في حادثة ثانية من نوعها في غضون يوم واحد، قتل صباح أمس فلسطينيان آخران بنار الجنود جنوبي نابلس. ومثل أول امس، في الحادثة الاخيرة ايضا اطلق جندي من كتيبة "نحشون" في لواء كفير على فلسطينيين لم يكونا مسلحين بسلاح ناري. شهادات الجنود والسكان الفلسطينيين التي وصلت الى "هآرتس" تظهر علامات استفهام حول سلوك الجنود في الحادثتين. ويجري الجيش الاسرائيلي تحقيقا داخليا في الحادثتين، ولكن يبدو ان لن يكون مفر من فتح تحقيق الشرطة العسكرية على الاقل بالنسبة لواحدة منهما. الحادثة صباح أمس وقعت قرب قريبة عورتا، جنوب نابلس. افري ران، مستوطن من البؤرة الاستيطانية "جدعونيم" ومن يعتبر زعيم فتيان التلال في المنطقة، لاحظ فلسطينيين في المنطقة التي يشترط الجيش فيها عبور الفلسطينيين بتصريح مسبق. فاستدعى ران مسؤول الامن الجاري في البؤر الاستيطانية الذي بدوره توجه الى الجيش. ووصلت الى المكان سيارة "هامر" وتقل أربعة جنود من نحشون، بقيادة عريف. واستوقف الجنود الفلسطينيين وصادرا معولين كانا بحوزتهما (حسب رواية اخرى مسؤول الامن هو الذي أوقف الاثنين وصادر الادوات). وقال الاثنان انهما يبحثان عن المعادن بجانب عبارة ماء في المنطقة بهدف بيعها. وطلب العريف من الفلسطينيين هويتيهما، وفحص في شبكة الاتصال الأرقام التي تلقاها. وفي هذه الاثناء، تم ايقاف الاثنين على انفراد على قارعة الطريق فيما كان الجنود يحرسوهما. وحسب شهادة العريف، بعد نحو 40 دقيقة، سمع أحدهما يتلعثم بما سمعه كصلاة بالعربية وعندها سارع اليه من الخلف، من مسافة قصيرة. وحسب الجنود رفع الفلسطيني زجاجة من الارض وحاول مهاجمة العريف. هذا التفت نحوه اطلق عليه عدة عيارات من مسافة قريبة فقتله. اما الفلسطيني الثاني فركض ايضا نحو العريف – اطلقت النار عليه فقتل. وحسب الجنود كان يحمل في يده محقن تناوله من الأرض. وقال ضابط كبير في قيادة المنطقة الوسطى امس انه على حد فهمه، فان "الاثنين كانا بريئين، ليسا مخربين ولا منفذين لعمليات. الجنود استوقفوهما للفحص ولم يعرفوهما كمعتقلين. وعليه فانهم لم يكبلوهما. أعطوهما الشراب وكانت الاجواء هادئة. لا ندري ماذا حصل بالضبط، ولكن يبدو ان الفلسطيني قرر مهاجمة العريف. ليس واضحا اذا كان الاخر ركض انطلاقا من الخوف او انه رأى رفيقه يصاب فسعى الى مساعدته في الهجوم على العريف". وحسب الضابط الكبير، فانه "حسب الفحص الاولي اطلق العريف خمسة عيارات على الاثنين. جلبنا فريق من مختبر التشخيص الجنائي لفحص الجثتين. من التحقيق الاولي، لم تقع هنا عربدة. من زاوية نظر العريف، هاجماه. لا يمكنني أن اتوقع بان يهاجم من مسافة امتار ولا يدافع عن نفسه. تحقيقنا سيتركز في مسألة لماذا دخلوا الى هذا الوضع: وهل كان ممكنا منع الحادثة من أن تنتهي بقتل شخصين غير مسلحين. لا نشتبه بانه كان هنا تفكير غير معقول في فتح النار. في حالات اخرى، حين اعتقدنا ذلك، عملنا فورا على تجميد المشاركين". وذكر أنه قبل بضعة اسابيع سيطر جنود على فلسطيني هاجمهم مع مسدس دمية دون أن يطلق النار منه رغم أنهم لم يعرفوا اذا كان هذا مسدسا حقيقيا. "على كل عشر حالات يضبط جنود فيها أنفسهم، ستكون أيضا حالات يطلق الجنود فيها النار"، قال. وبالمقابل، قال أمس ضابط آخر في القيادة انه من الفحص الاولي لا يبدو انه كان هناك تعرض لخطر الحياة حقيقي على العريف الذي اطلق النار على الفلسطينيين. في الجيش نفوا امس التقارير الاولية التي نشرت صباح أمس، سواء من جانب المستوطنين أم من مصادر عسكرية غير رسمية، وكأن الفلسطينيان هاجما الجنود بواسطة مذراتين. يتبين أن الحديث يدور عن معولين سبق أن صودرا كما ذكر قبل اطلاق النار. القتيلان هما محمد فيصل قواريق وصلاح محمد قواريق، ابني 19 سنة من عورتا. رئيس المجلس المحلي في القرية حسن عوض، ادعى بان الشابين كانا يعملان في الزراعة في أرض العائلة قرب القرية ولم يقصدا المس بأحد. قائد لواء شومرون (نابلس) العقيد ايتسيك بار، أجرى أمس تحقيقا أوليا للحدث. بالتوازي لا يزال يجري في اللواء تحقيق للحادثة السابقة التي فيها ايضا شاركت كتيبة نحشون. في هذه الحادثة قتل أول أمس شابان فلسطينيان، من سكان قرية عراق بورين. محمد قادوس، ابن 16، اصيب بعيار من بطنه وتوفي أول أمس في المستشفى. وفجر أمس توفي متأثرا بجراحه الفلسطيني الثاني اسيد عبدالله قادوس، ابن 17، اصيب بعيار في رأسه. وادعت اوساط الجيش الاسرائيلي بان الجنود اطلقوا عيارات مطاطية بينما الفلسطينيون ومنظمة "بتسيلم" يقولون أن هذه كانت عيارات نار حية. وصباح أمس نقلت الى الجيش الاسرائيلي صور الاشعة التي اجريت في مستشفى نابلس، وتظهر عيارا اخترق رأس المصاب الثاني. وحسب شهادة الجنود، تم اطلاق النار من مسافة نحو 70 مترا. واذا كانت الرصاصة اخترقت الرأس بالفعل، فليس معقولا أن يكون الامر جرى جراء اطلق عيارات مطاطية. والخبراء الاسرائيليون هم ايضا تبينوا أن هذا عيار لذخيرة حية ولكن ليس واضحا بعد قطرها. وأمس أجرى الجيش الاسرائيلي وأجهزة الامن الفلسطينية تحقيقا طبيا مشتركا، لفحص طبيعة الاصابة للقتيلين في حادثة عراق بورين. الضابط والجنود الذين شاركوا في الحادثة اصروا على رأيهم بانه لم يتم استخدام النار الحية. اذا تبين بان هذه بالفعل نار حية خلافا لشهاداتهم فسيفتح تحقيق من الشرطة العسكرية. واعترف الضابط الكبير بان الحادثتين، في ذات المنطقة، تقلقان الجيش. غسان دغلس، من كبار رجال السلطة في منطقة نابلس، ادعى بان المسؤولية عن التصعيد الاخير ملقاة على اسرائيل التي "تسمح للمستوطنين بالعمل بشكل حر ضد املاك الفلسطينيين والامور تجر مواجهات شديدة في اثنائها يتدخل الجيش في صالح المستوطنين". اما نبيل ابو ردينة الناطق بلسان رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) فقال ان "قتل المواطنين الفلسطينيين هو رسالة حكومة اسرائيل الى الفلسطينيين والعالم العربي وكذا الى الرباعية والولايات المتحدة. في مقابلة مع وكالة الانباء الفلسطينية قال ابو ردينة ان "هذا سلوك يؤدي الى افشال كل مساعي التقدم في المسيرة السياسية".