ما زال الجيش الإسرائيليّ على جميع وحداته في حالة تأهبٍ قصوى للردّ الإيرانيّ ومن حزب الله ومن أنصار الله انتقامًا للاغتيالات التي نفذّتها دولة الاحتلال في بيروت وطهران، وبحسب المصادر في تل أبيب فإنّ منسوب الرعب والهلع لدى المستوطنين في الكيان ارتفعت بمئات النسب بسبب حالة الانتظار التي يعيشونها في جميع أرجاء الدولة العبريّة، علمًا أنّ تل أبيب كان قد أقرّت أنّ كلّ مكانٍ في العمق الإسرائيليّ بات في مرمى صواريخ ومسيّرات المقاومة.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة إسرائيلية، النقاب عن رسالةٍ سريّةٍ موجهة من أعضاء في الكنيست إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن خطة العمليات التي أعدها الجش الإسرائيليّ بخصوص التوغل البري في لبنان، محذرين من أنّها ستؤدي إلى فشلٍ مأساويٍّ.
وأوردت صحيفة (إسرائيل هيوم) تحذيرًا صادرًا عن النواب عميت هليفي وزئيف الكين واوهاد طال من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، مؤكدين أنّ التوغل البريّ في لبنان حسب خطة الجيش التي اطلعوا عليها، سيؤدي إلى مراوحة في المكان لا حسم.
وتابع النواب في رسالتهم السريّة الموجه لنتنياهو: “نؤيد بشكل مبدئي الدخول البري إلى لبنان، لكن خطة الجيش لن تقود إلى الحسم”، مضيفين أنّه “وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، فإنّ تنفيذ الخطة قد يؤدي بدولة إسرائيل إلى فشل مأساوي ذي آثار غير مسبوقة”، على حدّ تعبيرهم.
وأكّدوا أنّ “قادة جهاز الأمن الإسرائيلي مخطئون بشكلٍ عميقٍ في فهم استراتيجية العدو”، طبقًا لأقوالهم.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن الكتاب الطويل الذي تُنشر تفاصيله لأول مرة، يُفصّل أسباب زعمهم أن الخطة التي أعدها الجيش لإمكانية دخول بري إلى لبنان مغلوطة.
ولفتت إلى أنه بحسب بعض المصادر، فإنه لم يجرِ بعد على خطة العمليات بحث جدي في الكابينيت الموسع، لكنها معروفة لقادة الكتائب وللمستويات الميدانية في الجيش، منوهة إلى أن الخطة جرت مناقشتها بين الجيش ووزير الحرب يوآف غالانت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأكد النواب في كتابهم أن الخطة لا تستوعب عمليا الأخطاء التي تم ارتكابها في المناورة البرية في غزة، مشددين على أنه ينبغي تحديد أنّ هدف الحرب هو تقويض القدرات السلطوية والعسكرية لحزب الله، وليس فقط إبعاده عن الحدود.
ويستطرد النواب بقولهم: “حتى لو كان الهدف هو الإبعاد عن الحدود، فمن الأفضل تنفيذ خطة أخرى”، موضحين أن “خطة عمل المحور الإيراني تعتمد على استنزاف إسرائيل، وبالفعل نجح المحور في هذا العمل، خاصة في غزة، وبموجب الخطة الحالية ستؤدي إلى غرق متواصل وقاس في الوحل اللبناني”.
في السياق عينه رأى باحثان إسرائيليين في مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، أنّ الاغتيالات التي نفذّتها إسرائيل مؤخرًا في غزّة، وبيروت وطهران، لم تُعزز الردع الإسرائيليّ المتآكل، بل على العكس دفعت المحور الإيرانيّ إلى التهديد بردٍّ قاسٍ، الأمر الذي يؤكِّد أننّا أمام أيّامٍ صعبةٍ، على حدّ تعبيرهما.
وأضافا: “هل تعززت قدرتنا على ردع “محور المقاومة”؟ صحيح أنّ سلسلة الهجمات الإسرائيلية، وجرأتها، وتعقيدها، تسببت بصدمة كبيرة للمحور. ومع ذلك، يجب ألّا ننسى أنّ الردع يعني التأثير في قدرة العدوّ على مواصلة الصراع، أو رغبته فيه. أمّا إصرار المحور على الرد، فيشير إلى أنّ الردع المحقق محدود. أمّا انتظارنا لردّ المحور، فهو يثير تساؤلات حقيقية بشأن طبيعة هذا الردع الذي نملكه”.
وأردفا: “هل ضربنا القدرات العسكرية للمحور؟ ليس حقًا. صحيح أنّ اغتيال الضيف وشُكر قد يسبب اضطرابات موقتة، لكنّه لن يتجاوز ذلك. واغتيال هنية لا ينطوي على أيّ قيمة عسكرية. وعلى الرغم من أنّ الهجوم على ميناء الحُديدة سيعقّد الأمور بالنسبة إلى الحوثيين، لكن إيران ستجد طرق تهريب بديلة”، على حدّ قولهما.
الباحثان تساءلا “هل ستؤدي الاغتيالات الإسرائيلية إلى تغيير في سياسات المحور؟ بشكل عام، لا، فإنْ فعلت، فستقودها نحو الأسوأ، من خلال زيادة إصراره على القتال.”
وتابعا: “الظروف معقدة، ولا تتوفر أمامنا خيارات جيدة حقًا. إنّ إسرائيل، بعد هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، ملزمة بانتهاج نهج هجومي أكثر، لكن عليها القيام بذلك بحكمة. بسبب مخاطر التصعيد، وفي ظل غياب بدائل أفضل، كان من الأفضل التحلي بالصبر وانتظار وقت ملائم أكثر، على الأقل فيما يتعلق باغتيال هنية. كما كان حريًا بنا الاعتماد على المنظومات الدفاعية والولايات المتحدة في مواجهة الحوثيين.
وخلُصا إلى القول إنّه “ما من شك في أنّ استنتاجاتنا مخيبة للآمال، وأنها لا تقدم حلاً للتهديدات المتزايدة. هذا هو الثمن الذي ندفعه بسبب حكومة فاشلة، جلبت لنا الخراب في كل ما تعاملت معه. سنحتاج إلى التحلّي بالصبر وانتظار فرصة أفضل. والمحور سيوفر لنا كثيراً منها.”
يُشار إلى أنّ التكهنات في إسرائيل حول الردّ أصبحت مادّةً دسمةً للمحللين والخبراء والمختّصين، وأهمها هل سيكون الردّ مشتركا؟ هل ستُستهدَف المنشآت الإستراتيجيّة في الكيان؟ وهل مصير تل أبيب كمصير بيروت وطهران؟