وصل جو بايدن الى اسرائيل كصديق. عمليا، يعتبر الصديق الاكبر الذي كان لنا في مجلس الشيوخ الامريكي. مبادرات التشريع التي حثها على مدى السنين ضمنت أمن الاسرائيليين ورفاههم. ولكن بالذات الصديق الاكبر شعر الان بالخيانة. امام الكاميرات اجتهد نائب الرئيس الامريكي على الابتسام لبنيامين نتنياهو حتى بعد ان علم اول امس بان وزارة الداخلية صادقت على خطة لاقامة 1600 وحدة سكن في حي رمات شلومو في شرقي القدس. ولكن في المحادثات المغلقة بدا جو بايدن منذ الان مختلفا تماما. قد هاجم امس بشدة اقرار الخطة وانتقد انتقادا غير مسبوق حكومة اسرائيل. والمح بايدن الى ان القرارات التي يتخذها بنيامين نتنياهو حول استمرار البناء خلف الخط الاخضر من شأنها ان "تشعل النار في الشرق الاوسط". ويعتقد بايدن بان البناء في شرقي القدس هو مادة متفجرة من شأنها ان تجر الشرق الاوسط الى حرب مدرجة بالدماء. محافل اطلعت على اقواله بقيت مذهولة. "هذا يبدأ بأن يكون خطيرا علينا"، قال بايدن لمحادثيه. ما تفعلونه هنا يمس بأمن جنودنا الذين يقاتلون في العراق، في افغانستان والباكستان. هذا يعرضنا للخطر وهذا يعرض سلام المنطقة للخطر". وشرح نائب الرئيس لمضيفيه الاسرائيليين الى انه كونهم في العالم الاسلامي يربطون بين افعال اسرائيل وسياسة الولايات المتحدة، فان كل قرار للبناء يمس بحقوق الفلسطينيين في شرقي القدس من شأنه ان يؤثر على الامن الشخصي للجنود الامريكيين الذين يصارعون ضد الارهاب الاسلامي. فضلا عن رغبة بايدن في تهدئة مخاوف اسرائيل في كل ما يتعلق بالتهديد الايراني، سعى في محادثاته مع اصحاب القرار عندنا الى ان يظهر ذات القدر من التفهم والحساسية لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وفي المعركة العسكرية التي تديرها حيال محافل اسلامية متطرفة في افغانستان وفي الباكستان. ويخرج نتنياهو عن طوره كي يصالح نائب الرئيس. اول امس، بعد وقت قصير من علمه اقرار البناء في رمات شلومو، هتف نتنياهو فندق بايدن. وحاول رئيس الوزراء الاقناع بقوله "البيان كان خللا، ليس مناورة ترمي الى احراجك. انا ايضا فوجئت". وواصل نتنياهو الاعتذار والشرح في وليمة العشاء ايضا التي استضاف فيها بايدن هو وعقيلته على نحو ظاهر. ولكن رئيس الوزراء كان بوسعه ان يفهم بأن شيئا ما قد حصل: الزيارة التي كانت ترمي الى بث التقارب والدفء في العلاقات مع ادارة اوباما علقت في أزمة. واستدعى نتنياهو اليه امس وزير الداخلية ايلي يشاي ووبخه على انه لم يعرف عن البحث حول رمات شلومو. في المحادثات الخاصة اعترف نتنياهو بأن يشاي احرجه. مصدر في محيط رئيس الوزراء بدا اكثر فظاظة. "حجر يلقيه غبي في بئر، عشرة حكماء لا ينجحون في اخراجه". قال. مستشارو رئيس الوزراء يحاولون استخلاص الدروس من السلوك الاخرق الذي انكشف بهذا الشكل الفظ والمحرج في اثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي. في محيط نتنياهو يتحدثون الان عن اقامة جهاز في مكتبه يساعده على فرض سيطرة اكبر على ما يجري في الوزارات الحكومة المختلفة. ويقول المستشارون "سنبذل الجهود في ان لا تفاجئنا الوزارات المختلفة في المستقبل مثلما حصل هذه المرة". ولكن امس، بعد ان هاجم بايدن اسرائيل علنا لدى زيارته الى رام الله وتحدث بحدة في محادثات خاصة، كان رجال نتنياهو مشغولي البال بمهمة غير بسيطة اخرى: كيف يمكن اقناع نائب الرئيس الامريكي بأن يخفف قدر الامكان من حدة صيغة الخطاب الذي سيلقيه اليوم في جامعة تل ابيب. غير انهم في الادارة الامريكية لا يشترون التفسير لذلك في ان نتنياهو لم يعرف مسبقا. في البيت الابيض وفي وزارة الخارجية على حد سواء ادعوا بأن اسرائيل اعدت كمينا لبايدن. "ما حصل هو امر استثنائي وعليه كان ردنا لتنديد غير مسبوق"، شرح الناطق بلسان الخارجية الامريكية بي جي كرولي. "حكومة اسرائيل ورئيس الوزراء يجب ان يقدما التفسير". في 23 اذار سيشار نتنياهو في المؤتمر السنوي للوبي ايباك المؤيد لاسرائيل في واشنطن. وسيكون الرئيس اوباما في حينه في استراليا وفي اندونيسيا. ليس واضحا من بين كبار الادارة سيلتقون نتنياهو في اثناء زيارته. وتشهد مصادر في واشنطن على انه في اروقة الادارة يتميزون غضبا على نتنياهو. فلماذا احرج بالذات الصديق الاكبر لاسرائيل، يسألون هناك. التزامه باسرائيل اثبته بايدن في 36 سنة من ولايته في مجلس الشيوخ، ولا سيما عندما كان عضوا كبيرا في لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ. بايدن، مندوب ولاية دلور الصغيرة، دفع الى الامام التشريع الذي منع نقل الاموال لحماس. وعارض تقرير بيكر – هاملتون الذي قضى بأن هناك صلة بين عداء المسلمين للولايات المتحدة وبين رفض اسرائيل للبناء في المستوطنات. سجل التصويت لبايدن في مجلس الشيوخ يثبت انه ايد دوما زيادة المساعدات لاسرائيل ووقف الى جانب الاستجابة الى الاحتياجات الامنية. وكان صرح في الماضي "لا حاجة للمرء ان يكون يهوديا كي يكون صهيونيا وانا بالتأكيد ارى نفسي صهيونيا". ابن بايدن متزوج من يهودية تحافظ على الفرائص، ونائب الرئيس يشارك بثبات في وليمة ليل الفصح التي تعقدها كنته. قبل وقت قصير من الانتخابات في 2008، صرح بايدن بانه يرى في نتنياهو صديقا شخصيا. "لديه علاقات ممتازة مع بيبي. هو صديق شخصي قريب"، قال. مشكوك ان يواصل قول ذلك في المستقبل ايضا.