حذّرت مسؤولة إنسانية رفيعة المستوى لدى الأمم المتحدة من أنّ "جميع السكان في شمال غزة مهدّدون بالموت". أضافت: "لا يمكن السماح للقوات الإسرائيلية بالاستمرار في ما ترتكبه في شمال غزة المحاصر". ويأتي تحذير الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسويا في وقت تمضي به قوات الاحتلال في عمليتها العسكرية على شمال قطاع غزة المعزول عن بقيّة أنحاء القطاع المحاصر.
بدوره، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن شعور بـ"الصدمة إزاء مستويات القتل والإصابات والدمار الهائلة" في شمال غزة أخيراً، بحسب ما نقل عنه المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك، اليوم الأحد. وقد أكّد أنّ "معاناة المدنيين الفلسطينيين العالقين في شمال غزة لا تُحتمَل".
أضاف دوجاريك أنّ "المدنيّين عالقون تحت الأنقاض فيما المرضى والجرحى محرومون من الرعاية الصحية المنقذة للأرواح والأسر من دون غذاء ومأوى". وأشار إلى أنّ وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أفادت بأنّ المئات قُتلوا في الأسابيع الأخيرة وأُجبر أكثر من 60 ألف شخص على الفرار. يُذكر أنّ آلة الحرب الإسرائيلية مستمرّة في تهجير الفلسطينيين في شمال غزة كما في وسطه وجنوبه.
وأوضح المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنّ "الجهود المتكررة لإيصال الإمدادات الإنسانية الضرورية من أجل البقاء على قيد الحياة، الغذاء والدواء والمأوى، تواجَه دائماً بمنع السلطات الإسرائيلية"، وإن تخلّل ذلك "بضعة استثناءات، الأمر الذي يعرّض حياة عدد لا يُحصى من الناس للخطر".
وكتبت مسويا، في تدوينة نشرتها على موقع إكس أمس السبت، أنّ "المستشفيات تعرّضت للقصف فيما اعتُقل العاملون الصحيون. كذلك أُخليت مراكز الإيواء من شاغليها (النازحون) وأُضرمت النار فيها. مُنع المستجيبون الأوائل (المسعفون) من إنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض. فُصلت العائلات، وقد اقتيد الرجال والفتيان في شاحنات". تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الارتكابات تتكرّر في إطار الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
أضافت المسؤولة الأممية أنّ تقارير تفيد بـ"قتل مئات الفلسطينيين" في شمال غزة، في حين "أُجبر عشرات الآلاف على النزوح قسراً من جديد". يُذكر أنّ قوات الاحتلال كانت قد عمدت، منذ الأيام الأولى من حربها على قطاع غزة، إلى إصدار أوامر إخلاء طاولت بداية الفلسطينيين في شمال غزة وقد أجبرتهم على التوجّه جنوباً، بادّعاء أنّ مناطق الوسط والجنوب الواقعة جنوبي وادي غزة "آمنة". لكن سرعان ما تبيّن زيف تلك الادّعاءات، إذ راحت القوات الإسرائيلية تصدر أوامر إخلاء مشابهة في المناطق الأخرى.
وختمت مسويا تدوينتها بالمطالبة بـ"وجوب وقف الاستخفاف الصارخ بمبادئ الإنسانية الأساسية وقوانين الحرب". تجدر الإشارة إلى أنّ القوات الإسرائيلية تمضي، في إطار حربها المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من عام، في انتهاك القانون الإنساني الدولي. وهو ما يجعل جرائم عدّة ارتكبتها منذ أكتوبر 2023 تُصنَّف "جرائم حرب" و"جرائم ضدّ الإنسانية".
نزوح إلى مدينة غزة - شمال قطاع غزة - 23 أكتوبر 2024 (محمود إسليم/ الأناضول)
قضايا وناس
مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: شمال غزة في "أحلك" لحظات الحرب
الصليب الأحمر: الوضع في شمال غزة مروّع
في سياق متصل، وصفت مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع في شمال غزة بـ"المروّع"، علماً أنّ الشمال يضمّ محافظة غزة ومحافظة شمال غزة. وأكدت نائبة رئيس بعثة الصليب الأحمر في قطاع غزة ستيفاني إيلر، في إيجاز صحافي أمس السبت، أنّ أوامر الإخلاء الحالية والقيود المتواصلة على إيصال الإمدادات الحيوية أدّت إلى إجبار المدنيين الباقين في شمال غزة على مواجهة ظروف "مروّعة".
ولفتت إيلر إلى أنّ القوات الإسرائيلية أصدرت أوامر إخلاء توجّهت بها إلى المستشفيات، "الأمر الذي قد يؤدّي إلى فقدان محتمل للخدمات الطبية التي توفّر للمدنيين الذين ما زالوا هناك (في الشمال)، في وقت تعاني فيه تلك المستشفيات نقصاً حادّاً في الموارد مع استمرار تدفّق المصابين والمرضى إليها".
وعبّرت إيلر عن قلق اللجنة الدولية للصليب الأحمر الكبير إزاء الوضع في مستشفى كمال عدوان والمناطق المحيطة به، في بيت لاهيا شمالي القطاع. وشدّدت على "وجوب السماح للمنشآت الطبية بأداء عملها المنقذ للحياة".
وأوضحت المسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ مدنيين كثيرين غير قادرين، في الوقت الراهن، على التحرّك، إمّا لأنّهم عالقون وسط القصف في شمال غزة وإمّا بسبب الدمار الذي نجم عنه وإمّا نتيجة للمرض والإعاقات الجسدية. أضافت أنّ الوضع يزداد تعقيداً بسبب أوامر الإخلاء غير الواضحة الصادرة عن الاحتلال.
وطالبت إيلر ببذل مزيد من الجهود من أجل ضمان وصول الهيئات الإسعافية والإنسانية والطبية بأمان إلى الأشخاص الذين هم في حاجة إلى المساعدة في محافظة شمال غزة وفي مدينة غزة الواقعة في محافظة غزة.