بعد بضعة ايام متوالية اطلقت فيها تصريحات غير مسبوقة في حدتها ضد اسرائيل، قررت الادارة الامريكية تخفيض مستوى اللهيب الى أن يتلقوا اجوبة من اسرائيل. قبل لحظة من تحطيم الاواني، قالت أمس وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أنها تعتقد بان العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل لا توجد في حالة خطر. "لدينا التزام مطلق بامن اسرائيل"، قالت، وحلف قريب وغير قابل للشك". كما أن الناطق بلسان البيت الابيض روبرت غيبس حجم الازمة بقوله: "عدم الاتفاق مع اسرائيل على البناء في المستوطنات لن يحطم الالتزام التقليدي للولايات المتحدة باسرائيل"، قال في استعراض للصحافيين متناولا البناء في شرقي القدس. "النقاط المتبادلة الناضجة يمكنها أن تحتوي عدم الاتفاق، وهذا واحد من هذا القبيل". ولكن الى جانب الثناء، كرر الناطقون الامريكيون المطالب التي طرحتها كلينتون في المكالمة الهاتفية التي اجرتها مع رئيس الوزراء نتنياهو يوم الجمعة الماضي. "ادارة اوباما تنتظر رد اسرائيل على الاقتراحات التي عرضت عليها قبل بضعة ايام"، قالت وزيرة الخارجية، "وذلك لحصر الاضرار التي لحقت بسبب الاعلان عن اقرار خطة بناء 1.600 وحدة سكن في شرقي القدس". كما أن الناطق بلسان الخارجية الامريكية فيليب كارولي شدد على أن الادارة "تتوقع رد اسرائيل في اقرب وقت ممكن". في اللحظة التي يصل فيها الى واشنطن رد اسرائيل، من المتوقع مكالمة هاتفية بين وزيرة الخارجية كلينتون ورئيس الوزراء نتنياهو. ولكن في هذه اللحظة لا تبدو هذه المكالمة قريبة كون نتنياهو لا يزال لم يقرر "صيغة الاعتذار". وقال مسوؤل كبير في الادارة الامريكية أمس لـ "يديعوت احرونوت" ان رد نتنياهو وعد به "في غضون ساعات" وفي يوم في اقصى الاحوال". واشار الى أن الادارة لن تكتفي بالاعتذارات والاعراب عن الاسف: "فقد كان لنا من هذا الكثير مما يكفي في الايام الاخيرة. الان نتوقع من نتنياهو ردودا جوهرية تسمح ببدء المفاوضات في اطار محادثات التقارب". رئيس الوزراء ليس فقط لم يجب كلينتون بل أمر مكتبه بان ينشر بيانا رسميا يتهم الفلسطينيين برفضه. وجاء في البيان ان "دولة اسرائيل تقدر وتعتبر الاقوال الحميمة التي قالتها وزيرة الخارجية كلينتون عن العلاقة العميقة بين الولايات المتحدة وبين اسرائيل وعن التزام الولايات المتحدة بأمن اسرائيل". وفور ذلك بدأ مكتب رئيس الوزراء لعبة الاتهامات ضد الفلسطينيين: "بالنسبة للالتزام بالسلام، أثبتت حكومة اسرائيل في السنة الاخيرة التزامها بالسلام سواء بالكلام ام بالافعال... بالمقابل يراكم الفلسطينيون الشروط المسبقة لاستئناف المسيرة السياسية مثلما لم يفعلوا على مدى 16 سنة". كما أجرى نتنياهو أمس مشاورات داخلية ومفاوضات حثيقة مع الامريكيين في محاولة لفحص ما الذي يمكن ان يرضيهم كاستجابة لمطالبهم. ويفهم نتنياهو بانه ملزم بان يتنازل في شيء ما، ولكن لا توجد لديه أي نية للمساومة على مبادئه والبناء في كل اجزاء القدس هو واحد منها. وحسب التقديرات، يفكر نتنياهو بالغاء قرار اللجنة اللوائية اقرار بناء الشقق في شرقي القدس والتي "اشعلت الازمة"، ولكن حسب فتواى قانونية تلقاها ليس للحكومة صلاحيات في التدخل في القرارات التخطيطية للجنة اللوائية. على أمل أن تحل الازمة حتى وصول نتنياهو الى واشنطن الاسبوع القادم، من المتوقع أن يلتقي كلينتون وان يبحث معه في الردود التي نقلها. نتنياهو سيلتقي ايضا نائب الرئيس جو بايدن، في محاولة لعقد لقاء اكثر نجاحا من اللقاء السابق، حين فوجيء نائب الرئيس بان اسرائيل اعلنت عن بناء في شرقي القدس. اللقاءات، مع كلينتون ومع بايدن لم يتفق فيهما نهائيا بعد، وسيتقرران وفقات للردود التي ستتلقاها الولايات المتحدة. وقال أمس الناطق بلسان الخارجية الامريكية فيليب كارولي ان "الجدول الزمني لنتنياهو معروف لنا وهو سيصل الى واشنطن وتوجد فرصة للقاء مع وزيرة الخارجية ولكنه رفض الالتزام الى ما هو ابعد من ذلك". وكان المبعوث الخاص لاوباما الى الشرق الاوسط جورج ميتشيل قرر أمس في اللحظة الاخيرة الغاء وصوله الى اسرائيل والى السلطة الفلسطينية. وجاء من وزارة الخارجية رسميا ان ميتشيل الغى سفره "لاعتبارات لوجستية" كونه كان ينبغي أن يصل الى اجتماع الرباعية في موسكو. ولكن السبب الحقيقي للالغاء هو ان رد نتنياهو لم يصل وكان واضحا ان الرحلة ستصبح فشلا معروفا مسبقا. وعليه فقبل الاقلاع بساعات قليلة الغى الرحلة.