تناسل التقارير التي تتحدّث عن قُرب التطبيع السعودي مع “إسرائيل”، تأتي تصريحات رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل، لتنفي أو تضع شُروطًا لإتمام هذا التطبيع، ويرتبط بالفلسطـيـنييـن بالدّرجة الأولى.
الإعلام العبري كان قد رفع حالة التفاؤل حول التطبيع مع السعودي، على خلفيّة مُشاركة سفيرة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة، ريما بنت بندر آل سعود، في قمّة حوار الشرق الأوسط – أمريكا (MEAD)، في واشنطن العاصمة، وسط حُضور إسرائيليين.
المُراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إيتمار آيخنر قرأ تلك المُشاركة للسفيرة السعودية، بالقول إنّ الرياض لا تزال تضع احتمال التطبيع على الطاولة.
وقال الفيصل الجمعة، بأنه ليس هُناك تطبيع سعودي مع “إسرائيل”، ما دامت هُناك حكومة إسرائيلية تُصر على رفض وجود دولة فلسطينية.
ويُنبّه الفيصل بشَكلٍ لافت إلى أن “المذبحة الإسرائيلية” ليست ضد غزة وحسب، بل تشمل أيضًا الضفة الغربية، ولا يشغل الفيصل منصبًا رسميًّا في بلاده، لكنّه يُعبّر عن كيفية التفكير السعودي حول فلسطين، وقضيّتها، وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
ونفى الفيصل بأن يكون هناك “قيود” على دعم فلسطين في السعودية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله إن هناك دعمًا كاملًا للفلسطينيين في وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت حذّرت حركة “حماس” عبر المكتب الإعلامي في غزة من قنوات عربية بعينها حيث قالت: “السياسة التحريرية لقناتي العربية والحدث بشأن الحرب في غزة غير موضوعية ومنحازة تمامًا وبشكل صارم للرواية الإسرائيلية، وتظهر تشفيا واضحا ضد الفلسطينيين، وهذا الأمر مرفوض وغير مقبول من قناة تلبس ثوبا عربيا، وطالب المكتب قناتي العربية والحدث بإعادة تقييم لسياستها التحريرية وتغطيتها الاعلامية الخاصة بالقضية الفلسطينية وحرب الإبادة في غزة، كما حذّر المكتب الإعلامي المشاهدين من الأمة العربية والإسلامية من سياسة القناتين، والانتباه جيداً خلال مشاهدة شاشتيهما كَونِهما “تتبنّيان رواية الاحتلال الإسرائيلي.
وتُصر السعودية فيما يبدو على تطبيق حل الدولتين، وتربط عدم تطبيقه بوجود نتنياهو، وعليه قال الفيصل إن المطلوب حاليّاً هو وقف صادرات السلاح إلى “إسرائيل”؛ لأنّ ذلك سيُثمر في دفع نتنياهو وأي شخص سيخلفه نحو حل الدولتين.
وبينما تضع السعودية تطبيق “حل الدولتين” كشرطٍ أساسيٍّ، تقول حماس على لسان رئيس مكتبها السياسي بالخارج خالد مشعل، بأن الغرب يتحدّث أن معركة 7 أكتوبر فتحت أفقًا لموضوع الرؤية السياسية ومن هنا يعودون إلى بضاعتهم القديمة وهي حل الدولتين”، موضحا أن “حماس لا تقبل بمصطلح حل الدولتين وهو مرفوض، لأنه يعنى أن لنا دولة موعودة في الوقت المطلوب أن نعترف بشرعية بالدولة الأخرى التي هي الكيان الصهيوني وهذا مرفوض رفضا قاطعا”.
وفيما جرى ربط معركة طوفان الأقصى بتعطيل التطبيع السعودي، لا يعتقد الفيصل بأن حماس” قامت بهجوم الـ7 من أكتوبر لوقف المُحادثات الأمريكية- السعودية.
وفي مُقابلة سابقة أجراها تركي الفيصل مع “نيو ستيتسمان” البريطانية، حيث سُئل سُؤالًا كان نصّه: “تقرأ في بعض الصحف وتسمع من بعض الناس أنه ربما توافق السعودية على الحرب (الحرب الإسرائيلية ضد حماس) لأنها ترغب في رؤية تدمير حماس..” ليرد الأمير قائلًا: “بالطبع لم تكن لدينا علاقات جيدة مع حماس، خاصة بعد بعض المواقف التي اتخذوها عندما حاولنا التوسط بينهم وبين السلطة الفلسطينية في عام 2006. حماس خرقت الاتفاق. ومنذ ذلك التاريخ توترت علاقاتنا مع حماس بشكل حاسم”.
وتابع الفيصل قائلًا بذات المُقابلة: “بالطبع هذا لا يعني أنهم لا يأتون إلى المملكة لأداء فريضة الحج، وقد جرت بعض المحادثات ولكن ليس إلى حد العلاقة التي تربط مصر أو قطر بحماس. أود أن أقول إننا لسنا أصدقاء مع حماس. لكن هذا لا يعني أننا نريد أن نرى دمار الفلسطينيين في غزة من أجل القضاء على حماس، كما يحاول البعض الإشارة أو الادّعاء..”.
وظهرت العربية السعودية بعيدةً عن وضع ثقلها الإقليمي أو التدخّل لصالح وساطات خلال الحرب الحاليّة على غزة، لكنها تعتقد كما لفت رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق إلى أن الولايات المتحدة تمتلك أدوات ضغط هائلة على “إسرائيل”، لكنّها لا ترغب في استخدامها.
وأوضح الأمير تركي الفيصل: “السعودية تتحدّث مع الولايات المتحدة بشأن علاقات على أسس أقوى، وواشنطن تريد منا السلام مع (إسرائيل)، والسعودية ترد على ذلك بالقول إذا كان هناك دولة فلسطينية فيُمكننا الحديث عن التطبيع مع (إسرائيل)”.
وجاءت تصريحات الفيصل خلال مُشاركته في ندوة بمنتدى معهد “تشاتام هاوس” للشؤون الدولية، التي أكّد فيها أن الممر الاقتصادي الممتد من الهند مُرورًا بالإمارات والسعودية نحو إسرائيل، سيتطلّب سنوات لكي يتحقّق على الأرض.