بعثتا الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام “يونيفيل” في لبنان، الأحد، من اشتعال “صراع أوسع بين إسرائيل وحزب الله قد يغرق المنطقة في كارثة”، على خلفية مقتل 12 شخصا في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل.
جاء ذلك في بيان مشترك للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، ورئيس بعثة اليونيفيل قائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، وصل الأناضول نسخة منه.
واستنكر الطرفان في البيان، “مقتل المدنيين من أطفال صغار ومراهقين في مجدل شمس”، وأكدا ضرورة “حماية المدنيين في جميع الأوقات”.
وحثّا “الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووضع حد للتبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار، الذي قد يشعل صراعا أوسع نطاقاً من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها”.
وذكر البيان أن “اليونيفيل ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يجريان اتصالات مع كل من لبنان وإسرائيل”.
وأمس السبت، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية عن متحدث اليونيفيل أندريا تيننتي، أن قواته “على اتصال بالأطراف (لبنان وإسرائيل) لمحاولة خفض التوتر” الحدودي عقب حادثة مجدل شمس.
والسبت أيضا، أدانت الحكومة اللبنانية في بيان “كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين” عقب الهجوم الصاروخي الذي أدى لمقتل مدنيين في بلدة مجدل شمس الدرزية بالجولان السوري المحتل.
ومن جهته قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد، إن “حزب الله” هو المسؤول عن إطلاق الصاروخ تجاه بلدة مجدل شمس الدرزية شمال هضبة الجولان المحتلة، و”سيدفع الثمن”.
جاء ذلك خلال تفقده ساحة سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في مجدل شمس التي تقطنها أغلبية درزية، ما أسفر عن 12 قتيلا، وفق هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
وقال غالانت مخاطبا أهالي البلدة: “ما حدث هنا مأساة رهيبة، وأريدكم أن تعرفوا أن الجيش ووزارة الدفاع ودولة إسرائيل، الجميع معكم”.
وأضاف: “حزب الله هو المسؤول عن ذلك وسيدفع الثمن”.
من جانبه، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الذي زار مجدل شمس في وقت سابق صباح الأحد: “نعرف بالضبط من أين أطلق الصاروخ”.
وأضاف: “فحصنا هنا على جدار ملعب كرة القدم بقايا الصاروخ، ويمكننا القول إنه صاروخ (فلق) برأس حربي يزن 53 كيلوغراما”، وفق بيان للجيش الإسرائيلي نشره على موقعه الإلكتروني.
وادعى هاليفي أن “هذا صاروخ من صواريخ حزب الله. ومن يطلق مثل هذا الصاروخ على منطقة مبنية يريد قتل المدنيين ويريد قتل الأطفال”، على حد زعمه.
ومضى قائلا: “سنستخدم كل الوسائل لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان”.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي “يزيد بشكل كبير” استعداده للمرحلة التالية من القتال في الشمال على حدود لبنان، بينما يقاتل في الوقت نفسه في غزة.
ومساء السبت، نفى “حزب الله” ضلوعه في الهجوم على مجدل شمس شمال إسرائيل في الجولان المحتل.
وقال الحزب في بيان: “تنفي المقاومة الإسلامية في لبنان نفيا قاطعا الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس، وتؤكد أن لا علاقة للمقاومة الإسلامية بالحادث على الإطلاق، وتنفي نفيا قاطعا كل الادعاءات الكاذبة بهذا الخصوص”.
كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت، إن لبنان وحزب الله بدأ حربا مع إسرائيل بعد هجوم مجدل شمس في الجولان، مشيرا إلى “طريقة وحيدة” لمنع حرب شاملة.
وقال بينيت لشبكة “سي ان ان” إن “دولة لبنان، التي ينتمي إليها حزب الله، بدأت الحرب مع إسرائيل ولن نفرق بعد الآن بين لبنان وحزب الله، الذي هو جزء من لبنان.. حزب الله يساوي لبنان ويجب ألا نفرق بين الاثنين”.
وأكد بينيت على أن إسرائيل يجب أن ترد. موضحا: “الطريقة الوحيدة لردع أعداءنا عن ضربنا ليل نهار من اليمن، ومن إيران، ومن العراق، ومن لبنان هي الرد عليهم وضربهم، لا توجد طريقة أخرى”.
واستطرد قائلا إن “الواجب الأساسي للحكومة هو توفير الأمن لشعبها، هذا كل شيء. إنه توفير الأمن للشعب الإسرائيلي، إذا لم تتمكن أنت، في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من القيام بذلك، دع شخصا آخر يفعل ذلك”.
وتابع رئيس الوزراء السابق إن الطريقة الوحيدة لتجنب التصعيد مع لبنان هي أن تقوم البلاد بإبعاد حزب الله “بعيدا عن الحدود”، قائلا: “لن نبتعد ونبحث عن حزب الله وسط لبنان. حزب الله جزء من الحكومة، حزب الله جزء من لبنان وما يحتاج لبنان إلى فعله الليلة هو إبعاد حزب الله بأكمله عن الحدود، وصولا إلى نهر الليطاني ووقف كل ما يفعلونه، هذا هو الحل الوحيد.. إنها الطريقة التي يمكنهم من خلالها منع حرب شاملة”.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية، السبت، مقتل 12 شخصا وإصابة 35 على الأقل، جراء سقوط صاروخ على بلدة مجدل شمس الدرزية شمال هضبة الجولان المحتل.
وبينما اتهم الجيش الإسرائيلي “حزب الله” بالوقوف وراء الهجوم وهدد بالرد عليه، نفى الحزب مسؤوليته عن ذلك.
وكان الحزب أعلن بالفعل قبل وقت قصير من حادث مجدل شمس، استهداف 4 مواقع عسكرية شمال إسرائيل، “ردا على اعتداءات الجيش الإسرائيلي على جنوب لبنان”.
وشملت هذه الاستهدافات “قصفا بصواريخ الكاتيوشا طال مقر قيادة لواء حرمون في ثكنة معاليه غولاني بالجولان السوري المحتل”، لكن الحزب لم يتحدث في بياناته مطلقا عن استهداف بلدة مجدل شمس.
وجاءت الاستهدافات من جنوب لبنان هذه عقب إعلان “حزب الله” استشهاد 4 من عناصره بنيران إسرائيلية، السبت، ليرتفع بذلك عدد قتلاه إلى 384 منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
يأتي ذلك فيما حذر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، في بيان السبت، من سعي إسرائيل لإشعال الفتن بالمنطقة بعد اتهامها “حزب الله” بالتورط في قصف بلدة مجدل شمس رغم نفي الحزب لذلك.
ويعتبر المكون الدرزي (مكون عرقي ديني) أحد المكونات الرئيسية في لبنان، حيث يعيش في هذا البلد العربي ما لا يقل عن 200 ألف من هذه الطائفة من إجمالي عدد السكان الذي يزيد على 5.2 ملايين نسمة.
ويتمتع الحزب “التقدمي الاشتراكي” برئاسة جنبلاط، بالقاعدة الجماهيرية الأوسع بين أبناء الطائفة.
ومنذ 8 أكتوبر 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.
وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حرب تشنها بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، ما خلّف قرابة 130 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتواصل تل أبيب الحرب على غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.