قال محللون لصحيفة "واشنطن بوست" إن تبادل إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، كان بمثابة حفظ ماء وجه للجانبين، مما يسمح بالتراجع عن حافة صراع أوسع بين إسرائيل وحزب الله.
رغم أن الطرفين يتبادلان القصف يوميا منذ أكثر من عشرة أشهر، إلا أن منسوب التوتر ارتفع مؤخرا بعد اغتيال القائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، بغارة اسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو، ثم مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بعد ساعات في طهران بضربة نسبت إلى إسرائيل.
واتهمت حماس وإيران إسرائيل بـ"قتل هنية"، وتوعدتا بالرد، لكن الجانب الإسرائيلي لم يعلن مسؤوليته ولم ينفها.
وصباح الأحد، أعلنت إسرائيل إحباط "جزء كبير من هجوم" شنه حزب الله على أراضيها، مشيرة الى أنها نفذت ضربات استباقية، فيما أكد الحزب أنه استهدف بشكل أساسي قاعدة للاستخبارات العسكرية قرب تل أبيب، ردا على اغتيال شكر.
ولم يتحدث الجيش الإسرائيلي عن وقوع إصابات في الهجوم، مشيرا إلى "أضرار بسيطة للغاية" ومقتل جندي نتيجة صاروخ اعتراضي إسرائيلي.
وبعد انتهاء التصعيد الذي استمر بضع ساعات، عاد تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الى مستواه اليومي المعتاد.
وقال دبلوماسي كبير من الشرق الأوسط مطلع على المناقشات الإقليمية لـ"واشنطن بوست": "كلاهما (حزب الله وإسرائيل) مسرور بالنتائج، وهو ما يجعل الانزلاق إلى حرب شاملة أقل احتمالا".
وقال هاريسون مان، المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط في وكالة استخبارات الدفاع: "إذا كان هذا هو رد حزب الله بالكامل، فهو أحدث دليل على أن الجماعة اللبنانية ستسعى إلى تجنب التصعيد مع إسرائيل بأي ثمن".
ومن جانبه، قال مسؤول إسرائيلي: "إن هذا أمر مشترك بين حزب الله وإسرائيل.. إنهما سعيدان. فهما يستطيعان أن يقولا إنهما هاجما ويزعمان أنهما ضربا مواقع عسكرية رئيسية، ويمكن لإسرائيل أن تقول إنها منعت هجوما أكبر وحمت المدنيين".
وأوضح الدبلوماسي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان بحاجة إلى طمأنة الناخبين بأنه "متناغم مع الوضع في الشمال"، في حين احتاج حزب الله إلى "عرض علني للانتقام" لاغتيال فؤاد شكر.
وقال مصدر لبناني مقرب من "حزب الله" إن الحزب سيواصل تقييم نتائج الهجوم لكنه مستعد للعودة إلى دوره كـ"جبهة دعم"، ومواصلة الضغط على إسرائيل في الشمال طالما استمرت في الحرب مع حماس في قطاع غزة، حسبما أشارت "واشنطن بوست".
وفي سياق متصل، قال أحد المقربين من "حزب الله": "لقد عدنا إلى العمليات الروتينية التي بدأت في الثامن من أكتوبر"، في إشارة إلى الدفعة الأولى من الصواريخ التي أطلقتها الجماعة المسلحة في اليوم التالي لهجوم حماس على إسرائيل.
ووفقا للمسؤول الإسرائيلي، فإن الانتظار لمدة ثلاثة أسابيع لضربات حزب الله المتوقعة، والذي تسبب في تصاعد القلق بين المدنيين على جانبي الحدود، سمح لإسرائيل بـ"الاستعداد بشكل أفضل".
وأتيح للجيش الإسرائيلي "فرصة لاختبار سيناريوهات هجوم متعددة وجمع معلومات استخباراتية كافية لتكون على دراية بالإطلاق الوشيك، صباح الأحد".
وقال المحللون لـ"واشنطن بوست"، إن خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا قد تم تأجيله فقط، ولم يتم تجنبه، وسيظل معتمدا إلى حد كبير على تقدم محادثات وقف إطلاق النار في غزة.