بالرغم من حالة التفاؤل التي أبديت قبيل انطلاق جولة المفاوضات الحالية في الدوحة، بهدف إنهاء الحرب المستمرة ضد قطاع غزة، إلا أن تجربة المفاوضات الأخيرة تدفع أيضا باحتمالية الفشل وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
والجمعة، بدأت جولة تفاوض غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، والتي استُبقت بلقاءات عقدتها قيادة الحركة في القاهرة مع مسؤولين مصريين يشرفون إلى جانب القطريين على المفاوضات، واتصالات أخرى أجراها مسؤولون إسرائيليون مع الوسطاء.
ويدور الحديث أنه خلال الاتصالات الاستباقية للجولة الحالية، عمل الوسطاء على وضع خارطة طريق جديدة، تزيل العقبات التي كانت تعترض إنجاز الصفقة في الجولة الماضية، والتي تقوم بالأساس على تأجيل بحث الملفات الأكثر خلافية بين الطرفين إلى الجولة الثانية، وفي مقدمتها أسماء بعض الأسرى من الطرفين الذين يطلب إطلاق سراحهم في صفقة التبادل، وكذلك أماكن انسحاب جيش الاحتلال من غزة.
وحسب مصادر متعددة، فإن الوسطاء ركزوا خلال الأيام الماضية التي جرت فيها اتصالات ولقاءات تمهيدية، على ضرورة إرساء المرحلة الأولى من التهدئة، والتي سيجري فيها عقد صفقة تبادل أسرى يطلق فيها الإسرائيليون من أصحاب الحالات الإنسانية والجثث، مقابل أعداد من الأسرى الفلسطينيين، سيجري بحث عددهم وأسمائهم في الجولة الحالية.
ويريد الوسطاء إيصال الطرفين إلى إمكانية عقد تهدئة توقف الحرب المستمرة منذ 15 شهرا، حيث يأملون أن تقود الجولة الأولى إلى نجاحات أكبر في الجولة الثانية حين يبدأ الحديث عن أسماء الأسرى الكبار من الجانب الفلسطيني والجنود والضباط من الجانب الإسرائيلي، وكيفية ومواعيد الانسحابات الإسرائيلية من قطاع غزة.
ولم تؤكد مصادر مطلعة نبأ قيام حركة حماس في الجولة الحالية قائمة نهائية بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء في غزة، بمن فيهم الجنود والضباط، في ظل طرح سابق أن يجري تقديم أسماء الأسرى المشمولين في عملية التبادل الخاصة بكل مرحلة من التهدئة، حيث ستبدأ العملية بالحالات الإنسانية من كبار السن والمرضى، وسيستثنى منها الجنود، فيما كانت إسرائيل قد طالبت من قبل بأن يجري تقديم قائمة كاملة بالأسرى.
لكن المصادر أكدت لـ”القدس العربي”، أن مفاوضات الدوحة ستركز أيضا على عودة النازحين من الجنوب إلى الشمال، والطريقة التي ستتم فيها العملية، في ظل رفض حماس أن يكون هناك عقبات أمام ذلك، مع إيجاد حل سريع لمشاكل النازحين الذين فقدوا منازلهم فور انتهاء الحرب والبدء بالتهدئة.
كما سيجري طرح ملفات أخرى لها علاقة بتقديم الخدمات الإسعافية للسكان المنكوبين سبب الحرب وطولها، خاصة في ظل نقص المواد الغذائية والأدوية.
وقبيل انطلاق المفاوضات في الدوحة، وصل مساء الخميس وفد حركة حماس القيادي، بعد أن أجرى لقاءات مهمة في العاصمة المصرية القاهرة مع كبار المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، الذي يتوسط في الصفقة.
وصبيحة الجمعة، وصل الوفد الإسرائيلي المفاوض، الذي يضم كبار مسؤولي جهازي “الموساد” و”الشاباك”، وضباطا كبارا من الجيش.
وقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن بنيامين نتنياهو وافق على إرسال الوفد إلى الدوحة، لاستكمال المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى.
وذكر موقع “واللا” العبري، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إرسال فريق التفاوض للدوحة يمثل “محاولة اللحظة الأخيرة للتقدم في مفاوضات الصفقة”، وقد تحدث هؤلاء عن وجود “تقدما كبيرا” في مفاوضات الصفقة، ما دفع إسرائيل لإرسال وفدها إلى الدوحة.
وفي السياق، قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، معقبا على محادثات التهدئة: “أعتقد أننا اقتربنا من الوصول إلى صفقة ولو جزئية لتبادل الأسرى مع الاحتلال”.
وأكد في تصريحات نقلها موقع “فلسطين اليوم” المقرب من حركة الجهاد، وهو يتحدث عن تفاصيل الحل، أن المقاومة تحتاج إلى أسبوع لإعداد قوائم بأسماء الأسرى الإسرائيليين التي طلبها الاحتلال، لافتا في ذات الوقت إلى أن الاحتلال يضع العقبات في محادثات غزة ويريد أسماء لا تنطبق عليها شروط المرحلة الأولى.
وعن المفاوضات الأخيرة، قال الهندي إن الاحتلال يريد إدخال 12 جنديا أسيرا في المرحلة الأولى، لافتا إلى أنه لا ينطبق عليهم شروط المرحلة الأولى، وأكد أن المقاومة وافقت على إضافة أسماء جنود في المرحلة الأولى ووضعت شروطا في المقابل. مضيفا أن المقاومة تبدي مرونة في المفاوضات وتريد إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأكد أن الضغط الميداني من الاحتلال “هو محاولة لانتزاع مواقف من المفاوض الفلسطيني بهدف الاستجابة لشروط جديدة يضعها نتنياهو على طاولة المفاوضات”.
وكان الوسطاء كثفوا من اتصالاتهم لإنجاز المرحلة الأولى من التهدئة، قبل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الـ20 من الشهر الجاري.