مرصد حقوقي ينقل شهادات جرحى ومرضى الحرب: "إسرائيل" تحاصرهم حتى الموت

الإثنين 08 يوليو 2024 08:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
مرصد حقوقي ينقل شهادات جرحى ومرضى الحرب: "إسرائيل" تحاصرهم حتى الموت



غزة/سما/

شدّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على ضرورة قيام المجتمع الدولي بـ “الضغط الفعال” على إسرائيل لضمان فتح المعابر، والسماح بسفر آلاف المصابين والمرضى في قطاع غزة، لإنقاذ حياتهم من موت محقق ينتظرهم، مع استمرار منعهم من السفر، وعدم توفر إمكانية علاجهم داخل القطاع، بسبب الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للقطاع الصحي هناك بالتدمير والحصار، ما أخرج غالبية مكوناته عن الخدمة.

وأكد المرصد، في تقرير جديد له، أن إسرائيل تواصل حصار جرحى ومرضى غزة، وتمنعهم من السفر لتلقي العلاج، بعدما دمرت أو أخرجت غالبية المستشفيات في قطاع غزة عن العمل.

وقال إن ذلك سيتسبّب بموت أكثر من 26 ألف مصاب ومريض بحاجة إلى تحويل خارجي عاجل لإنقاذ الحياة، إضافة إلى آلاف آخرين بحاجة للسفر من أجل استكمال علاج، أو تلقي خدمات صحية ضرورية وتأهيلية غير متوفرة في القطاع.

وأشار الأورومتوسطي إلى أنه، ومنذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، في 7 مايو/أيار الماضي، وإغلاقه، توقفت حركة سفر الفلسطينيين، بما في ذلك سفر المصابين والمرضى للعلاج في الخارج وفق الآلية المتبعة، والتي كانت تسمح بمرور أعداد قليلة منهم بالسفر بعد إخضاع أسمائهم للفحص الأمني الإسرائيلي التعسفي.

وأوضح أنه طوال الفترة الماضية لم يسمح لأيّ من المصابين أو المرضى بالسفر خارجًا، رغم انهيار المنظومة الطبية في قطاع غزة، وإخراج 34 مستشفى، من أصل 36، عن الخدمة في قطاع غزة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج، حيث يعمل حاليًا عدد قليل من المستشفيات بشكل جزئي، دون توفر أجهزة طبية وأدوية ومع حالة إنهاك شديد للطواقم الطبية التي بقيت تعمل منذ تسعة أشهر دون راحة.

وقال إن إسرائيل سمحت فقط بسفر 21 مريضًا مع عدد من ذويهم، في 27 يونيو/حزيران الماضي، عبر معبر كرم أبو سالم بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، في حين بقي أكثر من 12 ألف جريح بحاجة للسفر لإنقاذ حياتهم، إضافة إلى 14 ألف مريض، منهم نحو 10 آلاف مريض سرطان، والبقية أمراض أخرى خطيرة، مهددون بالموت المحدق حال لم يسافروا للعلاج.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه تلقى العديد من الشكاوى والمناشدات من مصابين ومرضى يطالبون بالسماح لهم بالسفر لإنقاذ حياتهم، وقالت إسراء جهاد الجندي (32 عامًا)، من سكان الشجاعية شرقي مدينة غزة: “تعرّض منزلي للقصف الإسرائيلي في 3 يوليو الجاري، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أطفالي، أما أنا، فوجدت نفسي عبارة عن كتلة نار وسواد ولم أعد أسمع شيئًا، أدركت أنني أصبت بصاروخ، وجدت نفسي في بيت الجيران، وساقيّ في منزلي فوقهم حزام باطون، أخرجني الجيران، ونقلوني إلى المستشفى المعمداني، جرى وضع بلاتين في ساقي اليمنى، وبلاتين خارجي، وأصبت بعدة كسور في أطرافي، وفي الحوض وفي صدري”، وتابعت: “لا أستطيع التحرك، لا يوجد جهاز لتثبيت الحوض، أنا أموت يوميًّا، ومطلبي أن يتم سفري للعلاج في الخارج”.

أما بلال منير أبو سلطان، من سكان شمال غزة، فقال، في إفادته التي شرح فيها وضعه الصحي الخطير: “أنا مريض سرطان، منذ شهر أبريل الماضي، انتشر المرض برقبتي بشكل كبير، أنا أحتاج للسفر للعلاج لإنقاذ حياتي، يجب أن أسافر فورًا قبل انتشار السرطان في كل جسمي، هنا لا يوجد علاج”.

وقال عبد الرحمن محمد (17 عامًا): “أنا أصبت بجروح خطيرة، في 23 أكتوبر 2023، بعدما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلتي التي قتلت جميعها، والدي ووالدتي و4 من أشقائي، منهم 3 أطفال، أنا الوحيد الذي نجوت حينها، وكنت مصابًا بحروق وكسور، تحسّنت حالتي من الحروق، ولكن ما زلت لا أستطيع المشي، ركّبوا لي بلاتين خارجي، ثم تم فكّه، وأجروا لي عملية جراحية وفشلت، وأنا حالياً لا أستطيع المشي، أناشد الجميع مساعدتي للعلاج والسفر”.

وشدد الأورومتوسطي على أن ما يجري من حصار وإغلاق المعابر “يعني قرارًا إسرائيليًّا بتنفيذ إعدام جماعي للمرضى والمصابين وقتلهم عمدًا”.

وقال: “إن تدمير المستشفيات والمرافق ووسائل النقل الطبية، ومنع إدخال الأدوية والأجهزة الطبية، وقتل واعتقال الكوادر الطبية، يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، ليتوفى من لم يتم قتله على نحو مباشر من خلال حرمانه من العلاج الضروري”.

ولفت إلى أن تدمير هذا القطاع يأتي في مقدمة الخطة المنهجية والمنظمة وواسعة النطاق التي تنفذها إسرائيل لتدمير حياة الفلسطينيين في القطاع، وتحويله إلى مكان غير قابل للحياة والسكن، ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية، من خلال جملة جرائم متكاملة، أخطرها الاستهداف المنهجي، وواسع النطاق للقطاع الصحي وإخراجه عن الخدمة بالتدمير والحصار، وإيصاله إلى نقطة اللاعودة، وحرمان الفلسطينيين من فرص النجاة والحياة والاستشفاء، وحتى من المأوى.

وشدد على أن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد المستشفيات والأشخاص المحميين في قطاع غزة يشكل كذلك جرائم حرب مكتملة الأركان، بالإضافة إلى كونها جرائم ضد الإنسانية، كونها تنفذ في إطار الهجوم العسكري الإسرائيلي المنهجي والواسع النطاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.

وأكد أن الجيش الإسرائيلي ينفذ جرائمه ضد مستشفيات القطاع، دون أدنى احترام لقواعد القانون الدولي، وخاصة القانون الدولي الإنساني. وجدد الأورومتوسطي مطالبته بتدخل دولي عاجل لإقامة مستشفيات ميدانية في شمال غزة، والضغط على إسرائيل لوقف هجماتها المتكررة عن المستشفيات التي أخرجتها عن العمل، وضمان سلامة الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والنازحين داخلها، وتمكينهم من تلقي العلاج المنقذ للحياة، وضمان تحويل آلاف الحالات الطارئة للعلاج في الخارج.