الــعــام الــجــديــد..

الأربعاء 08 يناير 2025 09:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الــعــام الــجــديــد..



الكاتب: عمرو الشوبكي:

قد تكون هي المرة الأولى التي يشهد فيها العالم العربي حربا بشعة امتدت لأكثر من عام مثلما جرى في غزة، وأن تبقى أمنيات العام الماضي بوقف الحرب هي نفسها أمنيات العام الجديد، فالمجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة والاستهداف المتعمد للأبرياء والمدنيين، حتى إنها قتلت ١٠٠ فلسطيني، أول من أمس، هي استمرار لنفس ممارسات العام الماضي دون ردع أو حساب.

وقد تعرض الشعب الفلسطيني في العام الماضي لأسوأ عملية إبادة يتعرض لها منذ النكبة، حيث استمر العدوان الإسرائيلي لأكثر من عام، وتم قتل حوالى ٥٠ ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، وهي أعلى نسبة قتل لضحايا مدنيين يدفعها شعب في قطاع غزة الذي لا يتجاوز عدد سكانه 2.4 مليون نسمة.
لقد دمرت إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع مباني قطاع غزة، وهناك مليون ونصف المليون إنسان بلا مأوى ولا مأكل، وهي مشاهد تتطلب من عالمنا العربي أن يقف مع النفس ليقول، إنه يجب أن يكون العام الجديد هو عام وقف مجزرة غزة.
أما في العالم العربي، فسنجد أن تونس شهدت انتخابات رئاسية كانت محل انتقاد من قوى المعارضة، أما ليبيا فبقيت على حالها، فسيطر الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر على الشرق الليبي، وسيطرت حكومة الدبيبة على الغرب الليبي، وبقي موضوع توحيد مؤسسات الشرق والغرب وإجراء الانتخابات مؤجلا كما جرى في الأعوام السابقة.
أما سورية فقد كان سقوط نظام بشار هو مفاجأة العام الماضي، ووصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة هو مفاجأة العام الجديد، ولا تزال سورية تواجه تحديات كبيرة في الداخل والخارج، وتحاول القيادة الجديدة أن تتعامل معها بخطاب عقلاني تصالحي مع الخارج والداخل، ويبقى التحدي في قدرتها على تحويل هذا الخطاب إلى ممارسة ناجحة ستتركز أساسا في بناء مؤسسات جديدة عسكرية وإدارية تتمتع ولو بحد أدنى من المهنية والاستقلال عن السلطة التنفيذية وبعيدة عن هيمنة الفصائل المسلحة.
أما مصر فلا تزال تواجه تحديات اقتصادية وسياسية تتطلب المراجعة والإصلاح، سواء فيما يتعلق بمراجعة الأولويات الاقتصادية وتخارج الدولة من الاقتصاد أو فيما يتعلق بالإصلاح السياسي وضرورة مراجعة أي هندسة للمجال السياسي والسماح للأحزاب والقوى السياسية والنقابات والمبادرات الأهلية بالحركة المستقلة ما دامت تحترم الدستور والقانون.
تحتاج مصر لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية أن تخرج التفاعلات التي تجري في باطنها إلى العلن والنور وتجري نقاشا عاما حولها.
إن المطالبة بالتغيير لا تعني بالضرورة أنه سيكون للأفضل، ولكن العمل من أجل الإصلاح هو الضمانة للسير نحو الأفضل، والسؤال: هل حصيلة ما جرى، مؤخرا، في أكثر من بلد عربي ستكون نتائجها أفضل في العام الجديد؟. قد لا تكون الأفضل هذا العام، لكن إذا لم ترَه الشعوب هذا العام فستراه في العام التالي، وسيبقى الإصلاح هو الهدف، حتى لو تعددت وسائل الوصول إليه.