أعربت مصادر سياسيّة وأمنية واسعة الاطلاع، وفق ما أفادت به صحيفة (هآرتس) العبريّة، الاثنين عن اعتقادها وإيمانها بأنّ اغتيال الشهيد يحيى السنوار، قائد حركة (حماس) لن يؤدّي لتليين موقف الحركة من صفقة التبادل، لا بلْ على العكس سيزيدها تشدّدًا، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الصحيفة نقلاً عن مصدرٍ رفيعٍ في تل أبيب قوله إنّه يتحتّم على إسرائيل التليين في مواقفها من جل إعادة استئناف المفاوضات المتوقفة في ملّف تبادل الأسرى والرهائن بين حماس ودولة الاحتلال، طبقًا لأقواله.
ووفق الصحيفة، فقد قال أحد أكبر المفاوضين الإسرائيليين في جلسةٍ مغلقةٍ مع عائلات الرهائن تمّ عقدها في الأيّام الأخيرة إنّ موت السنوار لم يؤّدّ لأيّ تغييرٍ يُذكر في الموقف الإسرائيليّ، ولم تُسمَع مناشدات أوْ طلبات للعودة إلى المفاوضات أوْ التعبير عن نيّةٍ في التنازل عن المواقف التي كانت قد اقتُرحت من ذي قبل، على حدّ تعبيره.
وقال المسؤول الإسرائيليّ إنّه فيما يتعلّق بموقف حماس، فإنّه لا يوجد أيّ حديثٍ عن تجديد المفاوضات، لأنّ الحركة منشغلة الآن بإيجاد وريثٍ للشهيد السنوار، ولا توجد لديها أيّ استعدادات لتليين مواقفها أوْ تغييرها، على ما نقلت عنه الصحيفة العبريّة.
وشدّدّ المسؤول عينه، طبقًا للصحيفة العبريّة، على أنّ (حماس) ما زالت متمسكّة بمواقفها التي وافقت عليها في الثاني من شهر تموز (يوليو) المنصرم، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الحركة ما زالت تُواصل أداء مهامها، وأنّه لا توجد بالمرّة حالةً من التفكك، وأنّ المنظومة في حماس ما زالت مستقرّةً جدًا، مختتمًا بالقول إنّهم بادئ ذي بدء سينتخبون وريثًا للسنوار، وإعادة عملية الهيكلة التنظيميّة، وهم على استعداد بعد ذلك العودة إلى المفاوضات من المواقف التي اتُخذت في الثاني من يوليو الفائت، ولن يتنازلوا قيد أنملة عن مواقفهم، لبل الأخطر من ذلك أنّ (حماس) قد تتشدّد في مواقفها، على حدّ قوله.
على صلةٍ بما سلف، نشرت مجلة (فورين أفيرز) مقالاً لأدوري كيرث كرونين، مديرة معهد (كارنيغي ميلون للاستراتيجية والتكنولوجيا) قالت فيه إنّ “السنوار مات لكن حماس ستنجو”، مشيرة إلى أنّ وفاة زعيم حماس قد يخلق فرصة للسلام.
وأكّدت الباحثة أنّ حماس لو كانت عرضة لاستراتيجية (قطع الرأس) لكانت قد هزمت بالفعل. فعلى مدى العقود الماضية اغتالت إسرائيل زعماء حماس. ومنذ عمليات القتل المبكرة التي استهدفت صانع القنابل يحيى عياش (في عام 1996)، ومؤسس الجماعة أحمد ياسين (في عام 2004)، وخليفته عبد العزيز الرنتيسي (أيضا في عام 2004) وحتى عمليات القتل الأحدث هذا العام التي استهدفت صالح العاروري، ومروان عيسى، وإسماعيل هنية، ومحمد الضيف، وغيرهم، ولكن الجماعة لم تستسلم لهذا النهج ومنذ تأسيسها في عام 1987، ولن تفعل ذلك الآن.
وتابعت: “حماس لديها خبرة في عملية خلافة القادة، وكان النمط المتكرر هو أنْ يثبت الخليفة أنه أكثر تطرفا وخطورة من الهدف الأصلي”.
وتعلق الكاتبة بأن مقتل العديد من قادة حماس خلال العام الماضي، عزز من مكانة وأهمية السنوار في داخل المنظمة. وسيكون مقتله بالتأكيد ضربة قوية للجماعة. لكن واحدًا من أهم ملامح نهايته أنّه مات أثناء عملية إطلاق نارٍ روتينيٍّ وليس نتيجة لعملية استهداف، وهي حقيقة ستعزز من صورته كمقاتلٍ شهيدٍ مات مع قواته. ومن المتوقع أن يحل شقيق السنوار، محمد مكانه وسينتفع من مكانة شقيقة القوية.
وعلقت الصحيفة بأنّه لا يوجد طرف بارع في عمليات القتل المستهدف مثل إسرائيل، ولكن السؤال الرئيسيّ هو ما إنْ كان لدى حكومة نتنياهو خطة سياسية لتخفيف التهديد الذي سيمثله الجيل القادم من قادة حماس.
وتابعت كرونين بأنّ مصدر قوة حماس هو في سرديتها والتي تؤكّد أنّها تقاوم العدوان الإسرائيليّ وتمثل المصالح الفلسطينية الحقيقية. وتزعم الكاتبة أن هذه السردية زائفة، لكن وجهة نظر حماس من إسرائيل، تكتسب أرضية في مختلف أنحاء العالم وتؤدي إلى تآكل الدعم السياسي للبلد، بما في ذلك الناخبين الأصغر سنًا في الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل.
ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة (غالوب) مؤخرًا، فإنّ عدد الأمريكيين الذين لديهم آراء سلبية تجاه حكومة بنيامين نتنياهو والحملة الإسرائيلية في غزة أكبر من عددهم الإيجابي.
واختتمت: “وعليه فاغتيال القادة ليس إجابة فعالة لمشكلةٍ سياسيّةٍ وإستراتيجيّةٍ في الجوهر، بيد أنّ الباحثة رأت أنّه في وفاة السنوار، فرصة لتغيير الدوامة السلبية الحالية بالمنطقة، فعلى الرغم من الجهود الدبلوماسيّة التي تبذلها واشنطن وقطر ومصر، فإنّ الوضع ظل في تصاعد وتوسع باتجاه الحرب الإقليمية التي زعمت الدبلوماسيّة الأمريكيّة أنها تريد تجنبها”.