سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على أخر لحظات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يحيى السنوار وكيف استشهد في صفوف مقاتليه وقاوم حتى اللحظة الأخيرة.
وقالت الصحيفة إن السنوار استشهد في صفوف مقاتليه وليس في الأنفاق الأرضية، بعد أن أنفقت دولة الاحتلال الإسرائيلي موارد هائلة بحثًا عنه وأطلقت الأكاذيب دائما عن أمكان تواجده.
وذكرت أن السنوار تمكن من التخفي عن أعين من المخابرات الإسرائيلية لسنوات، لكن في النهاية، واجهته وحدة من جنود الجيش الإسرائيلي المتدربين خلال عملية في رفح جنوب قطاع غزة.
عملية بحث مكثفة
أبرزت نيويورك تايمز أنه على مدى أكثر من عام، خصصت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بدعم من الولايات المتحدة، موارد ضخمة وجمعت كميات هائلة من المعلومات الاستخباراتية في سعيها للعثور على السنوار قائد حماس الذي كان المهندس وراء هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.
وأشارت إلى أن السنوار واجه وحدة من قادة الفصائل المتدربين في الجيش الإسرائيلي بشكل غير متوقع أثناء عملية في جنوب غزة، وفقًا لما ذكره أربعة مسؤولين في الجيش الإسرائيلي.
وقد اشتبك الجنود بدعم من طائرات بدون طيار في معركة بالأسلحة، وقتل الجيش ثلاثة مقاومين فلسطينيين.
وخلال المعركة، أسقطت النيران الإسرائيلية جزءًا من مبنى كان يتحصن فيه المقاومون، وفقًا لما ذكره اثنان من المسؤولين. وعندما هدأ الغبار وبدأوا في تفتيش المبنى، لاحظ الجنود الإسرائيليون أن إحدى الجثث تشبه إلى حد كبير قائد حماس، وفقًا لما ذكره ثلاثة مسؤولين.
ونبهت نيويورك تايمز "كان هذا مكانًا غير متوقع للعثور عليه. لطالما قيّمت الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية أن السنوار، خوفًا على سلامته، كان يختبئ في عمق الأرض، محاطًا بالأسرى الإسرائيليين لتجنب الاغتيال" وهو ما ثبت أنه مجرد كذب وتضليل.
وأبرزت الصحيفة أن السنوار اشتبك وقاوم حتى اللحظة الأخيرة وظهرت جثته تحمل عدة إصابات خطيرة، بما في ذلك إصابات في الرأس والساق والذراعين. ولفتت غلى أنه بعد ساعات من انتهاء القتال، اقترب الجنود من الجثث بحذر. كان المكان لا يزال مليئًا بالعبوات الناسفة، حسبما قال مسؤولان. كما اعتقدوا أن جثة أحد المقاومين، والتي تم تحديدها لاحقًا على أنها للسنوار، قد تكون مفخخة.
وقال أحد المسؤولين الإسرائيلية إن القوات كانت أيضًا قلقة من احتمال وجود أسرى إسرائيليين في المنطقة، لكن لم يتم العثور على أي أسرى وفقًا لما ذكره الجيش الإسرائيلي.
مَن هو يحيى السنوار؟
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار "أبو إبراهيم" في التاسع عشر من أكتوبر عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين بعد أن هجّر الصهاينة أهله من مدينة مجدل عسقلان عام 1948.
ودرس في مدارس خانيونس حتى أنهى دراسته الثانوية في مدرسة خانيونس الثانوية للبنين، ثم التحق بالجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.
وعمل في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية خمس سنوات، وشغل مناصب متعددة منها أمين اللجنة الفنية، ثم الرياضية، ونائب الرئيس، ورئيس المجلس، كما ترأس الكتلة الإسلامية، وكان من أبرز منظريها.
وأسس فرقة "العائدون للفن الإسلامي" بمباركة من الشيخ أحمد ياسين، وشارك في تأسيس جهاز الأمن الحركي الأول (أمن الدعوة) برئاسة الشيخ أحمد ياسين عام 1983.
وكُلف في عام 1986 بتشكيل منظمة الجهاد والدعوة (مجد)، وكان من أبرز قادتها، وقاد العديد من المواجهات الشعبية مع الاحتلال الإسرائيلي بين عامي 1982 و1988.
واعتقل في عام 1982 لمدة ستة أشهر في سجن الفارعة بسبب نشاطه المقاوم، ثم اعتقل مجددًا عام 1988 وحكم عليه بالسجن أربع مؤبدات، قضى منها 23 عامًا متواصلة في سجون العدو، منها أربع سنوات في العزل الانفرادي.
وتولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لعدة دورات، وقاد سلسلة من الإضرابات عن الطعام أبرزها في الأعوام 1992، 1996، 2000، و2004.
ويجيد اللغة العبرية وله عدة مؤلفات وترجمات سياسية وأمنية، منها ترجمة كتاب "الشاباك بين الأشلاء" وكتاب "الأحزاب الإسرائيلية"، بالإضافة إلى تأليف كتب مثل "حماس التجربة والخطأ"، و"المجد"، ورواية أدبية بعنوان "شوك القرنفل".
وأفرج عنه في عام 2011 ضمن صفقة وفاء الأحرار بين حركة حماس والعدو الصهيوني، وكان له دور بارز في شروط الصفقة، مما دفع العدو الصهيوني لعزله قبل إنجازها.
وبعد الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، تزوج عام 2012 وأنجب ثلاثة أطفال: إبراهيم، وعبد الله، ورضا.
وانتخب عضوًا في المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وتولى مسؤولية الملف الأمني في عام 2012، ثم الملف العسكري في عام 2013.
ولاحقا انتخب السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة في فبراير 2017، وأعيد انتخابه لدورة ثانية عام 2021.
وتعرض منزله للقصف عدة مرات، في الأعوام 1989، 2014، 2021، وأخيرًا خلال حرب الإبادة على قطاع غزة في ديسمبر 2023.
وفي السادس من أغسطس 2024، انتخب لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس خلفًا للشهيد القائد إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران.
واستشهد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، في 17 أكتوبر 2024، خلال اشتباكٍ مسلح في خطوط المواجهة الأولى في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.