رؤساء المعارضة في إسرائيل يدعونها للتدخل عسكريا لحماية “دروز سوريا”

الجمعة 02 مايو 2025 06:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
رؤساء المعارضة في إسرائيل يدعونها للتدخل عسكريا لحماية “دروز سوريا”



الناصرة/سما/

بعد إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس عن القصف قرب القصر الرئاسي في دمشق، دعا رؤساء المعارضة إسرائيل للتدخل من أجل حماية الدروز في سوريا.

وقال رئيس المعارضة يائير لبيد في تغريدة على حسابه بتطبيق “إكس” إن إسرائيل لا تستطيع أن تهمل الدروز في سوريا وتتركهم لمصيرهم، معتبرا أن على النظام السوري أن يعلم أن الدروز حلفاؤنا ولن نقف جانبا وهو يهاجَمون.

وتبعه النائب بيني غانتس، رئيس الحزب الدولاني المعارض، في تغريدة قال فيها إنه تحدث صباح اليوم الجمعة مع المرشد الروحي للدروز في إسرائيل موفق طريف، زاعما أن هناك التزاما قيميا ومصلحة أمنية في مساعدة الدروز في سوريا.

وتابع غانتس: “من المهم الفهم أنه قبل كل شيء يجري الحديث عن تحالف قيمي مع مَن يقاتل معنا ويعيش معنا ولهم أقرباء وإخوة يتعرضون للخطر. علاوة على ذلك، لدينا مصلحة أمنية من الطراز الأول في حماية المناطق الخاضعة لسيطرة الدروز في سوريا، ولن نسمح للمجموعات المتطرفة بتقوية سيطرتها وتأثيرها في الدولة”.

وفي أعقاب مظاهرات تخللها إغلاق شوارع من قبل دروز في الجليل والكرمل في اليومين الأخيرين، واحتجاج مقابل بيت رئيس حكومة الاحتلال في قيساريا، أعلن الأخير نتنياهو وكاتس عن تنفيذ ضربة جوية قريبا من القصر الجمهوري في دمشق خلال الليلة الفائتة.

وأوضح بيان نتنياهو وكاتس أن “الضربة الجوية رسالة واضحة للنظام السوري ولن نسمح بتقدم قوات نحو جنوب دمشق، ولن نتيح كل تهديد للطائفة الدرزية”.

وبعد بيان نتنياهو وكاتس، نشرت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، بيانا قالت فيه إنها تستنكر عمليات العنف ولغة التهديد ضد الطائفة الدرزية في سوريا. وقال البيان الأمريكي إنه على السلطات المؤقتة في سوريا وقف القتال ومحاسبة منفّذي العنف ضد المدنيين وحماية أمن كل السوريين.

وتابعت الخارجية الأمريكية: “انقسامات على خلفية طائفية ستغرق سوريا والمنطقة بالمزيد من الفوضى. رأينا أن السوريين قادرون على تسوية مشاكل فيما بينهم بطرق سلمية ومفاوضات. ندعو لحكومة مستقبلية في سوريا تكون تمثيلية وتحمي وتدمج كل الفئات بمن فيهم أقليات عرقية ودينية”.

جمعية الجنود الدروز
وكانت جمعية “الجنود المسرحين والجنود في الاحتياط الدروز”، قد بعثت أمس بمذكّرة لنتنياهو وكاتس، طالبت فيها بتدخل فوري من قبل الجيش الإسرائيلي لوقف المذبحة ضد الدروز في سوريا، وفق زعمهم.

وجاء في المذكرة: “هناك مئات من المقاتلين الدروز مستعدون فورا للتطوع والقتال إلى جانب إخواننا بغية إنقاذهم حتى بثمن تحمل مسؤولية ذاتية عن المخاطر المنوطة بذلك على سلامتهم وحياتهم.

قبل ذلك، كان قد صدر بيان عن المرشد الروحي الأعلى للدروز في إسرائيل، موفق طريف، قال فيه إن “عيون أبناء الطائفة الدرزية تتجه نحو القرى الدرزية في محيط دمشق. أنا أدعو دولة إسرائيل والمجتمع الدولي والشعب اليهودي للعمل بشكل فوري لمنع حدوث مجزرة هناك. ممنوع أن تقف إسرائيل متفرجة على ما يجري في هذا الوقت في سوريا”.

بعد ذلك انطلقت عمليات احتجاج وإغلاق مفارق حيوية وإضرام إطارات في إسرائيل، وردد المحتجون الدروز شعارات تضامنية مع دروز سوريا، من بينها: “بالروح بالدم نفديك يا صحنايا”.

بعيدا عن لغة القوة
واعتبر مستشار الأمن القومي الأسبق في إسرائيل، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، أن هناك صعوبة موضوعية أمام تدخل عسكري إسرائيلي للدفاع عن الدروز في جرمانا وأشرفية صحنايا قريبا من دمشق، بسبب البعد الجغرافي، وعدم إمكانية التمييز بين المجموعات المتقاتلة.

وفي حديث للإذاعة العبرية الرسمية، قال آيلاند: “من الصعب على إسرائيل الوصول والتدخل في منطقة دمشق بعكس منطقة جبل العرب حيث الدروز منظمون وأكثر قوة”. وتساءل: “هل تستطيع إسرائيل حقا المساعدة؟ السؤال الأهم هنا هو هل فعلا يملك الجولاني السيطرة على هذه المجموعات المسلحة؟ ربما أن هناك حالة فوضى حيث ما زالت قوى جبهة النصرة وبقايا القاعدة تنشط. لا أنفي أن هناك إمكانية للتدخل البرّي بحال لم يبادر أو ينجح جولاني في وقف هذه العمليات ضد الدروز. الواضح لي أن إسرائيل لا تستغل ضعف سوريا واستعدادها للتفاوض، ونحن نستخدم القوة فقط بدلا من القيام بفحص خيار دبلوماسي يعتمد لغة ناعمة بعيدا عن القوة”.

أديب الشيشكلي وموشيه شاريت
يشار إلى أن هذه التوترات التي تجمع سوريا وإسرائيل والدروز في الجانبين ليست جديدة. فقد  شهدتها فترة حكم الرئيس السوري الراحل أديب الشيشكلي الذي اعتلى سدة الحكم عام 1950، فعمد إلى اعتقال ضابط سوري ينتمي للدروز، شكيب وهاب، وغيره. وفي 1953 دعا الشعب السوري لاستفتاء لانتخابه رئيسا للجمهورية، ثم أعلن الأحكام العرفية، واعتقل قادة الأحزاب المعارضة وعددا من قادة الدروز في سوريا.

على خلفية ذلك، قدّم النائب الراحل في الكنيست جبر داهش معدي، من بلدة يركا في الجليل (القائمة الديموقراطية لـ”عرب إسرائيل” وهي قائمة دارت في فلك حزب “مباي” الإسرائيلي) اقتراحا لجدول أعمال الكنيست في الأول من شباط/ فبراير 1954، خطابا نشرته وسائل إعلام بشكل بارز احتج فيه على إجراءات الشيشكلي، وطالب بتقصّي حقيقة الأحداث التي نخشى أن تلقي بظلالها وتكون لها أبعاد بعيدة المدى على أبناء الطائفة الدرزية في سوريا”.

فيما طالب وفد من مشايخ دروز الجليل والكرمل رئيسَ الحكومة الإسرائيلية، آنذاك، موشيه شاريت وحّثوه كي تتدخل إسرائيل في أحداث سوريا للحد من “أعمال الطاغية الشيشكلي وإسقاطه”. وقد طلب معدي تجنيد قوى درزية لحماية جبل العرب.

هذا ما يؤكده المؤرخ منصور معدي من بلدة يركا الدرزية في كتابه الصادر عام 2014: “رجل الكرامات الشيخ جبر داهش معدي”. وتبعه وقتذاك رئيس حكومة إسرائيل، موشيه شاريت، وعبّر في خطابه عن قلقه “إزاء التعدي السافر” على أبناء الطائفة الدرزية في سوريا التي أشاد بدورها التاريخي، وقال إنه من اللائق أن يكون أكثر حذرا من الشيخ معدي في التعبير عن قلقه، مقترحا إحالة الموضوع للبحث في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وكلي أمل أن يدعم الشيخ جبر هذا الاقتراح”، وفق ما جاء في كتاب يومياته بالعبرية.

وفي أعقاب خطاب الشيخ النائب جبر معدي المذكور، بذلت حكومة إسرائيل أقصى جهودها لإشعال الأمور وتأجيجها ومحاولة زعزعة نظام حكم الشيشكلي من خلال الإذاعة والصحافة الإسرائيلية، كما يؤكد منصور معدي. وبصرف النظر عن تأثير الدور الإسرائيلي فعليا، فقد سقط حكم الشيشكلي في 1954.

أيها السوريون انتبهوا
وفي هذا المضمار، قال الدكتور ثائر أبو صالح من بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل في صفحته: “أيها السوريون على اختلاف مشاربكم، لا أحد يريد لكم الخير من الدول الإقليمية والقوى الدولية، ويستغلون ضعاف النفوس من أبناء جلدتنا لبث الذباب الإلكتروني لإيقاظ الفتنة من أجل خلق صراع طائفي كي تعطي الذريعة للقوى الإقليمية والدولية لتتدخل وتقوم بتقسيم سوريا. على العقلاء وأصحاب القرار من كل الطوائف التصدي لهكذا محاولات عبر وحدة الصف ونبذ الطائفية، ونحن بأمسّ الحاجة اليوم لتشكيل مجلس روحي من القيادات الدينية من كل الطوائف ليتعامل مع هذه الخروقات ويمنع تطورها إلى ما لا يحمد عقباها”.

وخلص أبو صالح للقول: “لا تفرطوا بدماء ملايين الشهداء التي سفكت من أجل بناء سوريا الجديدة، سوريا لكل السوريين، وتحولوها إلى خرابة، فإن دماءهم ستلاحقنا وتلعننا إلى يوم الدين”.