يواصل الموريتانيون على جبهات عدة، نشاطهم الداعم للمقاومة والمؤازر للأهالي في قطاع غزة: وأول هذه الجبهات هي جبهة الاحتجاجات التي لم تتوقف منذ أن استأنف التحالف الصهيوني الأمريكي حربه في غزة؛ والجبهة الثانية هي جبهة الإغاثة والتبرعات، والجبهة الثالثة هي جبهة التحضير لإعادة إعمار غزة.
وفي هذه الجبهات الثلاث ينشط الموريتانيون جميعاً، قبائل وشباباً ونساء ومنظمات مجتمعية وأحزاباً وسلطات.
ويركز الموريتانيون احتجاجاتهم على السفارة الأمريكية في نواكشوط لأنهم يعتبرون أن حكومة ترامب مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حرب الإبادة في غزة لما توفره من دعم عسكري ومالي وسياسي ودبلوماسي لدولة الاحتلال، ولما تمارسه من ترهيب الحكومات لمنعها من أي تعاطف مع ضحايا الحرب القذرة.
وهزت آخر وقفة احتجاجية نظمها الموريتانيون أمس، بتأطير من المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة، مباني السفارة الأمريكية بنواكشوط التي اخترقتها شعارات المسيرة الغاضبة المزمجرة الرافضة للحرب.
وشارك في الوقفة أئمة ودعاة ونواب وناشطون في المجتمع المدني، أكدوا كلهم على «وجوب الانتصار للشعب الفلسطيني والوقوف مع المجاهدين ومساندتهم بجميع الوسائل المتاحة».
وأكد خطباء المسيرة «أن هدف احتجاجهم هو التنديد الصارخ بما يرتكبه العدو الصهيوني ووكلاؤه في الإدارة الأمريكية بحق أهلنا في غزة، وبحق الأطفال والنساء من جرائم وحشية».
وردد المشاركون في الوقفة شعارات وهتافات مستنكرة للعدوان الصهيوني، ومطالبة بطرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات مع أمريكا الراعي الأكبر للاحتلال الصهيوني والمشارك معه في عدوانه الظالم على غزة».
واستنكر نائب رئيس المبادرة الطلابية الشيخ ولد محمد في كلمته أمام جموع المحتجين، «المجازر المروعة التي يتعرض لها أهلنا في غزة على يد الآلة الحربية الصهيونية الجبانة بدعم وسلاح ورعاية أمريكية»، مطالباً «بقطع العلاقات مع أمريكا وطرد سفيرها حتى يتوقف العدوان عن أهلنا في غزة».
وأكد ولد محمد على «استمرار طلاب موريتانيا في نضالهم نصرة للمقاومة ودفاعاً عن مقدسات الأمة».
وشهدت الوقفة حضورًا واسعًا للنشطاء والفاعلين في المجتمع المدني، حيث ألقى عدد من الخطباء كلمات قوية استنكروا فيها استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي، وحملوا الأنظمة العربية والدولية مسؤولية التقاعس عن نصرة الفلسطينيين. كما دعوا إلى تصعيد حملات الدعم والمساندة عبر جميع الوسائل المتاحة، وعلى رأسها توجيه زكوات الفطر والأموال لأهل غـزّة في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها.
وأكد علماء وأئمة شاركوا في الوقفة «أن نصرة الشعب الفلسطيني فريضة شرعية وأخلاقية»، مشددين على «أن التخاذل عن دعم أهالي غـزّة، خاصة في هذا الظرف الحرج، يتنافى مع قيم الإسلام».
وقال أحد الأئمة البارزين في كلمته: غزّة اليوم ليست بحاجة فقط إلى الشعارات، بل إلى الدعم الحقيقي الملموس، زكاة الفطر، الصدقات، وكل ما يمكن تقديمه من مال وسلاح وغذاء، فهؤلاء المرابطون هم خط الدفاع الأول عن الأمة».
وأشار إلى «أن فقه الضرورة يوجب نقل الزكاة والصدقات إلى المناطق الأشد حاجة، مؤكداً أن من ينفق في دعم أهالي غـزّة يدخل في باب الجهاد بالمال.
ومن جهتهم، شنّ قادة الأحزاب السياسية المشاركون في الوقفة هجومًا لاذعًا على الصمت العربي والدولي تجاه المجازر التي يرتكبها الاحتلال، معتبرين أن التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة صريحة للقضية الفلسطينية.
وقال أحد قادة الأحزاب في كلمته: «نشاهد اليوم كيف تُباد المدن في غـزّة على مرأى ومسمع من العالم، ولا نرى سوى بيانات الشجب والتنديد، بينما يستمر البعض في التطبيع والمصافحة وكأن الدم الفلسطيني لا قيمة له».
وأضاف: «الشعوب العربية والإسلامية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك، سواء عبر المظاهرات، أو المقاطعة الاقتصادية، أو الدعم المباشر للمقاومة، فهذا أقل ما يمكننا فعله تجاه من يضحون بأرواحهم نيابة عن الأمة». كما تحدث ناشطون في مجال حقوق الإنسان خلال الوقفة، مؤكدين «أن ما يحدث في غـزّة هو جريمة إبادة جماعية موثقة، تستوجب تحركًا قانونيًا ودبلوماسيًا عاجلاً لملاحقة الاحتلال الصهيوني على جرائمه».
وقال أحد الحقوقيين: «ما يجري في غـزّة ليس مجرد حرب، بل هو تطهير عرقي منظم، وجرائم حرب موثقة بالأدلة، لكن المؤسسات الدولية لا تحرك ساكنًا، لأنها أسيرة الهيمنة الصهيو-أمريكية».
ودعا الحقوقي الخطيب «جميع الهيئات الحقوقية إلى رفع قضايا أمام المحاكم الدولية، والضغط على الحكومات لوقف التعامل مع الاحتلال، مؤكدًا أن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا في كسر الحصار.
وفي ختام الوقفة، دعا الخطباء إلى استمرار التعبئة الشعبية والإعلامية لصالح القضية الفلسطينية، مطالبين الجميع بعدم الاكتفاء بالتظاهر، بل بتحويل الغضب إلى دعم فعلي عبر التبرعات والمساعدات الإنسانية. وفي إطار حملة الاستنكار، نظّم عدد من أعضاء البرلمان الموريتاني، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان الموريتاني، تعبيرًا عن تضامنهم مع سكان قطاع غزة، واستنكارًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل على المدنيين العزل.
وخلال الوقفة، عبّر النواب عن إدانتهم الشديدة للمجازر المرتكبة، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف العدوان، ووضع حد لسفك الدماء والإبادة الجماعية التي تطال النساء والأطفال وكبار السن في القطاع.
كما حمّل البرلمانيون الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية استمرار الجرائم في غزة، داعين إلى وقف دعمها العسكري والمالي للكيان الصهيوني.
وكان عشرات النواب قد سلّموا، الخميس، رسالة إلى السفارة الأمريكية في نواكشوط، حمّلوا فيها الولايات المتحدة كامل المسؤولية عن الحرب الهمجية التي يشنّها الجيش الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وخصوصًا في غزة. وأعلن مئات المثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعات والمحامين والإعلاميين الموريتانيين في رسالة سيارة يوقعها كل مدون ويضيف لها اسمه وصفته وينشرها على صفحته، عن «انحيازنا الكامل ومناصرتنا، التي لا لَبس فيها، للحقّ الفلسطينيّ الساطع الذي لا يخضع لمساومات السياسة البائسة وتهافتها المشين، ولا مجال لصونه وإحقاقه إلا بالمقاومة».
«إنّ فلسطين، يقول الموقعون، ليست لعبة ذهنيّةً نتسلّى بها في أوقات فراغنا؛ إنّها اختبارنا الأخلاقيّ الذي به تتحدّد القيمة والدور لكلّ إنسان يضع الحرية تاجًا على رأسه؛ ولذا فإنّ انحيازنا لفلسطين هو انحياز جماليّ ضدّ بشاعة الاحتلال، وضدّ بشاعة التواطؤ معه، وضدّ بشاعة الصمت عليه، وضدّ بشاعة اختراع الذرائع الواهية للصدّ عن مقاومته في كلّ صعيد».
وأضاف مطلقو الرسالة: «إنّنا ندعو كلّ مثقّف حرّ وكلّ ذي ضمير حيّ إلى نبذ ثقافة الاستخذاء، التي عملت الأنظمة على تكريسها، والانحياز من جديد إلى ثقافة المقاومة التي تجعل من فلسطين نبراسًا للحقّ والحرية».
وعلى جبهة النشاط الخيري، أعلن المنتدى الإسلامي الموريتاني عن استمرار حملات إغاثة غـزة، مؤكدًا أن المنتدى سيعمل على إيصال الزكوات والتبرعات في أسرع وقت ممكن لضمان دعم الأسر المتضررة قبل حلول عيد الفطر.
وجدد المنتدى دعوته للمسلمين إلى توجيه زكاة الفطر وزكوات الأموال هذا العام لصالح أهالي غـزّة، استنادًا إلى فتاوى علماء الأمة التي تجيز نقل الزكاة عند الحاجة والضرورة، خاصة في ظل المجاعة المفروضة على السكان بفعل الحصار والتجويع الممنهج.