يستخف رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود براك بـ”مقترحات ويتكوف”، ويحمل بشدة على رئيسها الحالي بنيامين نتنياهو، ويقول إن كل ما يفعله هو للحفاظ على ائتلافه واستمراره، وإنه يبيع الأكاذيب للأمريكيين، ويستغل عدم فهمهم العميق لواقع الحال في المنطقة وانشغالهم بقضية أوكرانيا.
في حديث للإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم الأحد، قال براك: “لو كنا نعيش في عالم مثالي، لكانت مقترحات ويتكوف ممتازة، أما ونحن نعيش في أرض الواقع، فإنها تنطوي على إشكالية كبيرة”، مشددًا من جديد على أن الأولوية الأولى ينبغي أن تكون لاستعادة كل الرهائن دفعة واحدة.
ومضى براك في تحذيراته الحادة: “إن استمرار هذا النقاش حول الصفقة يعني حكمًا بالإعدام عليهم، واستنساخ عشرات من قصة ملاح الجو الإسرائيلي المفقود في لبنان منذ أربعة عقود، رون أراد. لا صلاحية أخلاقية للحكومة لفعل ذلك، ولا لحرب جديدة، خاصة بحرب تقتل بقية الرهائن”.
ويعتقد براك، وهو خصم لدود لنتنياهو منذ سنوات، أن الحرب لن تتجدد على غزة لأسباب أخرى لدى نتنياهو، الراغب في التفرغ لتمرير مشروع قانون الموازنة العامة، الذي يعني عدم المصادقة عليه سقوطًا فوريًا لحكومته.
وأطلق براك سهام انتقاداته نحو المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، بقوله إن “ويتكوف مشغول بأوكرانيا، وإنه يشكّك في قدراته على فهم حقيقة الواقع، ويخشى أن ينجح نتنياهو بالتغرير به، وبالتالي نسج وهم وصورة مزورة لديه وهو يتعامل مع الشرق الأوسط”.
وكررّ براك انتقاداته لحكومة الاحتلال، مشددًا على أن “إهمال المخطوفين كارثة يتحمل مسؤوليتها نتنياهو ودرمر، فإنقاذ الحكومة والبقاء في الحكم هو الأساس لديهما”.
وردًا على سؤال عن البديل، يرى براك أنه على إسرائيل الدخول في مداولات تعيد الرهائن فورًا، زاعمًا أن حركة “حماس” لن تكون موجودة، ليس بالجهد العسكري، بل بطرح سياسي لليوم التالي، باستبدالها بجهة أخرى.
ويضيف: “لن تنجح الحكومة عسكريًا بفعل ما فشلت في تحقيقه حتى الآن طيلة عام وربع العام. مقاتلة “حماس” عسكريًا حتى تدمير آخر جندي فيها هذا وهم. كنا في جباليا أربع مرات، ولن يحدث شيء جوهري في المرة الخامسة، بل ستقتل العمليات العسكرية الرهائن، وسيُقتل المزيد من الجنود، وسنعود إلى نقطة الصفر. الحرب ستقتل الرهائن، ورأينا أن مثل ذلك قد حدث… وهذا علاوة على مكانة إسرائيل في العالم وتهديد اتفاقات إبراهام”.
ويرى براك أن الرئيس الأمريكي، ترامب، لا يتعامل مع خطة التهجير بجدية، ولا يرى واقعنا المركب.
براك، الذي تحدث للإذاعة العبرية قبيل الكشف عن مخطط التجويع الجديد بإغلاق بوابات القطاع، يمضي في تبرير رفضه لفكرة الحرب على غزة مجددًا، بالقول: “في نهاية المطاف، سنكون مضطرين لنقل السلطة إلى جهة أخرى بدلًا من “حماس”، ولذا علينا أن نفعل ذلك الآن. نحن المسؤولون، وعلينا طرح أفكار عملية من أجل استبدال “حماس”، وبالتعاون مع دول عربية والولايات المتحدة، مع احتفاظ إسرائيل بخط الرجعة للحرب مستقبلًا”.
وهم النصر الكامل
وفي سياق متصل، قالت القناة العبرية 14، التي تعتبر بوقًا لنتنياهو، إن الأخير هو من قرّر وقف شحنات المساعدات إلى غزة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، منوهةً بأن حكومة الاحتلال وافقت على إمكانية استدعاء 400 ألف جندي من جيش الاحتياط.
وسارع وزير المالية المستوطن، بتسلئيل سموتريتش، للدعوة إلى جريمة حرب جديدة وفقًا للقانون الدولي، بقوله: “يجب فتح أبواب الجحيم بأسرع وقت وبأقسى طريقة على العدو الوحشي حتى تحقيق النصر الكامل”.
وهذا ما دعا إليه وزير الأمن القومي المستقيل، إيتمار بن غفير، المدان بالإرهاب، بقوله هو الآخر: “الآن هو الوقت المناسب لفتح أبواب الجحيم، وقطع الكهرباء والمياه، والعودة للحرب”.
من جهته، يطالب منتدى عائلات المحتجزين بالتخلي عن “مقترحات ويتكوف” والعودة إلى مخطط ترامب؛ استعادة كل المخطوفين معًا، أو فتح الجحيم على “حماس”. وقد نظّم المنتدى مظاهرات، اليوم الأحد، مقابل بيوت الوزراء.
في ظل تهديد ووعيد حكومة الاحتلال بحرب جديدة أشد شراسة، وسط حشد قوات عسكرية، تبدو عائلات الرهائن غاضبة ومتألمة، وهي توجّه إصبع الاتهام للحكومة، قائلة: “هذه أزمة مفتعلة قام نتنياهو بهندستها”.
وقت الحسم
في المقابل، وقبل الكشف عن هذه التطورات، قال المعلق السياسي الإسرائيلي البارز شيمعون شيفر، في مقال بعنوان “وقت الحسم” نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الأحد، إن “المطلوب الآن صفقة الكل مقابل الكل، لكن قيادتنا لا تريد هذا”.
كما يقول شيفر: “سيأتي يوم يشتم فيه ترامب نتنياهو، كما فعل مع زيلينسكي، وقد فعلها مع نتنياهو في الماضي”، داعيًا إلى استعادة الرهائن ووقف الحرب الآن.
وتبعه زميله المعلق السياسي، بن درور يميني، في مقال بعنوان “ترامب يلعب بالنار”، قال فيه إن “معانقة الإدارة الأمريكية لبوتين والركلة بالبث المباشر لزيلينسكي ينبغي أن تشعل ضوءًا أحمر في إسرائيل أيضًا”.
ويعلل بن يميني رؤيته هذه بالقول: “ربما هذه محاولة غريبة من قبل ترامب لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن الخوف أن يقود ذلك فقط إلى التصعيد. هذا مبعث قلق، لأنه من غير الواضح إذا كان هذا العناق سيُخرج روسيا من تحالفها مع إيران، وهناك خوف من أن ينجح بوتين في تليين العلاقات بين البيت الأبيض وطهران”.