ما زال التعتيم على مجريات المناورة البريّة الإسرائيليّة في جنوب لبنان سيّد الموقف، ومع ذلك، فقد أقرّ القائد السابق في تشكيل سلاح الجو الإسرائيليّ العميد احتياط إيلان بيطون بأنّ حزب الله ما يزال يمتلك قوته الأساسية، وما يزال يمتلك أيضًا قدرات صاروخية.
وفي تصريح لقناة (آي 24 نيوز) الإسرائيلية، قال بيطون محذرًا: “الحزب لا يستطيع تهديد سكان الشمال فحسب، بل يمكنه تهديد إسرائيل كلها أيضًا”، مُشيرًا إلى أنّ حزب الله يريد استنزاف إسرائيل لمدة طويلة عبر روتين متغير، لافتًا إلى أن: “صفارات الإنذار في الشمال هي روتين الصباح المتوتر، وهذا يُدار بكثير من الذكاء من حزب الله، فهم يغيرون الوتيرة والأماكن وعدد الصواريخ”، طبقًا لأقواله.
من ناحيته، أكّد اللواء احتياط في جيش الاحتلال إسرائيل زيف، أنّ: “حزب الله تعافى وعاد إلى وضعه الطبيعيّ، على الرغم من الضربات التي تلقّاها”، فيما أشار العقيد احتياط في الجيش جاك نيريا إلى أنّ: “المقاتلين في لبنان يسمحون للجيش الإسرائيليّ بالتقدّم تمهيدًا لمهاجمته وإيقاعه في كمائن”، كما قال.
في سياق ذي صلةٍ، قال رئيس (الموساد) السابق، تامير باردو في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، إنّه “حتى هذه اللحظة، تطالب حكومة إسرائيل بـ “منطقة آمنة” حتى نهر الليطاني كأمر واقع، لأنّ أمان السكان مشروط بعدم وجود حزب الله جنوبي النهر. لا يوجد خطأ أكبر من هذا.”
ولفت في المقال، الذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، إلى أنّه “منذ الآن، يشير حزب الله إلى صورة الحرب المقبلة. فمنذ بداية المناورة البريّة، نقل الحزب الحرب إلى منطقة (العمق القريب- من نهاريا حتى منطقة حيفا). إن إطلاق النار الكثيف، باستعمال أدوات مختلفة، حوّل هذه المنطقة إلى منطقة حرب. علينا القول إنّ اختيار هذا الحلّ يمنح الأمان الجزئيّ فقط من الاجتياح البريّ على خط التماس عدة كيلومترات من الحدود، ويمكن أنْ يحوّل ثلث الدولة إلى منطقة حرب”.
علاوة على ذلك، أوضح باردو أنّ “التعامل مع تهديد حزب الله، قبل حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان على أنّه تهديد بالنيران. والجيش والحكومة منحا المواطنين الشعور بأنّه لا يستطيع نقل المعركة إلى أراضينا دون أنفاق تخترق الحدود، وركز السياسيون والمهنيون على التحذير من الدمار الكبير للبنى الاستراتيجية في المناطق كافة. وأوضح أكتوبر الخطر الكامن في الاجتياح البري، واحتلال النقب الغربي على مدار يومٍ كاملٍ حوّل هذا الخطر، وبحقٍّ، إلى كابوسٍ، ومن المفهوم، ضمنًا، أنّ إبعاد قوة الرضوان عن الحدود الشمالية هو شرطٌ لكلّ اتفاقٍ مستقبليٍّ”.
ومضى قائلاً إنّه “بشكلٍ غير مفهوم، تحوّل نهر الليطاني إلى الحدود الأمنيّة. هذا كان صحيحاً قبل أكثر من عقد، عندما كانت قدرات الحزب الناريّة أقل من الحالية، ومن دون قدرات مناورة. وكي لا يتم تضليلنا، هذه الكيلومترات المعدودة ليست منطقة أمان، وليست حتى الحد الأدنى من ذلك، بالنسبة إلى سكان الشمال، ليس على صعيد القدرة على إطلاق النار، ولا المناورة البرية السريعة.”
وشدّدّ باردو على أنّه “أكثر من ذلك، إنّ إطلاق النار على “العمق القريب” حتى حيفا، حوّل هذه المنطقة برمتها إلى منطقة حربٍ شرعيّةً، وإنْ لم نغيّر رؤيتنا بشأن الترتيبات المطلوبة جذريًا، فسنجد أننا نستبدل كريات شمونة وحانيتا وصفد بـ (كفار مسريك) و(كريات بياليك)، الواقعتيْن على الشارع الرئيسيّ بين عكّا وحيفا”.
وتابع: “فرنسا والولايات المتحدة مستعدتان اليوم للدفع إلى إنهاء الحرب بثمن ممنوع أنْ ترضى به إسرائيل. حكومة إسرائيل، ولأسبابٍ غير مبررة، مستعدة للتنازل في مجال استمرار عمليات حزب الله المستقلة في لبنان، إذ توافق فعليًا على استقلالية عمل إيران من داخل لبنان.”
وأردف: “على إسرائيل أنْ توضح للبنان أنّه دولة واحدة مع جيش واحد. ولن يكون لأيّ قرار في مجلس الأمن أهمية، إذا سمح المجتمع الدولي لحزب الله بالاستمرار في مراكمة قوته. فالبديل الوحيد من عدم الاتفاق على دولة واحدة وعلَم واحد وجيش واحد هو انتشار قوات عسكرية مسؤولة، لديها صلاحيات في كافة المناطق اللبنانية، وضمنها المعابر الحدودية”.
واختتم رئيس الموساد السابق بالقول “إن نشر قوات عسكرية من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكيّة، ومن دول إضافية غربية، تُعطى صلاحيات السيطرة على المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، واقتحام أيّ موقعٍ مشتبه فيه وإحباطه، هو الأمر الوحيد الذي يمكن أنْ يسمح بتحقيق الأمان، وهذا كلّه بديل من مسؤولية حكومة لبنان على أراضيها”، بحسب تعبيره.
الأسئلة التي تبقى مفتوحةً: هل يُواِفق الحزب على خطّة إسرائيل والولايات المُتحدّة؟ وهل ترضى إيران بها؟ أمّا الأهّم من ذلك، هل وصل الكيان إلى نتيجةٍ مفادها أنّ للقوّة محدوديّة وأنّ الاجتياح البريّ فشِل؟