"إسرائيل" تستنفر لمواراة جرائم الحرب بعد قرار برازيلي بتوقيف أحد جنودها

الإثنين 06 يناير 2025 05:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
"إسرائيل" تستنفر لمواراة جرائم الحرب بعد قرار برازيلي بتوقيف أحد جنودها



القدس المحتلة/سما/

على أثر إصدار محكمة برازيلية قراراً باعتقال جندي إسرائيلي مشتبه بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، وفرار هذا الجندي إلى إحدى الدول الجارة للبرازيل، عقد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الذي كان يتابع عملية الفرار، اجتماعاً بمشاركة طاقم وزاري من الكابينت الأمني السياسي للتداول في مسألة حماية جنوده في الخارج. 
الجلسة التي عقدها ساعر ضمّت، وفقاً لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، كلا من وزير الشتات عميحاي شكيلي، ووزير النقب والجليل يتسحاق فسرلاوف، ووزير الزراعة والأمن الغذائي، آفي دختر، إضافة إلى موظفين من وزارات الخارجية والقضاء والمواصلات، وممثلين عن جهازي "الشاباك" و"الموساد". 
طبقاً للصحيفة فإن الجلسة هي الأولى ضمن سلسلة اجتماعات ولقاءات مخططة، هدفها التنسيق بين الجهات الإسرائيلية المعنية للتعامل مع توقيف أو اعتقال مستقبلي، وإصدار أوامر قضائية ضد جنود الاحتلال الذين يسافرون للخارج، خصوصاً بعدما نجح صندوق "هند رجب" الذي يعلن صراحة هدفه بملاحقة "الجنود الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين"، في دفع المحكمة الفدرالية البرازيلية إلى إصدار أمر الاعتقال.
بالنسبة لإسرائيل، فإن إدارة قضية توقيف جندي تتضمن ثلاث مراحل: مراقبة وتشخيص الخطر، تقدير حجم الأخير ومدى جديتها، وتقديم استجابة بناء على خطورة الوضع الناشئ حيث يتعلق الأمر أحياناً بدول صديقة، وأحياناً قد يضطر الأمر إسرائيل إلى تهريب جنودها خشية الاعتقال كما حدث مع الجندي الفار من البرازيل، يوفال فيغداني.

من جهته، أوعز ساعر خلال الجلسة للمشاركين بصياغة فورية لإجراءات التعامل مع حدث من هذا النوع، كما أوعز الجيش بتقديم دورات إرشادية وتوعوية للجنود والضباط ومطالبتهم بعدم مشاركة جرائمهم على حساباتهم في الشبكة العنكبوتية. علاوة على ما تقدم أمر ساعر بإنشاء "خط ساخن" للجنود الذين يرغبون في الاتصال والحصول على معلومات معيّنة حول مخاطر سفرهم إلى دولة ما. والأهم من كل ذلك، أن كان إيعازه بتشكيل هيئة هدفها تجميع معلومات وبيانات حول المنظمات الناشطة ضد جنود جيش الاحتلال في الخارج، على غرار صندوق "هند رجب".


في غضون ذلك، استعرض الاجتماع بيانات بشأن حالات التوقيف والملاحقة للجنود، ليتبين أنه منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت ثمة 12 حادثة ملاحقة قضائية لجنود في انحاء العالم. وأظهرت المعطيات أنه في النصف الثاني من العام الماضي 2024 طرأ ارتفاع بنسبة 63% في حوادث "معاداة السامية" على الشبكة، وارتفاع بنسبة 104% في الهجمات الجسدية التي تزعم إسرائيل أنها "معادية للسامية" أيضاً.


وفصّلت الصحيفة الدول التي تنتهج "خطاً معادياً" لإسرائيل؛ حيث وضعت في مقدمتها أيرلندا، تليها البرازيل، إسبانيا، بلجيكا، وجنوب أفريقيا، لافتةً إلى أنه فُتحت مسارات قضائية ضد جنود الجيش في الدول التالية: المغرب، النرويج، بلجيكا، قبرص، سيريلنكا، هولندا، البرازيل، تايلاند، أيرلندا، صربيا، فرنسا، وجنوب أفريقيا.
ومن التفاصيل التي استعرضت في الجلسة تبين أن جنود الجيش نجحوا في الفرار تحت الرادار من خمس دول على الأقل. ومع ذلك، فإنه لم يسبق أن اصدرت أيّة دولة أوامر اعتقال ضد جنود الاحتلال. وذكرت الصحيفة أن المنظمات الأساسية التي تنشط في ملاحقة الجنود هي "صندوق هند رجب"، وحركة "30 مارس"، التي ادعت الصحيفة أن نشطاء حركة "صامدون" التي أعلنتها إسرائيل "تنظيماً إرهابياً"، هي من تقف خلفها.


على المقلب الآخر، ذكر "صندوق هند رجب"، أنه مرر للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، تفاصيل حول ألف جندي إسرائيلي، وذلك بعد نحو عام من تأسيسه في فبراير/شباط السنة الماضية، على أيدي فلسطينيين ونشطاء مناهضين للاحتلال يعيشون في بروكسل، وفاء لذكرى الطفلة الفلسطينية هند رجب (ست سنوات) التي حاصرتها الدبابات الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني مع أقربائها في سيارة، وقتلتهم أمام أعينها، فيما كانت تحاول الاتصال بوالدتها والدفاع المدني طبلاً للنجدة، غير أن جنود الاحتلال قتلوها بعد أيامٍ من حصارٍ متواصل مانعين سيارات الإسعاف من الوصول إليها.

وكحال آلة الدعاية الصهيونية، لم ترَ الصحيفة مشكلة في جرائم الحرب والفظاعات التي يرتكبها جنود الاحتلال وضباطه في القطاع، معتبرةً أن "المشكلة الأساسية" هي في نشر ومشاركة المقاطع التي توثق هذه الجرائم على الشبكة العنكبوتية؛ حيث يُحمّل الجنود والضباط صورهم ومقاطعهم على صفحاتهم متفاخرين بأفعالهم الوحشية، لتقوم المنظمات التي تلاحقهم وفي مقدمتها صندوق هند رجب بجمع هذه المقاطع لتكون أدلة وتقدمها للحكومات التي يصل الجنود الإسرائيليون إلى بلادها بصفة سائحين للترفيه عن أنفسهم بعد الصدمات التي أحدثوها للفلسطينيين.


ولم ينجح الجيش وفقاً للصحيفة إلى الآن بوضع حدٍ لهذه الظاهرة؛ إذ أشارت إلى أنه "في جزء كبير من الحوادث يتعلق الأمر بجنود الاحتياط الذين يتجاهلون الأوامر". وفي السياق نقلت عن مصادر سياسية قولها إن "الظاهرة تتفاقم، خصوصاً وأن صندوق هند رجب ينشر أسماء الجنود، ولكن هذا النشر نفسه هو ما أتاح فرار جنود في خمس حوادث". وفي حادثة البرازيل، نشرت المنظمة بشأن إصدار المحكمة قرار التوقيف، ولكنها لم تذكر اسم الجندي، ومع ذلك في نهاية المطاف، تمكنت السلطات الإسرائيلية من العثور على مُجندها وتهريبه مع صديق له من البرازيل، وفق الصحيفة.


وعلى الرغم من ذلك، تشير الصحيفة إلى أنه ليست جميع دول العالم خطيرة على الجنود. فإسرائيل على علاقة مع أكثر من دولة صديقة لها، وهكذا على سبيل المثال من المستبعد أن تستجيب هنغاريا، والتشيك، وإيطاليا، للمنظمات التي تلاحق الجنود وتعتقلهم.

إلى ذلك لفتت الصحيفة إلى أنه في هولندا، وفرنسا على سبيل المثال، كانت ثمة محاولة لفتح مسار قضائي ضد جنود الجيش الذين يحملون جنسية ثنائية، ولكن طلبات كهذه رفضت. وفي هولندا حتّى عُلقت ملصقات تحمل صور جنود إسرائيليون عادوا إلى بلدهم الثاني، وخط على هذه الملصقات عبارة "مطلوبون".