المعادلة باتت معروفًةً، لا بلْ ممجوجةً: توقيع رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو على صفقة مع (حماس) ستُنهي حياته السياسيّة بسقوط حكومته السادسة والتوجّه للانتخابات العامّة، أمّا رفض التوقيع والتسويف فسيُطيل أمد حرب إبادة الشعب الفلسطينيّ، وهو الأمر الذي تفعله آلة الحرب الإسرائيليّة منذ السابع من أكتوبر الفائت، ونتنياهو، المُلقّب بالكذّاب ابن الكذّاب يعمل كل ما في وسعه من أجل إطالة الحرب وجرّ واشنطن والغرب إلى حربٍ إقليميّةٍ تحرق الأخضر واليابس، وقد تتحوّل لحرب عالميّةٍ ثالثةٍ، بحسب مُحللين في تل أبيب.
إلى ذلك، تظاهر آلاف المُناصرين لقضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ خارج قاعة المؤتمرات، وذلك خلال خطاب الرئيس الأمريكيّ جو بايدن، في مؤتمر الحزب الديمقراطيّ وأطلقوا هتافاتٍ ضدّ إسرائيل وجرائمها، وطالبوا بإنهاء العدوان الهمجيّ على قطاع غزّة.
ووفقًا لصحيفة (هآرتس) العبريّة، قال بايدن في كلمته: “سنواصل العمل على إنهاء الحرب في غزة وإحلال السلام في الشرق الأوسط، وقمت بصياغة مقترحٍ جديدٍ للهدنة في قطاع غزة، وسنمده بالمساعدات ونخفف المعاناة عن سكانه، ونعمل على إعادة المحتجزين في القطاع إلى منازلهم.”
واستكمل: “لا يمكن لترامب أنْ يقود القوات المسلحة في الولايات المتحدة، ولا يمكن لرئيس الولايات المتحدة أنْ ينحني لديكتاتور مثل بوتين كما فعل ترامب، كامالا هاريس ستكون الرئيسة السابعة والأربعين للولايات المتحدة”. واختتم: “عززنا قوة حلف الناتو وأضفنا عضوين جديدين هما السويد وفنلندا”، طبقًا لأقواله.
في السياق، كشفت مصادر إسرائيليّة وأمريكيّة وصفت بأنّها مطلعة النقاب عن أنّه “لا يزال هناك أزمة ثقة في المفاوضات، فالوسطاء لا يثقون بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد صفقة فعلاً، و(حماس) أيضًا لا تثق بأنّه يريد استكمال الصفقة المكونة من ثلاث مراحل، إنّما استئناف القتال بعد نهاية المرحلة الأولى. وبطبيعة الحال، هناك عدم ثقة بـ “حماس” في إسرائيل”، وفق ما نقلته محللة الشؤون السياسيّة في القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، دانا فايس، عن المصادر.
وتابعت، نقلاً عن المصادر عينها “انتهت القمة التي عُقدت في الدوحة، وحديث الأطراف متفائل، حتى لو كان عليهم أنْ يكونوا أكثر حذرًا، بطبيعة الحال. اليوم، يغادر وفد إسرائيلي من المستويات المهنية إلى القاهرة لاستكمال المفاوضات، ونأمل أنْ يكون هناك قمة إضافية يوم الخميس في القاهرة، وبعدها قمة في الدوحة لتوقيع الاتفاق، في حال سار كلّ شيءٍ كما يأمل الأمريكيون”، طبقًا لأقوالها.
ولفتت في سياق تحليلها إلى أنّه “بالإضافة إلى القضايا الجوهرية المطروحة، وبينها بقاء الجيش في محور فيلادلفيا، ومنع وصول المسلحين إلى شمال القطاع، عبر البقاء في محور نيتساريم، لا يزال هناك أزمة ثقة في المفاوضات”.
وأردفت قائلةً إنّه “بحسب مصادر مطّلعة على المفاوضات، يجب على جميع الأطراف تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى صفقة، لأنّ الأمريكيين تبنّوا أغلبية المطالب الإسرائيلية، وسيكون على إسرائيل التنازل عن قضية محور (نتساريم) وعدم التمسّك به من أجل عدم إفشال الصفقة”، على حدّ تعبيرهم
وشدّدّت المحللة أنّه “على الرغم من ذلك، فإن الأمريكيين يستخدمون كلّ ثقلهم للضغط، بهدف إنجاز هذه الصفقة وتحرير الرهائن وإدخال المنطقة في حالة هدوء”. وأشارت جهات مطّلعة على المفاوضات إلى أنّ الأمريكيين يتحدثون طوال الوقت عن (فرصة أخيرة) لتطبيق الصفقة، وذلك لثلاثة أسباب:
الأوّل، كلما مرّ وقت أطول، كلما ازدادت المخاطر على حياة الرهائن. لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور في حال فشلت المفاوضات، وما هو مصيرهم.
الثاني، إنْ لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب، يمكن أنْ يشتعل الشمال. الولايات المتحدة منعت إيران، حتى الآن، من الردّ على اغتيال هنية، ومنعت حزب الله من الرد على اغتيال فؤاد شُكر في الضاحية. إذا استمر القتال في غزة، فلن يكون من الممكن التوصل إلى تهدئة في الشمال من خلال اتفاق، ومن دون حرب، وسيجري تصعيد في مواجهة حزب الله، ولا يمكن ضمان عدم تطور القتال إلى حربٍ إقليميّةٍ.
وأشارت اعتمادًا على الجهات المطلعة إلى أنّه “كلّما مرّ وقت أطول، كلما اقتربت الولايات المتحدة من الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر)، وإذا أدرك الأمريكيون أنّ التوصل إلى صفقة غير ممكن، فيمكن أنْ يتخلوا عن المهمة ويهتموا بشؤونهم السياسية، بدلاً من تفعيل الضغوط، بهدف التهدئة في الشرق الأوسط.”
وخلُصت المحللة الإسرائيليّة إلى القول إنّه “حاليًا، يحاول الأمريكيون والوسطاء تفعيل أوراق القوّة على جميع الأطراف وعدم إفشال الصفقة. فيهددون بأنّه في حال فشلت الصفقة، فسيذكرون، علنًا، مَنْ هو المتهم بفشلها. وهناك أيضًا جهات أمنية إسرائيلية يمكن أنْ تكشف، علنًا، مَنْ يعرقل الصفقة إذا شعروا بأنّ نتنياهو يضع العوائق”، على حدّ تعبيرها.