نيويورك تايمز: أطفال غزة "يُحرقون أحياءً" بفعل الهجمات الإسرائيلية

الأحد 11 أغسطس 2024 01:15 م / بتوقيت القدس +2GMT
نيويورك تايمز: أطفال غزة "يُحرقون أحياءً" بفعل الهجمات الإسرائيلية



نيويورك /سما/

قال طبيب أطفال أمريكي عاد مؤخرا من قطاع غزة، إن الأطفال يُحرقون أحياء بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الدكتور أحمد يوسف عاد مؤخرًا من مهمة طبية في غزة. وقد شارك الصحيفة لقطات نادرة من داخل مستشفى الأقصى، حيث التقط الظروف المروعة التي يعيشها الموظفون والمرضى، وخاصة الأطفال.

والطبيب يوسف، هو مدير وحدة العناية المركزة في ولاية أركنساس، وكان في مهمة طبية إلى غزة، معتقداً أن خبرته قد تساعد المرضى على تلقي الرعاية الصحية المتقدمة التي اعتاد تقديمها لهم. ولكن ما واجهه تجاوز أسوأ توقعاته بكثير، مما اضطره إلى توثيق الدمار.

المرضى يموتون دون علاج

وقال الطبيب يوسف: "كان أول ما قمت به هناك هو فرز الحالات وإيجاد علاج جماعي للإصابات. لم تكن هذه رعاية متقدمة في وحدة العناية المركزة. لم نصل إليها في كثير من الأحيان. كان المرضى يموتون دون علاج".

وعمل الطبيب يوسف متطوعًا مع MedGlobal، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تقدم الإغاثة الإنسانية في جميع أنحاء العالم.

وبعد أن أمضى ثلاثة أسابيع في أحد آخر المستشفيات العاملة في غزة، وصف الخسائر الفادحة التي تكبدها العاملون الطبيون والمدنيون، وخاصة الأطفال، بسبب الحرب الإسرائيلية، وقد شارك سجلًا لما شهده، بما في ذلك لقطات نادرة من داخل مستشفى الأقصى في دير البلح.

وخلال فترة إقامته في المستشفى، عملت الفرق الطبية بلا كلل لإدارة إصابات الصدمات التي تدفقت مع استمرار الجيش الإسرائيلي في قصف المناطق المجاورة، بما في ذلك المناطق الإنسانية.

كان طاقم العاملين في المستشفى يعمل بثلاثة أضعاف طاقة المستشفى، وكانوا يضطرون في كثير من الأحيان إلى معالجة المرضى، وكثير منهم من الأطفال، على قطع من الورق المقوى على الأرض. وكانوا يفتقرون إلى الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الدم والشاش والتخدير. وتوفي العديد من المرضى متأثرين بجراحهم.

قال الطبيب يوسف: "اتخذنا القرارات على مراحل، وبذلنا قصارى جهدنا. وكلما طالت مدة بقائي هناك، أدركت أن دوري لم يكن أن أكون طبيبًا، بل أن أكون شاهدًا".

بدأ الطبيب الأمريكي مشاركة تأملاته اليومية مع أصدقائه وعائلته على تطبيق واتساب. يصف أحد التدوينات بتاريخ 30 يونيو صبيًا مراهقًا كانت كلماته الأولى بعد إزالة أنبوب التنفس: "أرجوك اسمح لي بالاتصال بوالدي. أريد فقط التأكد من أنه بخير ويعلم أنني بخير".

وأفاد مسؤولون في غزة بأن ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل فلسطيني استشهدوا منذ بدء الحرب، وأن عدداً أكبر منهم يواجهون إصابات جسدية ونفسية تدوم مدى الحياة.

ووفقاً لمنظمات الإغاثة الدولية، فقد قُتل أكثر من خمسمائة عامل في مجال الرعاية الصحية خلال الأشهر العشرة الماضية.

تدوينات عن الواقع المرير

تعكس تدوينات الدكتور يوسف الواقع المرير الذي تعيشه غزة. ففي التاسع من يوليو/تموز كتب: "في كل مرة أعتقد فيها أن الأمور لا يمكن أن تزداد سوءاً، يحدث ذلك بالفعل".

جاء في لقطات للطبيب الأمريكي "اليوم هو أسوأ يوم. لقد قصفوا مدرسة أخرى. الأطفال ليسوا أمواتًا. لقد احترقوا أحياء، إن الاطفال يموتون. لا أعتقد أن الناس يفهمون حقًا مدى سوء الأمور".

وعقب الطبيب يوسف "ما رأيته هناك (في قطاع غزة) كان لا يوصف. أدركت أنني بحاجة إلى التقاط الصور وتوثيقها ومقاطع الفيديو القصيرة لأن لا أحد سيصدقها ما لم أفعل ذلك".

وأوضح "كان الشيء الأساسي الذي فعلته هناك هو فرز الإصابات الجماعية. هذه ليست رعاية متقدمة في وحدة العناية المركزة. غالبًا ما لم نصل إلى هناك أبدًا. كلما بقيت هناك لفترة أطول، أدركت أن دوري لم يكن أن أكون طبيبًا. كان أن أكون شاهدًا".

قصص يومية من الإجرام

أنشا الطبيب يوسف مجموعة على WhatsApp شارك فيها القصص مثل مذكرات أو مدخل يوميات.

جاء في أحدها: هذا أسوأ مما كنت أتخيله على الإطلاق. شظايا تم سحبها من جدار صدر طفل يبلغ من العمر عامًا ونصف. القفازات لكل يد مساعدة هي رفاهية. يتم تعقيم المرقئ بالكحول والبيتادين، إذا كنت محظوظًا.

وتابع "لم ينم الدكتور نبيل والدكتور محمد إلا بالكاد خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية. ليس لديهما كل الأدوات. ثيابهما ليست مقاومة للماء. الكهرباء تنقطع بانتظام، لكنهما يتابعان حالة تلو الأخرى، ويواصلان العمل".

وأضاف "كان من المفترض أن تستوعب المستشفى ما بين 150 و200 شخص، وكان هناك 700 مريض في ذلك المستشفى. كانت الليلة الماضية سيئة، وكسر في الجمجمة. ربت والده على كتفي عدة مرات، وسألني عما أعتقد. جلس هذا الطفل منتصب القامة دون مسكنات للألم بينما كانوا يغسلون جروح الشظايا".

تحدث الطبيب يوسف عن طفل صغير مصاب بإصابة ناجمة عن انفجار/إصابة دماغية رضية. فرص نجاته ضئيلة. في كل مرة لا أعتقد أن الأمر يمكن أن يزداد سوءًا، يحدث ذلك.

حزن على طفلة ضحية أخرى

قال الطبيب يوسف في توثيق آخر: "اليوم، تعرضت دير البلح، المنطقة التي أعيش فيها، للقصف، مما أسفر عن وقوع عدد هائل من الضحايا في المستشفى. رفعت طفلة صغيرة تحتضر بين ذراعي عن الأرض عندما شعرت بالإحباط أثناء انتظاري نقالة وأدركت أنها ستموت على الأرض عند قدمي".

وذكر أن الفتاة التي تدعى فرح كانت تبلغ من العمر 12 عامًا، لكنها كانت بحجم ابنه البالغة من العمر 10 سنوات.

وقال: "لا يزال بإمكاني الشعور بذراعيها حول رقبتي وأنا أكتب هذا. كان هناك عدد قليل من الأطفال الذين ماتوا اليوم. أحدهم بين ذراعي والده. هذا أب ينظف ابنه للمرة الأخيرة. أم تمسك بأحذية طفلها. لا أعرف ما إذا كان على قيد الحياة. لم يكن لدينا وقت لمعالجة الأمر".

وأبرز الطبيب يوسف التدهور الحاد للنظام الصحي في قطاع غزة قائلا " لدينا فقط عدد محدود جدا من الأجهزة. لدينا فقط قدر صغير جدا من الشاش. ليس لدي ما يكفي من الدم لتعليقه لنقل الدم. ليس لدي ما يكفي من السوائل لرفع ضغط دم هذا الشخص".

وقال: "كل مقدم رعاية صحية في قطاع غزة يعيش في عالمين. في كل مرة تصل فيها سيارة إسعاف، يكون أول سؤال يطرحه الناس هو: "في أي حي سقطت القنبلة؟ هل سقطت حيث كانت عائلتي؟".