدولي مما احدث توترات في العلاقات التركية الإسرائيلية. أما على صعيد الساحة الأوروبية فأشار رزقه إلى أن حماس خلال الأربع سنوات شهدت تطورا في نمو علاقتها مع النرويج وسويسرا وايرلندا ، لاسيما بعد الزيارة التضامنية التي قام بها عدد من البرلمانيين الأوروبيين الذين أعربوا عن احترامهم لرؤية حماس السياسية ومرونتها مع الواقع والمجتمع الدولي ، مؤكدا أن حماس مقبلة على تحويل تلك الاختراقات إلى تمثيل سياسي حقيقي . وفيما يتعلق بإمكانية زيارة هنية لعدد من الدول العربية والدولية في الفترة المقبلة أوضح رزقه أن هناك عددا من الدعوات التي أرسلت له من دول عربية وإسلامية إلا أن حصار شعبه هو العائق الأساسي والرئيسي لمنعه من السفر. وأشار إلى أن حكومته دعت أمين عام جامعة الدول العربية د. عمرو موسى لزيارة قطاع غزة والاطلاع على معاناته بعد الحرب ،لاسيما وان الحالة الأمنية باتت مستقرة ومطمئنة وان أي رئيس يزورها سيحظى بترحاب شعبي. وتردد في الفترة الأخيرة حول وجود أزمة مالية تتعرض لها حكومة حماس وعلى هذا الصعيد نفى المستشار السياسي وجود أزمة مالية حقيقية تعانيها الحكومة في غزة وان الحالة المالية مطمئنة ، مرجعا سبب التأخير إلى الإجراءات الفنية المتعلقة بأعمال الحصار الخانقة على القطاع. أما بخصوص فرض الضرائب بين ان الحكومة لم تسن قوانين جديدة على المكلفين إنما استجابت متأخرة لمطالب المجلس التشريعي ولجنة الموازنة فيه لتفعيل قانون الضرائب الذي أنشئ منذ نشأة السلطة في غزة والضفة، مبينا أن الحكومة الحالية تريد تفعيل النظام الضريبي على المكلفين وفق ما كان معمول به منذ سنوات وذلك لتأخذ من الأغنياء فضل ما لديهم لتنفقه على العمال والمزارعين والصيادين والشؤون الاجتماعية ، بالإضافة إلى إصلاح البنية التحتية التي دمرها الاحتلال.وأكد رزقه أن الضرائب المفروضة لا تتجاوز 20% من الضرائب التي فرضها القانون في عهد فتح عام 1996م وما بعده ، إلا أن الإشاعة التي يبثها من يكرهون حركة حماس يصورون أن سببها مرور الحكومة بأزمة مالية. وفي معرض رده حول سؤال ..هل تمكنت الحكومة خلال الأربعة أعوام أن تحقق برنامجها السياسي قال د.رزقه :"حصل تقييم للتجربة وكانت النتائج ايجابية ومعبرة عن صوابية قرار المشاركة وتولي الحكومة قرار تحمل المسئولية عن الشعب وإدارة حياته العامة" ،مؤكدا على أن تلك التجربة لم تكن في يوم من الأيام فخا كما حاول إعلاميو فتح أن يشوهوها. وأضاف :" استفاد الشعب الفلسطيني من وجود حماس في المجلس التشريعي والشراكة السياسية لاسيما في حماية المشروع الوطني من التآكل ، بالإضافة إلى أنها أصبحت شريكا مقررا وعنوانا لكل قضية سياسية"، نافيا وجود صوتا قويا لترك حماس المشاركة السياسية للوراء لان سنة الحياة هي التدافع مع الآخرين للأمام. وتابع:" بالرغم مما حققته حماس إلا أن هناك بعضا من الأخطاء الإدارية التي تحتاج لتصحيح وتصويب، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون وزاراتها في أعمالها الإدارية أكثر قربا من نبض الشارع ومواساته ، لاسيما وأننا نعيش بين شعب ضرب نموذجا في التصدي للاحتلال والصبر على الحصار".و قال رزقه:"ليس مطلوبا أن يكون خطاب الحكومة بعيدا عن خطاب الحركة،لاسيما أن الأخيرة هي التي سجلت الفوز في الانتخابات و شكلت الحكومة ، بالإضافة إلى كونها المرجعية في كثير من القضايا الوطنية "،مضيفا:لا مشكلة في الخطاب السياسي والإعلامي بين الحركة والحكومة لان العلاقة بينهما يفترض أن تكون تكاملية. وحول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة لفت رزقه إلى أنها تتقدم للأمام مما يبشر بان شروط التسوية ينبغي أن تكون فلسطينية بحته ،وان الحق الفلسطيني سيعزز بخيار المقاومة بشقيها العسكري والشعبي، منوها إلى انه لا مجال في المستقبل للتفريط في الثوابت الفلسطينية مما يعطي فرصة جيدة لإعادة الوحدة الوطنية وإحياء منظمة التحرير وتمثيل فصائل الشعب المختلفة ،بالإضافة إلي إنشاء مجلس وطني قوي قادر على التعامل مع المرحلة في الأعوام القادمة. وأكد أن المشروع الصهيوني بات في تراجع وينبغي أن يبقى هكذا حتى يحقق الشعب الفلسطيني آماله وطموحاته بحدها الأدنى كما عبرت الفصائل الفلسطينية.