ما زالت الولايات المُتحدّة الأمريكيّة ودولة الاحتلال متأهبتان خشية الردّ الإيرانيّ على قيام إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانيّة، طهران، حيث تتوقعّان أنْ تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة، اعتمادًا على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، بتوجيه ضربةٍ للكيان، علمًا أنّ قادة تل أبيب أقّروا أنّه في الهجوم الإيرانيّ الأخير على إسرائيل في الـ 13 من نيسان (أبريل) الماضي، اجتازت طهران ما أسمته المصادر عينها بالحاجز النفسي لمهاجمة إسرائيل من قبل إيران بصورةٍ مُباشرةٍ.
ووفقًا لصحيفة (هآرتس) العبريّة، التي اعتمدت على مصادر أمريكيّةٍ وإسرائيليّةٍ وصفتها بالمطلعة جدًا، فإنّ واشنطن قررت إبقاء حاملتيْ الطائرات بالقرب من الجمهوريّة الإيرانيّة، وذلك كجزءٍ من القوّة البحريّة الأمريكيّة الهائلة بهدف ردع طهران من أنْ تهاجم إسرائيل.
وتابعت الصحيفة العبريّة، نقلاً عن المصادر عينها، أنّه بموازاة ذلك تنشط في المنطقة فرق هجومٍ من المشاة الأمريكيين (مارينز)، وغواصة هجوميّة متطورة، بالإضافة إلى سرب طائراتٍ أمريكيّةٍ يُرابط في كلٍّ من دولة قطر والمملكة الأردنيّة الهاشميّة، وذلك بهدف جمع أكبر عددٍ من القوات لصدّ الهجوم الإيرانيّ في حال خروجه إلى حيِّز التنفيذ، طبقًا للمصادر التي تحدثت للصحيفة العبريّة.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، لفتت المصادر إلى أنّ حاملة الطائرات (لينكولن)، التي وصلت نهاية الأسبوع المنصرم إلى خليج عُمان، كانت يجِب أنْ تقوم بحلّ مكان حاملة الطائرات (روزفلت)، والتي كانت قد أرسلت إلى المنطقة قبل حوالي الشهريْن، بيد أنّ عدم ردّ طهران على اغتيال هنية في طهران، والتقدير السائد أنّها ستقوم بتنفيذ الردّ في الوقت القريب، قررت الولايات المُتحدّة تغيير الاستعدادات، والأحد بعد انتهاء الردّ الأوليّ من قبل حزب الله اللبنانيّ على اغتيال قائده العسكريّ، فؤاد شكر، أبلغ وزير الدفاع الأمريكيّ، لويد أوستين، وزير حرب الكيان، يوآف غالانط، بأنّ حاملة الطائرات (روزفلت) ستبقى مرابطةً في المنطقة، بالإضافة إلى (لينكولن)، طبقًا لذات المصادر.
وشدّدّت المصادر، وفق الصحيفة العبريّة، على أنّ تركيز القوات الأمريكيّة في المنطقة زاد وبوتيرةٍ عاليةٍ بعد اغتيال شكر وهنية، حيث قامت واشنطن بنشر أكثر من عشرة طائرات من طراز (إف 22) في قطر من الأكثر تطورًا، كما فعلت في أوقاتٍ سابقةٍ عندما نشرت طائراتٍ حربيّةٍ متقدمةٍ في الأردن، وهذه الطائرات ساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في صدّ الهجوم الإيرانيّ ضدّ إسرائيل في أبريل الفائت، حيث أسقطت عشرات الصواريخ المجنحة والطائرات الإيرانيّة دون طيّارٍ، والتي كان وجهتها لإسرائيل.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنّه قبل حوالي أسبوعيْن نشرت الولايات المتحدّة في الأردن قوّة مختلفة، حيث نقلت الطائرات التي تقلّها حاملة الطائرات (أيزنهاور) إلى القاعدة العسكريّة الأمريكيّة في مدينة السلط الأردنيّة، حيث تحمل كلّ طائرة 8 صواريخ جو-جو، والهدف من نشر الطائرات بالأردن هو إسقاط الصواريخ الإيرانيّة المجنحّة والطائرات دون طيّارٍ، التي ستُطلَق باتجاه دولة الاحتلال.
علاوة على ما جاء أعلاه، أوضحت المصادر أنّه بعد التقارير التي نُشرت عن إبطاء إرسال الأسلحة المتطورّة لإسرائيل من واشنطن، فإنّه منذ نهاية تموز (يوليو) الماضي سُجِّل ارتفاع هائلٌ بنقل الأسلحة الأمريكيّة لإسرائيل، كما أنّ شهر آب (أغسطس) الجاري، أضافت المصادر، يُعتبر الشهر الأكثر ازدحامًا في نقل الأسلحة الأمريكيّة إلى الكيان منذ بدء العدوان على قطاع غزّة في أكتوبر من العام المُنصرِم، إذْ أنّ الأسلحة تُرسَل لإسرائيل من القواعد العسكريّة الأمريكيّة في قطر، مُضيفةً أنّه منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت هبطت في المطارات الإسرائيليّة أكثر من 500 طائرة أمريكيّة، وهي بمثابة جسرٍ جويٍّ، والتي نقلت الأسلحة والأجهزة العسكريّة المختلفة، على حدّ تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ وزارة الأمن الإسرائيلية قالت أوّل من أمس الاثنين إنّ 500 طائرة و107 سفينة شحن نقلت أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر الماضي.
ويُضاف هذا المجهود لإطار مساعي واشنطن الحثيثة لتوفير شبكة أمانٍ لدولة الاحتلال من صواريخ ومُسيّرات إيران وحزب الله، علمًا أنّ المعونات الأمريكيّة للدولة العبريّة وصلت منذ بداية العدوان على قطاع غزّة إلى أكثر من 11 مليار دولار، وهو مبلغٌ لم تشهده واشنطن منذ إقامة الكيان في العام 1948.
وكان مُحلِّل الشؤون العسكريّة في إذاعة جيش الاحتلال، أمير بار شالوم، قد أكّد أنّه نادرًا ما يتّم الحديث في إسرائيل عن الشراكة التي تجلّت في غرفة عملياتٍ مشتركةٍ، خلال الهجوم الإيرانيّ على الكيان في أبريل الماضي، تضم إسرائيل والولايات المتحدة والأردن والسعودية ومصر والإمارات وقطر، لافتًا إلى أنّ مشاركة الأخيرة مفاجئة للغاية، بسبب الشكوك النابعة من علاقاتها مع أطرافٍ معاديةٍ مثل حماس وإيران، على حدّ تعبيره.
وتابع في موقع (زمان إسرائيل) العبريّ، بعد الهجوم الإيرانيّ في إبريل، إنّ “غرفة العمليات المركزيّة التي تتركّز فيها صورة أجواء الشرق الأوسط تقع في قاعدة العديد الجويّة الأمريكيّة بالقرب من العاصمة الدوحة، وهناك ترّكزت كلّ المعلومات المتدفقة من عشرات أجهزة الاستشعار وأنظمة الرادار، وهناك تمّ بناء صورةً لمقذوفات إيران، مع تلقي إسرائيل كلّ التفاصيل في الوقت الحقيقيّ كما لو كانت حاضرةً في الغرفة”.
ووفقًا لتقرير المُحلِّل، فقد وصف مسؤولٌ إسرائيليٌّ كبيرٌ الحدث بأنّه اختراق “هذه كانت المرّة الأولى التي يعمل فيها التحالف الإقليميّ ضدّ إيران، فوق الرادار وتحت الرادار، حرفيًا”، طبقًا لأقواله.