رئيس تحرير “هآرتس”: “إسرائيل تعتمِد استراتيجيّة جديدةً خفيةً في لبنان واستيطان الجنوب وغزة على الطاولة..

الثلاثاء 01 أكتوبر 2024 02:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
رئيس تحرير “هآرتس”: “إسرائيل تعتمِد استراتيجيّة جديدةً خفيةً في لبنان واستيطان الجنوب وغزة على الطاولة..



القدس المحتلة / سما/

مع بدء العدوان البريّ الإسرائيليّ ضدّ جنوب لبنان، عرضت حركة الاستيطان الإسرائيليّ (عوري تسافون) إعلانات لبيع عقارات للمستوطنين في جنوب لبنان، ووعدتهم بمنازل تطل على جبال لبنان ومناظرها الطبيعية الساحرة، كما جاء على موقعها الالكترونيّ.
ويأتي هذا الإعلان فيما، تشن إسرائيل عدوانًا على لبنان منذ 23 أيلول (سبتمبر) الفائت، ما أسفر حتى ظهر أمس الإثنين عن 962 شهيدًا على الأقل، بينهم أطفال ونساء، و2778 جريحًا، بيانات السلطات اللبنانية.

وجاء في إعلان حركة الاستيطان، الذي تمّ نشره باللغة العبريّة: “شقق لجنود الاحتياط ابتداء من 300 ألف شيكل، بعد اغتيال قيادة حزب الله ومنهم حسن نصر الله إثر هجوم البيجرز الرهيب، أنتم أيضًا تحلمون ببيت كبير يطل على الجبال وقمم الثلوج ومجتمع دافئ في نحلات ابوتينو (أيْ أراضي الآباء)، سبط آشر ونفتالي (أسماء مدن عبرية في التوراة).
ويضيف الإعلان: “نحن على بعد قرارٍ إستراتيجيٍّ واحدٍ من هذا الحلم، لنواصل قضم جنوب لبنان ومنع سكانه من العودة. أسهموا بحدوث ذلك، انضموا إلينا”، على حدّ تعبير المنشور.
ومن الجدير ذكره في هذا السياق، أنّ فكرة الاستيطان الإسرائيلي في لبنان بدأت بالظهور في عام 1982، حينما كان يعيش حوالي 21,000 إسرائيلي فقط خارج الحدود المحددة في عام 1948، واليوم، ارتفع هذا العدد بشكل كبير إلى أكثر من 700,000، ومن المتوقع أنْ يستمر في الزيادة، هذه الزيادة السكانية، إلى جانب التركيز المتجدد على جهود إعادة التوطين في غزة، وفرت أرضًا خصبة لنمو حركة (عورو تسافون)، حيث قال أعضاء الحركة: “منذ أنْ بدأنا مبادراتنا، شهدنا تغييرًا ملحوظًا، أصبحت المحادثات حول الاستيطان في غزة تتضمن لبنان أيضًا، حتى وإنْ كان بشكلٍ غير مباشر، إنّه تقدم ملحوظ”، وأضاف عضو آخر، نير تسفي، “بعد 7 أكتوبر, هناك فهم جماعي بأنّه علينا دفع العدو بعيدًا، واحتلال أراضيهم، والسيطرة عليها، وهذا يشير إلى أنّ احتلال كلٍّ من غزة ولبنان أصبح الآن قابلاً للتطبيق”.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، تدعو حركة (أوري تسافون) إلى إستراتيجيّةٍ أكثر عدوانية، وتأسست المجموعة في أواخر آذار (مارس) الفائت، واستمدت اسمها من عبارة كتابية تعني (استيقظ، شمال)، تمتد مهمتها إلى ما هو أبعد من مجرد الترويج للحرب وإعادة احتلال جنوب لبنان، بل تهدف أيضًا إلى إقامة مستوطنات مدنية إسرائيلية في المنطقة.

ومع وجود آلاف من المؤيدين، تدَّعي الحركة أنّ الاستيطان في لبنان أمر ضروري لتحقيق “أمان حقيقي ومستقر في شمال إسرائيل”، كما ورد في قناتهم الرسمية على تطبيق (واتساب)، إذْ إنّهم يضعون هذه المبادرة كجزءٍ من جهد ميسحاني أكبر لاستعادة الأراضي داخل الحدود الكتابية لأرض إسرائيل.
وانتقد إلياهو بن آشر، عضو مؤسس في (أوري تسافون) الحدود الحالية، واصفًا الحدود الإسرائيلية اللبنانية بأنّها “حدود استعمارية سخيفة” مؤكدًا أنّ “ما يسمى بـ (جنوب لبنان) هو في الحقيقة الجليل الشمالي”، ومع تصاعد حركة (عوري تسافون) تظل التبعات المحتملة على الاستقرار الإقليمي والصراع الإسرائيلي الفلسطيني عميقة وواسعة النطاق.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُشير فيها إسرائيل إلى إقامة مستوطنات في جنوب لبنان، إذ نشرت صحيفة (هآرتس) العبرية سابقًا مقالات بشأن مؤتمر نظمته حركة يمينية متطرفة عبر الإنترنت تحت عنوان: “نماذج ناجحة للاستيطان من الماضي ودروس لجنوب لبنان”، يدعو إلى إقامة مستوطنات بمنطقة جنوب لبنان.
كما ذكّرت الصحيفة في نيسان (أبريل) الماضي بمظاهرة نظمها ناشطون من اليمين المتطرف دعوا فيها إسرائيل إلى احتلال جنوب لبنان، والسماح لليهود بالاستيطان هناك.
وفي حزيران (يونيو) الماضي، قال حاجاي بن أرتسي شقيق سارة زوجة بنيامين نتنياهو في تصريح داخل المؤتمر: “نحن لسنا متطرفين، ولا نريد مترًا وراء نهر الفرات”.
أمّا صحيفة (جيروزاليم بوست)، فقد نشرت تقريرًا بعنوان: “هل لبنان جزء من إسرائيل؟”، قبل أن تحذف العنوان لاحقًا.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو قال الأسبوع الماضي: “لدي رسالة إلى شعب لبنان، إنّ حرب إسرائيل ليست معكم إنّها مع حزب الله، بمجرد انتهاء عمليتنا، يمكنكم العودة بأمان إلى منازلكم”، طبقًا لأقواله.
وأكّدت صحيفة (هآرتس) العبرية، أنّ تل أبيب تعتمد على “استراتيجية جديدة خفية لا تعلن عنها” في قصفها المتواصل على لبنان، وكذلك ضد (أنصار الله) في اليمن.
ونشرت الصحيفة مقالاً لرئيس تحريرها، ألوف بن، قال فيه إنّه “يوجد منطق استراتيجي واضح لسلسلة عمليات إسرائيل ضد حزب الله في لبنان، وضد الحوثيين في اليمن، وتهديد إيران بأنّه إذا دخلت إلى المعركة فستتم مهاجمتها بشكلٍ قويٍّ، والمنطق هو “تحطيم” وحدة الساحات الذي فرضته إيران وحلفاؤها الإقليميون على إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)”، على حدّ تعبيرها.
والسؤال: هل وراء الأكمة ما وراءها؟ وهل تسعى حكومة نتنياهو الأكثر تطرفًا وعنصريّةً منذ العام 1948 إلى احتلال جنوب لبنان وتوطينه بالصهاينة؟