تزامنًا مع زيارة المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين، تنقل صحيفة عبرية، اليوم، الثلاثاء، عن جهات سياسية إسرائيلية عليا قولها إن هناك تقدّمًا كبيرًا في المداولات الجارية لوقف الحرب على الجبهة اللبنانية، بوساطة أمريكية، ومساعدة روسية، مع فكّ الارتباط بالحرب على غزة.
وتقول صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير لمحللها السياسي المتواجد في واشنطن، نداف أيال، إن مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط، هوكشتاين، أحرز تقدّمًا جوهريًا حول الحرب في الجبهة الشمالية، وإنه سيصل المنطقة قريبًا، وقبيل يوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإتمام صياغة الاتفاق النهائي مع “حزب الله”.
وطبقًا لهذه الجهات الإسرائيلية، يقضي الاتفاق الوشيك بتطبيق واسع للقرار الأممي 1701، بحيث يكفل عدم وجود عناصر لـ “حزب الله” جنوب نهر الليطاني، وإبعاد قوات “حزب الله” بشكل كبير عن منطقة مستوطنة المطلة. وفي المقابل، يلزم الاتفاق المزعوم انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود مع الجليل بقوات قوامها بين خمسة إلى عشرة آلاف جندي، بينما يتم تعزيز القوات الأممية أيضًا ربما بجنود فرنسيين، بريطانيين، وألمان.
وحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، توجهت إسرائيل لهذه الدول الأوروبية لاستطلاع موقفها من هذا الاحتمال.
كما يقضي “الاتفاق الوشيك” بإنشاء جهاز دولي لمراقبة تطبيق الاتفاقية، يشمل حرية عمل لإسرائيل، في حال وقوع انتهاكات، ومنع التسلح مجددًا لـ “حزب الله” برًا وبحرًا وجوًا بالتنسيق مع روسيا.
وتتابع الصحيفة: “تقول إسرائيل في هذا المضمار إنها توصّلت لتفاهم مع واشنطن يمنحها الحق بالتدخل العسكري المباشر حتى إزالة التهديد في حال وقوع انتهاك للاتفاق مثل بناء بنى تحتية عسكرية جنوب الليطاني دون معالجة من القوات الأممية والجيش اللبناني”.
وكجزء من المداولات، طلبت إسرائيل أن يرسل الرئيس الأمريكي مذكرة يشدّد فيها على حق جيشها بالتدخل العسكري، لكن جهات أمريكية لم تتطرق لهذه النقطة، وفق “يديعوت أحرونوت”.
تل أبيب وموسكو
وطبقًا لهذا الاتفاق المزعوم، هناك فترة تكيّف تمتد لشهرين، فيما تبدي روسيا استعدادًا للمساعدة في تطبيق البند الخاص بمنع “حزب الله” من حيازة “سلاح محظور”، حيث تتولى موسكو دور تثبيت الاستقرار في الجبهة اللبنانية السورية. وقد تم ذلك نتيجة اتصالات مباشرة جرت بين تل أبيب وموسكو في الأيام الأخيرة، حيث كانت إسرائيل معنية بإشراك روسيا طمعًا في تثبيت الاتفاق وتطبيقه فعليًا، وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في المواضيع الإقليمية.
كما توضح الصحيفة العبرية أن نتنياهو يسعى لتجنيد دول أخرى للأجهزة الخاصة بتطبيق الاتفاق مع لبنان، حيث يعمل وزير الشؤون الإستراتيجية، درمر، بالتنسيق مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان في هذا الخصوص، فيما يقوم وزير الأمن، يوآف غالانت، باتصالات مع هوكشتاين.
وطبقًا للصحيفة العبرية، فإن جيش الاحتلال، في حال لم تتفجّر المفاوضات، سيبدأ بإعادة الانتشار، وسحب معظم قواته من جنوب لبنان، وربما يحتفظ ببعض المواقع التكتيكية داخل الأراضي اللبنانية حتى يُوقّع الاتفاق في نهاية فترة “التكيّف” خلال الشهرين الأولين، حيث سيقوم الجيش اللبناني بنشر قواته في جنوب لبنان، وسط متابعة لنجاعة جهاز الرقابة الدولية في تطبيق الاتفاق على الأرض.
واقع لبنان تغيّر
وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن الواقع في لبنان تغيّر بشكل جذري بسبب عمليات الجيش الإسرائيلي، وأن هناك توافقًا لبنانيًا على فكّ الارتباط مع غزة.
وتنقل “يديعوت أحرونوت” عن جهات إسرائيلية قولها إن المفاوضات مستمرة “تحت النار”، وإن إيران تعطي الضوء الأخضر لـ “حزب الله” للتوصل إلى اتفاق وقف النار في لبنان دون علاقة بالحرب على غزة، وربما تدفع من أجل ذلك.
وتزعم الصحيفة العبرية أنه لا حاجة لقرار جديد من الأمم المتحدة، وأن جهات لبنانية قالت لجهات فرنسية وأمريكية إن “حزب الله”، بعدما تلقى ضربات قاسية، وفَقَدَ قياداته، يشعر، خلال الأسبوعين الأخيرين، بالتعافي وبالقوة في ظل الخسائر الكبيرة التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، ما يزيد من الحاجة الملحّة للتوصل إلى اتفاق الآن، أو أن الفرصة يمكن أن تضيع.
قرى لبنانية في الجليل
يأتي مثل هذه التقارير على خلفية ضغوط ومطالبات لبنانية داخلية بوقف النار، في ظل النزيف والخسائر التي يتكبدها لبنان جراء الحرب، لا سيّما أن هذا البلد العربي المجاور لفلسطين دفع أثمانًا كبيرة هو الآخر جراء نكبة 1948 وتبعاتها، مثل استيعاب عدد كبير من اللاجئين، واجتياح بيروت، عام 1982، وغيره.
في مثل هذا اليوم، التاسع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 1948، قامت إسرائيل باحتلال الجليل الأعلى في عملية “حيرام”، التي سُمّيت على اسم ملك صور الفينيقي، والتي دفعت إلى لبنان بموجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين، حيث احتلت خلالها ثماني قرى حدودية كانت ضمن الجليل، لكنها كانت تتبع لبنان تاريخيًا (المالكية، قدس، هونين، النبي يوشع، صلحة، فارة، طربيخا، النبي روبين)، وسبق أن طالبَ بها بعضُ الجهات اللبنانية.
في مثل هذا اليوم، ارتكبت القوات الإسرائيلية عام 1948 مذبحتين في قرية عيلبون قضاء طبريا، وفي نفس التاريخ، عام 1956، ارتكبت مذبحة كفر قاسم، في أول أيام حرب “العدوان الثلاثي” على مصر.
ومضت، منذ ذلك الحين، 76 سنة، لكن سياسات التهجير والتدمير ما زالت على حالها، وإن تغيّرت المواقع وأسماء الضحايا.
في المقابل، تتكاثر المعلومات المتنوعة حول مداولات الدولة لإبرام صفقة مع “حماس”. وفي هذا السياق، قال رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، إنه كان سينظر بإيجابية لو وصله رسميًا مقترح بصفقة مقلصة (المقترح المصري). نتنياهو الذي ما زال يرغب في استمرار الحرب، لحسابات فئوية تتعلق بمعارضة ائتلافه المتشدد لوقفها، يزعم أن “حماس” تطرح شروطًا لا تستطيع إسرائيل التعايش معها، بينما تتهمه عائلات الرهائن بمواصلة تعطيل مساعي الصفقة، مشيرين إلى استقالة نائب مسؤول ملف المفقودين والأسرى في الجيش الإسرائيلي، احتجاجًا على عدم التقدم في المداولات.