غزة / رغم التصريحات التي أعلنتها حركة "حماس" فور الإعلان عن اغتيال القيادي في ذراعها العسكري محمود المبحوح في دبي من أن إسرائيل تدفعها إلى نقل المواجهة معها إلى الخارج، إلا أن تأكيدات صدرت في ما بعد تجدد استراتيجية الحركة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي داخل حدود فلسطين. وأوضح القيادي في حركة "حماس" صلاح البردويل أن حركته لديها حساباتها الدقيقة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في ما يتعلق بمكان المقاومة الذي حددته بشكل واضح داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أن الحركة لن تدخل في متاهات تشتت جهودها كما يسعى الاحتلال من خلال اغتيال الشهيد المبحوح. وقال: "حماس لديها هدف استراتيجي يتمثل في تحرير فلسطين، وهي لذلك تسلك أقصر الطرق من خلال توحيد جهودها للمقاومة في الداخل وعدم إضعافها كما يسعى العدو لدفعنا للقيام بذلك". وأكد البردويل أنه لا يوجد قرار بنقل الصراع مع الاحتلال إلى الخارج، لكن إسرائيل تريد تغير قواعد اللعبة بعملية الاغتيال الأخيرة، لافتاً إلى أن هذه العملية تهدف إلى هز هيبة الدول العربية ونقل المعركة خارج فلسطين، علاوة على تأكيد إسرائيل الدائم أن ذراعها طويلة وتستطيع الوصول لمن تشاء. ولم تعلن إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن اغتيال المبحوح، إلا أن شخصيات في الحكومة الإسرائيلية رحبت بذلك إلى أبعد الحدود، وهو الأمر الذي دفع المحللين إلى اعتبار أن الاستخبارات الإسرائيلية "موساد" تقف وراء عملية الاغتيال. وشدد على أن "حماس توازن بين عدة أمور لردع العدو الصهيوني"، بطريقة "لا تمس مصالحها وعلاقاتها خصوصاً مع الدول العربية"، مشيراً إلى أن اغتيال المبحوح والرد عليه يأتي في سياق صراع طويل مع العدو، "سيدفع الثمن في أي لحظة". ورغم أن حركة "حماس" هددت في حوادث اغتيال سابقة استهدفت قياداتها بردود "قوية ومزلزلة"، إلا أن واقع الحال لم يشهد عمليات كبيرة في هذا السياق، خصوصاً بعد اغتيال زعيمها الشيخ أحمد ياسين وغيره من قيادات الصف الأول. وتدرك حركة "حماس" خطورة أي قرار يتعلق بنقل المواجهة مع إسرائيل إلى الخارج، سواء على صعيد علاقاتها السياسية الحريصة على تعزيزها، أو من جانب طبيعة التعامل الإسرائيلي آنذاك كما قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية في غزة الدكتور وليد المدلل. وأضاف: "حماس لا تريد توريط نفسها في عمليات تشوه علاقاتها مع الدول العربية، كما أنها حريصة على عدم وصمها بالإرهاب الذي لاحق منظمة التحرير خلال سنوات عملها المسلح". وذكر المدلل أن دخول "حماس" معترك العمل السياسي جعل حساباتها دقيقة إزاء أي خطوة تريد الإقدام عليها، مشيراً إلى أن الحركة لم ترد بشكل مباشر على اغتيال قيادات في وقت سابق حرصاً على مصلحة الشعب الفلسطيني ومصلحتها. واعتبر أن "حماس" حركة منظمة وتجربتها تؤكد أنها ستكبح جماحها في الوقت الراهن على الأقل، مؤكداً أن الاحتلال الإسرائيلي حريص على التصعيد العسكري معها في الخارج، انتظاراً لخطوة مماثلة حتى يمتلك الأوراق الكفيلة بتشويهها عالمياً بشكل أوسع. وفي سياق متصل، أوضح المحلل السياسي ناجي شراب أن عملية الاغتيال بذاتها تثير جملة من التساؤلات حول قدرة حركة "حماس" على حماية قياداتها خصوصا وأن الشهيد انتقل من بلد عربي إلى آخر، مستبعداً إقدام الحركة على أي خطوة من شأنها تصعيد الميدان سواء في قطاع غزة أو الخارج. وبين أن "حماس" في مرحلة مختلفة تماماً عن مراحل عملها السابقة، إذ أن انتقالها لى العمل السياسي دفعها إلى دراسة خياراتها بشكل دقيق لعدم جلب مزيد من الإشكاليات لها، مؤكداً أن اغتيال المبحوح يحمل رسائل وأهدافا كثيرة، أهمها ما يتعلق بتغيير مكان الصراع. وقال شراب: "الاحتلال يحاول دفع حماس للقيام بعمل ما، يمكن في ما بعد ربطها من خلاله بالإرهاب والعنف الدولي الذي تحاربه معظم الدول". واشار الى ان "حماس" قادرة من حيث الفعل على القيام بعمل عسكري في الخارج، بالنظر إلى علاقاتها مع الحركات الإسلامية على امتداد الوطن العربي.