على أبواب العام الجديد 2025، لا تزال شهية إسرائيل في الحرب والقتل والتدمير على حالها كما كانت طوال قرابة الأشهر الـ15 الماضية، وليس الحرب على غزة فقط، وإنما قد تستأنف الحرب على لبنان، فيما الخطاب العام الإسرائيلي يلوح بهجوم ضد إيران ومنشآتها النووية.
مفتاح التهدئة ووقف الحرب هو اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "ليس مستعدا للتوصل إلى الاتفاق لأسباب سياسية وشخصية وإستراتيجية"، حسبما ذكر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الثلاثاء.
وأشار إلى أن "الجمود في المفاوضات يُبرز الشكوك المتعلقة باستمرار العملية في قطاع غزة. ورغم أن إسرائيل نقلت مركز الثقل في الحرب إلى لبنان، في منتصف أيلول/سبتمبر، وقلصت قواتها في القطاع كي تشن المناورة البرية في جنوب لبنان، لكن في بداية تشرين الأول/أكتوبر بدأت عملية الجيش الإسرائيلي الهجومية المركزية في قطاع غزة حصرا في الفترة الأخيرة، وخاصة في مخيم اللاجئين جباليا وشمال القطاع".
واستشهد في هذه العملية العسكرية، وهي الرابعة في جباليا منذ بداية الحرب، أكثر من ألفي فلسطيني، وقُتل أكثر من 40 جنديا إسرائيليا، حسب هرئيل، فيما "يواصل قادة المؤسسة الأمنية الادعاء أن الضغط العسكري، الذي تصاعد في الأسبوع الأخير بتوسيعه نحو بيت حانون، يدفع قدما المفاوضات حول الصفقة. وعمليا، بات يبدو أن هذه عملية عسكرية تنطلق من الجمود. فالمفاوضات عالقة، ووقف إطلاق النار لا يظهر في الأفق، وبغياب تقدم في الاتصالات، تستمر الضربات في جباليا".
ورجح هرئيل أنه بدون التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، ستتسع هذه العملية العسكرية إلى مناطق أخرى في شمال القطاع، من خلال تهجير منهجي للسكان المدنيين من شمال القطاع كله. "وهيئة الأركان العامة لا تزال تنفي أنها تنفذ ’خطة الجنرالات’ المتقاعدين، التي تحدثت عن إفراغ بالقوة لشمال القطاع كله. لكن عمليا، يواصل الجيش الإسرائيلي التقدم في تنفيذ الخطة، خطوة تلو الأخرى".
وأضاف أن "ثمة شكا كبيرا إذا كان هذا سيؤدي إلى هزيمة حماس. فالسيطرة المدنية لحماس لا تزال متواصلة في معظم أراضي القطاع، وهي تسيطر على الإمدادات الإنسانية وتفرض سلطتها على معظم السكان. وانتعاشها العسكري محدود، لكن جهدها الأساسي موجه نحو جباية ثمن من القوات الإسرائيلية المتوغلة في جباليا، وبين حين وآخر من القوات المتموضعة عند محوري نيتساريم وفيلادلفيا أيضا".
ورأى هرئيل أنه "في هذه الظروف، يصعب رؤية كيف ستنتهي الحرب قريبا. وإسرائيل من شأنها أن تتمرغ في لوحل الغزي لسنوات أخرى، من دون حسم حقيقي. ونتنياهو بحاجة إلى استمرار الحرب كي يبرر خطواته حتى الآن، ومن أجل منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي سمحت بشن هجوم 7 أكتوبر، ومن أجل مواصلة تشريعات الانقلاب القضائي بغطاء ضباب المعركة".
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أنه "بالإمكان تلخيص العام المنتهي بسلسلة إنجازات إسرائيلية: حزب الله تعرض لضربة وفقد معظم القيادة السياسية – العسكرية وفي مقدمتهم زعيمهم، حسن نصر الله؛ حماس تعرضت لضربة وفقدت معظم قادتها وفي مقدمتهم زعيمها، يحيى السنوار؛ وإيران فقدت عدة معاقل هامة في محور الشر وتعرضت لأضرار في موارد إستراتيجية في أراضيها".
وتابع أن "الحوثيين في اليمن هوجموا أيضا، والإرهاب في يهودا والسامرة تلقى ضربات مؤلمة. وحتى أن الرئيس الأسد فقد حكمه، وحتى إذا حدث هذا بشكل غير مخطط له، فإنه أسهم في تآكل حلقة العداء التي تحيط بإسرائيل".
وأضاف ليمور أنه "بالإمكان أيضا تلخيص العام المنتهي بسلسة إخفاقات إسرائيلية وهي كثيرة: 100 مخطوف لم يعودوا إلى الديار؛ عشرات آلاف الذين تم إخلاؤهم لا يزالون مهجرين من بيوتهم في الشمال، وكذلك في الجنوب، وتباطؤ الترميم؛ فتح معركة مباشرة مع إيران، التي أطلقت لأول مرة – مرتين – صواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل".
وفي إطار الإخفاقات الإسرائيلية أيضا، أضاف ليمور "تصاعد المعركة المباشرة ضد الحوثيين وتصاعد كبير في الإرهاب في يهودا والسامرة؛ استهداف مكانة إسرائيل السياسية ومناعتها الاقتصادية وتسريع الإجراءات القضائية ضد قادتها في العالم".
وأشار إلى "تحديات" أمام إسرائيل في العام المقبل. "هذا سيكون العام الذي ستُحسم فيه الأمور في إيران. والمطروح هو البرنامج النووي، وجميع الإمكانيات مفتوحة: بدءا بمحاولة إيرانية للتقدم نحو القنبلة، ومرورا بهجوم إسرائيلي أو أميركي أو مشترك، وحتى اتفاق نووي جديد. وهذا كله سيمر من خلال إدارة ترامب، الذي سيكون اللاعب المركزي بشأن ما سيحدث في الشرق الأوسط في العام المقبل وبعده".
وحسب ليمور، فإن إسرائيل ستضطر أن تقرر بشأن مستقبل غزة في العام المقبل، "وليس بما يتعلق فقط بإعادة المخطوفين ووقف الحرب، وإنما بتعامل حقيقي مع قضية اليوم التالي، بمعزل أو كجزء من صفقة واسعة تشمل اتفاق تطبيع مع السعودية ودول أخرى"، معتبرا أن "صفقة كهذه ستكون جدارا واقيا هاما لإسرائيل من المحور الشيعي، ويفترض أن تمنح حقنة منشطة هامة للاقتصاد الإسرائيلي أيضا".
وتوقع ليمور أن قيادة الجيش الإسرائيلي، وعلى رأسها رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ستستقيل. وسيتعين على الذين سيخلفونهم أن يعملوا على إعادة ثقة الجيش بنفسه وثقة الجمهور به، كما سيتعين عليهم التعامل مع قضايا داخلية مشتعلة وفي مقدمتها تجنيد الحريديين ومستقبل جيش الاحتياط وحجم جيش القوات النظامية".