قب الإفراج عنه ضمن 200 معتقل فلسطيني جرى إطلاق سراحهم، السبت، يقول الأسير المحرر محمد الملح، إنه يعيش شعورا غير عادي، وكأنه ولد من جديد بعد 23 سنة من الاعتقال في السجون الإسرائيلية.
وفي وقت سابق اليوم، سلمت كتائب القسام 4 مجندات إسرائيليات أسيرات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ميدان فلسطين بمدينة غزة، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري.
** أوضاع السجون صعبة
ويضيف الملح، للأناضول، فور الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية، إن "أوضاع السجون أصبحت صعبة جدا بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (في إشارة إلى بدء الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي استمرت أكثر من 15 شهرا)".
ولفت إلى أن السلطات الإسرائيلية "أدارت حربا أخرى على الأسرى، وسحبت كل منجزاتهم ومكتسباتهم التي تحققت على مدار سنوات النضال".
وقال الملح: "أصبحنا نعيش على أسرةٍ من حديد، إلى جانب سياسة التجويع؛ تحديدا نوعيات الطعام السيئة تؤدي إلى إنهاك الجسد بشكل واضح".
وأشار إلى سياسة الإهمال الطبي المتعمد الذي مارسته مصلحة السجون قائلا: "جراء ممارسة الإهمال الطبي المتعمد استشهد عدد كبير من الأسرى في المرحلة الأخيرة".
وأردف الملح، أن السجانين نكلوا بهم يوميا بشكل وحشي دون أي سبب فقط من أجل الضرب، "بهدف كسر الروح المعنوية للأسير الفلسطيني".
وتابع: "لكن الأسرى، رغم كل ما تعرضنا له، كنا على يقين أننا في نهاية المطاف سنكون بين أهلنا وشعبنا وقد تحقق ذلك اليوم".
وأضاف الملح: "القضية المركزية كانت للأسرى أمام تلك الجرائم التحمل ثم التحمل لأننا سننتصر ونحتفل بهذا النصر".
** وُلدنا من جديد
وعن شعوره اليوم، يقول إنه "لا يوصف، لا أستطيع التعبير، هو أمر فوق العادي، وُلدنا من جديد لم يكن لنا أفق حقيقي للتحرر على مدار سنوات الأسر، وعندما تمت الصفقة فتح الأفق".
ووجه الملح، رسالة لمن عمل على الإفراج عنهم بالقول "رسائل لكل من عمل وأطلق سراحنا، رسالة للمقاومة في غزة من الصعب أن نوفيكم بالكلام، كل التحية لكم، غزة تحملت الكثير الكثير، تحملت أمرا غير مسبوق".
وقال: "في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح الدولة الفلسطينية ستقوم ويجب أن تقوم".
والملح، من بلدة عين كينيا غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، واعتقل في 1993، وعمر لا يتجاوز حينها 16 عاماً، وحكم عليه بالسجن المؤبد، إضافة إلى 30 سنة، تحرر من السجن عام 1999.
بعد الإفراج عنه آنذاك انضم إلى "كتائب المقاومة الوطنية"، التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ليكون أحد قادة منطقة رام الله، وشكل مجموعات وخطط لعمليات، فأعيد اعتقاله عام 2001، وأعيد إليه حكم المؤبد مضافاً إليه 30 سنة.
وفي وقت سابق السبت، أعلنت إسرائيل أنها أطلقت سراح 200 أسير فلسطيني تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما تم إبعاد 70 منهم إلى مصر، ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لاتفاق وقف النار بغزة.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "جرى إطلاق سراح 114 سجينا أمنيا فلسطينيا من سجن عوفر إلى مدينة رام الله (وسط الضفة الغربية)، و16 إلى قطاع غزة، فيما تم ترحيل 70 آخرين إلى مصر".
وظهر السبت، أفرجت حركة حماس عن 4 مجندات إسرائيليات سلمتهن للصليب الأحمر الذي سلمهن بدوره إلى الجانب الإسرائيلي، ضمن الدفعة الثانية للمرحلة الأولى من صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزة.
ومقابل كل مجندة إسرائيلية يتم تبادل 50 أسيرا فلسطينيا بينهم 30 من أصحاب المؤبدات و20 من ذوي الأحكام العالية، وفق ما أفاد به مصدر من حماس للأناضول، السبت.
وإجمالا، تحتجز إسرائيل حاليا أكثر من 10 آلاف فلسطيني في سجونها، وتقدر وجود نحو 96 أسيرا إسرائيليا بغزة.
فيما تضمن اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، الذي بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بغزة مقابل أعداد من الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية.
وفي المرحلة الأولى من الاتفاق، المكون من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، تنص البنود على الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل عدد من المعتقلين الفلسطينيين يُقدر بين 1700 و2000.
وبالفعل شهد التبادل الأول، الذي تم في أول أيام الاتفاق، الإفراج عن 3 أسيرات مدنيات إسرائيليات مقابل 90 معتقلا طفلا ومعتقلة فلسطينيين، جميعهم من الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.