مركز دراسات: مواطَنة فلسطينيي الداخل هشّة

الخميس 27 يونيو 2024 03:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
مركز دراسات: مواطَنة فلسطينيي الداخل هشّة



الداخل المحتل/سما/

يؤكد مركز دراسات داخل أراضي 48 أن مواطَنة فلسطينيي الداخل هشة، منوهاً لاستشراء العنصرية والقمع بحقهم إبان الحرب على غزة.

ويوضح “مدى الكرمل للدراسات الاجتماعية التطبيقية”، من مقره في حيفا، أن الأزمة الأمنية والسياسية التي تعيشها إسرائيل، منذ السابع من تشرين الأول المنصرم، وتعريف الحرب بأنها حرب وجودية، أو حرب استقلال ثانية، يوفران معًا أرضًا خَصبةً وشرعية لتنامي العنصرية العلنية، الرسمية والشعبية، تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.

لافتاً إلى أن هذه العنصرية تتجلى في تصريحات الإعلام الإسرائيلي، وفي تصريحات وتصرفات قيادات سياسية، ورجال دين، وفي تعامل المؤسسات الأمنية، وفي السياسات الحكومية، وفي تعامل المؤسسات الأكاديمية، وكذلك في مواقف وممارَسات المجتمع الإسرائيلي.

  ويقول إن حالة الحرب والطوارئ توضح، على نحوٍ أكثر حدة، الحدودَ الفاصلة بين المجتمعَيْن اليهودي والعربي في إسرائيل، وتعيد تشكيل القبَلية داخل المجتمع الإسرائيلي. فكل من هو خارج القبيلة اليهودية، أو لا يتبنّى مواقفها، يتحول إلى متهَم وعدو، ويتاح تكثيف العنصرية والقمع السياسي تجاهه.

كذلك تُشَرْعِن حالة الطوارئ أدوات وممارسات إسكات وكتم الانتقادات، وتجييش وتجنيد المجتمع والإعلام في إسرائيل، واستعمال جميع الأدوات المتاحة لقمع حرية التعبير عن الرأي وعن مواقف لا تتماشى مع الإجماع الإسرائيلي، ولا سيما تلك الصادرة عن المجتمع العربي في الداخل.

ويتابع “مدى الكرمل”، في هذا التقرير، أبرز تجليات العنصرية تجاه المواطنين العرب في إسرائيل، منذ اندلاع الحرب على غزة، من بينها تصريحات ومواقف عنصرية تَصْدر عن قيادات وصُنّاع قرار وسياسيين، وعامة المجتمع الإسرائيلي، فنانين ومثقفين وإعلاميين. علاوة على هذا، يتابع الممارسات العنصرية التي تعتمدها مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية والقضائية والأكاديمية، منها السياسات الحكومية والتشريعات في الكنيست.

جوقة التحريض
يتوقف التقرير عند أوجه العنصرية والفاشية المتصاعدتين في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، والتي طالت حتى المؤسسة الأكاديمية.

ويقول إنه منذ اليوم الأول لحرب الإبادة على غزة، بدأت جوقات التحريض على المجتمع العربي.

 ويضيف: “من ذلك تصريح نتنياهو نفسه بأن إسرائيل تواجه أربع جبهات، في الجنوب وفي الضفة الغربية وفي الشمال وفي الداخل، دون تحديد للمقصود بجبهة الداخل، لكن من الواضح أنه كان يلمح إلى المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل.

منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب، تعاملت المؤسسة الإسرائيلية مع المواطنين العرب على أنهم جزء من “العدو”، وطَفقَت تنفذ سياسات ترهيب وإخراس تجاه المجتمع الفلسطيني في إسرائيل، بغية منع أبنائه من التعبير عن مواقف معارِضة للحرب ورافضة للقتل والدمار ومسانِدة للمدنيين في غزة. موضحاً أن تعامُل المؤسسات الأمنية والسياسية والمجتمع الإسرائيلي عامة مع المواطنين العرب، إبان الحرب على غزة، هو استمرار وتصعيد للأدوات التي استُخدِمت أثناء أحداث هبة أيار، عام 2021، الهبة التي شكلت نقطةَ تحول في تعامل المؤسسات الأمنية مع الاحتجاج السياسي لدى المواطنين العرب في إسرائيل، من حيث شدة القمع وعنف الشرطة تجاه المواطنين العرب، وتجند المواطنين اليهود واستدعاء مجموعات من المستوطنين للهجوم على المواطنين العرب في البلدات الفلسطينية الساحلية (التاريخية).

 ويستذكر قتل مواطنين عرب وإصابة العشرات، وإلقاء الشرطة الإسرائيلية القبض على عشرات المواطنين العرب، وُجهت إليهم تُهَم خطيرة، وفرضت المحاكم الإسرائيلية عقوبات قاسية على عدد كبير من المعتقلين، بينما جَرَتْ محاكَمة عدد قليل جداً من المواطنين اليهود بتهمة الاعتداء على سائق سيارة أجرة في مدينة “بات يام”، وكانت العقوبات مخففة، مقارَنةً بالعقوبات التي فُرِضت على المواطنين العرب.

أدوات التحريض والقمع
يوضح “مدى الكرمل”، في تقريره الجديد، الأدوات العنصرية والتحريضية المستخدَمة تجاه المواطنين العرب في دولة الاحتلال وقت الحرب، وأن المؤسسة الإسرائيلية تتعامل معهم في أوقات الأزمات الأمنية الحادة على أنهم أعداء، أو، على الأقل، أعداء محتمَلون. بِذا يمكن وصف ما يحدث بأنه عودة غير معلَنة إلى الحكم العسكري.

 يستذكر أيضاً أن فترة الحرب على غزة شهدت حالةَ تعطيل شبه تام للأدوات الديموقراطية الشكلية المستعمَلة في إسرائيل (منها حريةُ التعبير عن الرأي، والحق في التظاهر ومعارضة الحرب)، وتصعيدًا خطيرًا في تعامل الدولة والمؤسسات الأمنية والمجتمع الإسرائيلي تجاه المواطنين الفلسطينيين.

 لقد بيّنت الحرب على قِطاع غزة هشاشةَ المواطَنة الممنوحة للفلسطينيين في إسرائيل، وخواءَها، وخضوعَها التام للدوافع والاحتياجات الأمنية ولاحتياجات الإجماع الصهيوني وشروطه.

كما يشير إلى أنها أَفْضَتْ إلى محو الهامش السياسي الذي استخدمه الفلسطينيون في إسرائيل لممارسة أبسط حقوقهم، وإلى محاولة فرض حدود جديدة للتعبير والعمل السياسي.

قد تتحول الإجراءات الإسرائيلية الحالية تجاه المواطنين الفلسطينيين إلى حالة ثابتة بعد الحرب، إذا اقتنع الإجماع الصهيوني بأنها تعمل لصالحه، إن لم يجرِ التصدي لها بحزم.