هدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأربعاء بالاستيلاء على أجزاء إضافية من غزة إذا لم تفرج حركة حماس عن الرهائن المحتجزين لديها في حين استأنف الجيش الإسرائيلي منذ أكثر من أسبوع غاراته ونفذ عمليات برية في القطاع المدمر.
وشهد القطاع الأربعاء تظاهرات جديدة معادية لحماس ضمت مئات الأشخاص في مدينة غزة وفي بلدة بيت لاهيا في الشمال، ورفع بعضهم لافتات كتب على إحداها “حماس لا تمثلنا”. وسار المتظاهرون وسط الدمار وهم يرددون هتافات منها “الشعب يريد اسقاط حماس” و”حماس برا برا”.
وقال متظاهر في مدينة غزة يُدعى مؤيد زاهر “لا نريد حماس! تعبنا!”.
وفي بيت لاهيا، قال مجدي الذي رفض ذكر اسم عائلته إنّ “عشرات الشباب تجمعوا قرب خيام النازحين وتحوّل الامر إلى تظاهرة عفوية لأنّ الناس تعبت من الحرب، ولكن أثناء السير أمام مستشفى الإندونيسي ردّد البعض هتافات ضدّ حماس، وكفى حربا”.
وأضاف “إذا كان خروج حماس من مشهد حكم غزة هو الحل فلماذا لا تتخلى حماس عن الحكم لحماية الناس”.
شهدت بلدة بيت لاهيا الثلاثاء أكبر تظاهرة مناهضة لحماس منذ بداية الحرب بعد أن انتشرت دعوات للتظاهر، مجهولة المصدر، في تسعة مواقع عبر تطبيق تلغرام.
وقال نتانياهو الأربعاء أمام الكنيست “يدرك عدد متزايد من سكان غزة أن حماس تجلب لهم الدمار والخراب، وهذا مهم جدا. كل هذا يثبت أن سياستنا ناجحة”.
واتهم المعارضة الإسرائيلية “بتأجيج الفوضى” من خلال دعم الاحتجاجات المتنامية في إسرائيل ضد استئناف الهجمات على غزة وضد إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
وليل الأربعاء احتشد في محيط الكنيست في القدس آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة للاحتجاج على مشروع قانون من شأنه أن يمنح الطبقة السياسية صلاحيات أوسع في تعيين قضاة، وقد عمدوا إلى قرع الطبول وإطلاق الأبواق وهتفوا “ديموقراطية” ملوّحين بالأعلام الإسرائيلية.
ودعا متحدّثون خلال التجمّع الحكومة لضمان الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة وإلى استئناف المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار في القطاع.
واستأنف الجيش الإسرائيلي قصفه لقطاع غزة في 18 آذار/مارس ثم نفذ عمليات برية، بعد هدنة استمرت قرابة شهرين في الحرب التي اندلعت إثر الهجوم الذي شنته حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 انطلاقا من القطاع الذي تسيطر عليه الحركة وتحكمه منذ 2007.
وأعلنت وزارة الصحة في حكومة حماس الأربعاء استشهاد 830 فلسطينيا منذ استئناف الهجوم، لترتفع حصيلة الشهداء في القطاع المحاصر إلى 50183 منذ اندلاع الحرب. علما أن هجوم حماس أوقع 1218 قتيلا، وفق الأرقام الإسرائيلية.
وشهدت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير إطلاق سراح 33 رهينة بينهم 8 قتلى. وأفرجت إسرائيل من سجونها عن نحو 1800 معتقل فلسطيني.
ومن أصل 251 رهينة اختطفوا في الهجوم، ما زال 58 محتجزين في غزة، منهم 34 قتلوا بحسب الجيش الإسرائيلي.
والأربعاء، أكد الجيش الإسرائيلي رصد صاروخين أطلقا من القطاع واعترض أحدهما.
ومساء الأربعاء دعا الجيش الإسرائيلي سكان عدد من مناطق وسط القطاع لإخلائها قبل أن يقصفها.
وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على منصة إكس “إلى جميع سكان قطاع غزة المتواجدين في الأحياء التالية: الزيتون الغربي والشرقي، تل الهوا، البلدة القديمة، الشيخ عجلين، الشيخ، توسعة النفوذ والرمال الجنوبي، هذا انذار مسبق وأخير قبل هجوم!”.
وأضاف “تعود المنظمات الإرهابية وتطلق قذائفها الصاروخية من داخل (مناطق مأهولة بـ) المدنيين. لقد حذّرنا هذه المنطقة مرات عديدة. من أجل سلامتكم عليكم الانتقال فورا إلى جنوب وادي غزة إلى مراكز الإيواء المعروفة”.
ويتفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة وينذر بكارثة أكبر بعد أن أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت دخول المساعدات الإنسانية في الثاني من آذار/مارس لإرغام حماس على تسليم الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لديها.
وعدا عن نقص الماء والطعام والمستلزمات الطبية والمأوى، أدى استئناف الغارات والقصف إلى موجات نزوح جديدة شملت 142 ألف شخص في أسبوع واحد، بحسب الأمم المتحدة. في حين أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة نزحوا مرارا وتكرارا منذ بداية الحرب.
وقال نتانياهو خلال جلسة للكنيست “كلما أصرت حماس على رفض إطلاق سراح رهائننا، سيزداد الضغط الذي نمارسه قوة … يشمل هذا الاستيلاء على أراض وإجراءات أخرى لن أفصلّها هنا”.
بدوره، خاطب وزير الدفاع يسرائيل كاتس الاربعاء سكان القطاع المدمر متوعدا بان “الجيش سينفذ قريبا عمليات بأقصى قدر من القوة في مناطق جديدة من غزة … حماس تعرض حياتكم للخطر وتتسبب بخسارتكم منازلكم ومزيدا من الاراضي”.
من جانبها، اعتبرت حماس أن استئناف الحرب “كان قرارا مُبيّتا عند نتانياهو لإفشال اتفاق (الهدنة) … وعلى المجتمع الدولي والوسطاء الضغط لإلزامه بوقف العدوان والعودة لمسار المفاوضات”.
وأضافت “تبذل المقاومة كل ما في وسعها للمحافظة على أسرى الاحتلال أحياء، لكن القصف الصهيوني العشوائي يعرض حياتهم للخطر”، محذرة من أنه “كلما جرّب الاحتلال استعادة أسراه بالقوة، عاد بهم قتلى في توابيت”.
وقال غال غلبوغ-دلال، الذي نجا من هجوم 2023 وما زال شقيقه رهينة، لوكالة فرانس برس إنه إنه “يرتعب” لاحتمال مقتل أخيه غاي ومن تعريض حياة الرهائن المتبقين للخطر مع استئناف الهجمات والقصف.