بغداد/ وكالات/
ضجة كبرى تلت ندوة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي في معرض بغداد الدولي للكتاب، وهي الندوة التي ألقى فيها قصيدة اعتبرها البعض مسيئة لبني أمية، بينما رأي آخرون أنها شعر وخيال لا ينبغي أن يحاكم بغير النقد الفني.
الشاعر تميم البرغوثي ساءه الهجوم الذي وجهه البعض له، فكتب يقول: “لبنان يقصف تل أبيب، وبعض المنابر العربية مشغولة باقتطاع جزء من قصيدة من سياقه لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية بين الناس”.
وأضاف قائلا: “كنت في معرض كتاب بغداد، ودعيت للقاء رئيس الوزراء العراقي، وكان الهدف من الزيارة التحدث مع رئيس الوزراء في شأن الحرب الناشبة الان ومقولة إن تحرير البلاد كلها ممكن، واللقاء مع الجمهور العراقي الكريم. والندوة كانت ندوة فكرية سياسية لا أمسية شعر، طلب بعض الحضور في ختامها سماع أبيات يحفظونها من فصائد “في القدس” و”بحور خيام” و”ختام مقام عراق” وكانوا يرددون بصوتهم قوافي الابيات تحية منهم وكرماً… فاقتطع البعض بيتاً يجري على لسان شخصية زينب بنت علي بن أبي طالب من قصيدة مقام عراق يقول:
تصيح زينب يا مولاي يا سندي… يا والدي وابنَ أمي ثم يا ولدي
إن الحسين عراقٌ حل في جسد…إن العراق حسينٌ آخر الأبد
ودهره أموي ما له شرفُ
ليتهمني بأنني “أهاجم بني أمية” !!!”.
وتابع غاضبا: “يا ناس الكلام على لسان شخصية في مشهد، والبيت الذي قبله يقول:
أم الرزايا عن الأحزان تنهاكم… فلتسمعوا، فهي بالأحزان أولاكم
يا أمَّتي لا تخافوا من مراياكم…والله ما قُتِل المقتولُ لولاكم
فالآن أقبحُ ما تأتونه الأسفُ
فهل أنا في هذا البيت أتهم أهل العراق وأمة زينب بقتل الحسين؟ “.
وخلص إلى أن من اقتطع هذا البيت من سياقه إما شديد الجهل وإما متعمد في هذه اللحظة التفرقة بين الناس الذين بح صوتنا ونحن ندعو إلى وحدتهم.
وتابع قائلا: “وقد قلت في الندوة نفسها إنني أدين كل طرف تعاون مع الاستعمار وكل طرف تعاون مع الاستبداد وكل طرف قتل أطفالاً ومدنيين وعذب أسرى واعتدى على أعراض أياً يكن دينه ومذهبه وحلفه السياسي… وقلت إن هذا يشمل الأمة كلها لا أستثني منه العراق ولا الشام ولا مصر ولا فلسطين ولا غيرها وإنني ضد الطائفية من أي جهة جاءت، وحين سألني بعض الحضور، كيف يمكن للمدنيين العزل في العراق أن يدعموا فلسطين ولبنان في هذه الحرب… قلت: أن يبقوا موحدين…
وقلت أيضاً في الندوة ذاتها: إن نتنياهو لا يفرق في هذه الحرب بين ضحاياه السنة والشيعة أو المسلمين والمسيحيين فالخطر علينا جميعاً وعلينا جميعاً أن نواجهه موحدين”.
واختتم مطالبا المنابر التي هاجمته بنشر رده هذا ممارسةً لحق الرد المعروف في تقاليد الصحافة.
وأردف: “هذا وإن تحريرها كلها ممكن وتحريرها كلها قد بدأ وهذه أمة واحدة وإنها على الرغم من كل هذا الألم، أمة منصورة”.
من جهته قال الكاتب الصحفي جمال سلطان إن الشاعر الفلسطيني “المقاوم” الذي ذهب ـ في تلك الأجواء المشحونة ـ إلى حفل للعراق يسب فيه بني أمية ويهجوهم، من تراه يخدم بفعلته تلك؟ لحساب من فعل ذلك؟ ولصالح من؟ من دفعه أو دفع له ليفعل فعلته؟ هل فرغت الأمة من نار أحقاد اليوم لكي يجتهد هذا الشاعر فينفخ في نار أحقاد التاريخ ؟!
في سياق التاريخ الإسلامي قال السفير المثقف فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن هناك تيارا مجتمعيا واسعا يقاتل من أجل إسباغ القداسة أو التنزيه أو علي الأقل التحصين وعدم الاقتراب من كافة الشخصيات الموجودة في التاريخ الإسلامي، لافتا إلى أنهم لايكتفون بالرسول عليه الصلاة والسلام، بل تمتد حصانتهم وتنزيههم للصحابة والأئمة وكبار الفقهاء وصولا لفقهاء ومشايخ العصر الحديث، فالحسن والحسين ومعاوية وعثمان … وصولا للشعراوي لايجب الاقتراب منهم أو الحديث عنهم، حتي ولو كان التناول يتعلق بالسياسات والقرارات او الاحكام والفتاوي التي لم تؤثر علي الأمة الإسلامية في وقته وحينه فقط بل يمتد أثرها عبر السنين لنظل نعاني من آثارها وويلاتها طويلا.
وأردف: فمن منا لايقر بأننا لم نتعاف (ولن نتعافي) من آثار الفتنة الكبري؟
وقال إنهم في مسلكهم هذا ينسون أنه حتي الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لم يحصن من رب العزة إلا فيما يخص كونه رسول الله، في حين أن صفته كنبي بشر إشتمل القرآن في عديد آياته علي اللوم والنقد والنقض لبعض قراراته البشرية التي تخطئ وتصيب، بل إنه عليه افضل الصلوات نزل علي آراء أصحابه في عديد المواقف والحالات طالما لم تكن وحيا موحي به .
وتابع قائلا: “ثم إنهم لكي يهربون من المواجهة، ويتجنبون الخروج من المنطقة الآمنة المريحة لعقولهم وقلوبهم يخرجون بالحديث عن اغلاق وقصر المناقشات في شأن هذه الأمور علي قاعات الدرس ومعاهد الفقه، ولسان حالهم كما قال احد الأصدقاء هو ضرورة ” حجب العوام عن علم الكلام ” ناسين أمرين : الاول : أن المسلم ( والمتدين عامة ) مسئول عن التفكير والتدبر وأن كل منا سيحُشر فردا، والثاني : أن ماهو متاح للعامة عبر العصور خاصة في عصرنا الحالي من خلال شبكة المعلومات يفوق الاف المرات ماكان متاحا لأئمة الفقه الذين لهم كل الاحترام ولكنهم يظلون رجالا ونحن رجال ولهم عقول ولنا عقول”.
قصيدة البرغوثي
في سياق القصيدة التي أثارت الجدل، ترى د. وفاء إبراهيم أستاذة الفلسفة أن تميما بداخله انكسارا واضطراب وعي وخيبة أمل، ملتمسة العذر له.
وأضافت أن إسرائيل نجحت في تقسيمنا وزعزعة ثقتنا في أنفسنا.