واشنطن بوست: منذ 7 أكتوبر قدمت أمريكا دعما استخباراتيا غير عادي لـ"إسرائيل"

الجمعة 14 يونيو 2024 06:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
واشنطن بوست: منذ 7 أكتوبر قدمت أمريكا دعما استخباراتيا غير عادي لـ"إسرائيل"



واشنطن/سما/

كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 قدمت وكالات الاستخبارات الأمريكية قدراً غير عادي من الدعم لنظيراتها الإسرائيلية. وقد لعب ذلك دورا في العثور على المحتجزين الإسرائيلين في غزة، ولكنه أثار”أيضًا مخاوف بشأن استخدام المعلومات الحساسة”. وقد خلف مساعدة واشنطن للاحتلال الإسرائيلي في استعادة الأسرى الأربعة في عملية النصيرات، وراءها مجزرة راح ضحيتها ما يزيد على 210 شهداء، ومئات الجرحى.

وفي تقرير بعنوان “في البحث عن الرهائن تعد الولايات المتحدة الشريك الاستخباراتي الرئيسي لإسرائيل”، أكد شاين هاريس الصحافي المختص في الشؤون الأمنية والاستخباراتية في الصحفية، أنه منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، كثّفت الولايات المتحدة جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس في غزة، وتقاسمت مع إسرائيل كمية غير عادية من لقطات الطائرات المسيرة، وصور الأقمار الصناعية، واعتراضات الاتصالات، وتحليل البيانات باستخدام برامج متقدمة، بعضها بالذكاء الاصطناعي، وذلك وفقًا لمسؤولين استخباراتيين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين.

ولفت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين صرّحوا علنًا بامتنانهم للمساعدة الأمريكية، التي منحت الإسرائيليين أحيانًا قدرات فريدة كانوا يفتقرون إليها قبل هجوم حماس المفاجئ، لكنهم كانوا أيضًا في حالة دفاع بشأن براعتهم التجسسية، وأصروا على أن الولايات المتحدة لا تمنحهم أي شيء لا يمكنهم الحصول عليه بأنفسهم. لكن من الصعب التوفيق بين هذا الموقف والفشل الواضح لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في الكشف عن العلامات التحذيريّة لخطط حماس والرد عليها.

قلق أمريكي مزعوم وطلب إسرائيلي متزايد

وذكر الكاتب أن الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل شهدت توترًا في بعض الأحيان، ويشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالإحباط بسبب طلب إسرائيل المتزايد للمعلومات الاستخباراتية، وهو ما قالوا إنه أمر يعتمد في بعض الأحيان على افتراضات خاطئة مفادها أن الولايات المتحدة ربما تحجب بعض المعلومات. وأشار إلى أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال، الشهر الماضي، إن واشنطن “قدّمت مجموعة مكثفة من الأصول والقدرات والخبرات”. وفي رده على تقرير “واشنطن بوست” بتاريخ 11 أيار/مايو، قال سوليفان إن المعلومات الاستخباراتية “ليست مقيدة أو مشروطة بأي شيء آخر، وليست محدودة، نحن لا نمنع أي شيء، نحن نقدم كل الأصول وكل الأدوات وكل القدرة”.

لكن الكاتب لفت إلى أن مسؤولين آخرين يشعرون بالقلق من أن المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الولايات المتحدة قد تشق طريقها إلى مستودعات البيانات التي تستخدمها إسرائيل لشن غارات جوية أو عمليات عسكرية أخرى، وأن واشنطن ليس لديها وسيلة فعالة لمراقبة كيفية استخدام إسرائيل للمعلومات الأمريكية.

وكشف أن إدارة بايدن زعمت أنها “منعت إسرائيل من استخدام أي معلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة لاستهداف مقاتلي حماس في العمليات العسكرية. وسيتم استخدام المعلومات الاستخبارية فقط لتحديد مكان الأسرى، بالإضافة إلى القيادة العليا لحماس – بما في ذلك يحيى السنوار – الذي يُزعم أنه مهندس هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومحمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحماس”.

ووفق الكاتب “فإن الولايات المتحدة قدمت بعض المعلومات الاستخبارية المستخدمة لتحديد مكان أربعة أسرى إسرائيليين وإنقاذهم في نهاية المطاف الأسبوع الماضي. ويبدو أن المعلومات كانت ثانوية مقارنة بما جمعته إسرائيل بنفسها قبل العملية. وحسب مسؤولين حاليين وسابقين فإن مجتمع الاستخبارات الأمريكي لم يكن يعتبر حماس هدفا ذا أولوية قبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر وقد تغير ذلك على الفور تقريبًا بعد هجوم الجماعة على إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز ما يزيد عن 250 رهينة”.

وذكر أن أفراداً من قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش الأمريكي بدأوا العمل جنبًا إلى جنب مع ضباط وكالة المخابرات المركزية في محطة الوكالة في إسرائيل. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن أفرادًا من وكالة الاستخبارات الدفاعية بدأوا الاجتماع مع نظرائهم في إسرائيل “بشكل يومي”. وأرسلت وزارة الخارجية أيضًا مبعوثًا خاصًا للأسرى التقى علنًا بالمسؤول الإسرائيلي الرئيسي الذي يشرف على جهود إنقاذ الأسرى. ويعمل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أيضًا في إسرائيل للتحقيق في هجمات حماس على المواطنين الأمريكيين والمساعدة في جهود استعادة الأسرى.

وبحسب الكاتب فقد طلب المسؤولون الإسرائيليون المسؤولون عن تحديد مكان الأسرى في قطاع غزة المكتظ بالسكان معلومات محددة من الولايات المتحدة للمساعدة في سد الفجوات فيما عرفوه من مصادرهم الخاصة، وتضمن ذلك معلومات محددة، بالإضافة إلى تقنيات وخبرات لتحليل كميات كبيرة من الصور وتراكب صور مختلفة لإنشاء صور أكثر تفصيلُا، بما في ذلك صور ثلاثية الأبعاد للتضاريس في غزة.

وذكر أنه وفقًا لأحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذي رفض تقديم تفاصيل، فإنهم قدّموا بعض “القدرات التي لم تكن لدى إسرائيل قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر”. وأشار مسؤول إسرائيلي كبير آخر إلى أن الولايات المتحدة قدمت صورا فضائية مفصلة للغاية تفتقر إليها إسرائيل.

وأشار الكاتب إلى أن سوليفان أكد أن القوات الأمريكية لم تشارك في مهمة إنقاذ الأسرى الأربعة. وقال سوليفان لبرنامج لشبكة سي إن إن يوم الأحد: “لم نشارك عسكريًا في هذه العملية”، وأشار إلى أنهم قدموا الدعم بشكل عام للجيش الإسرائيلي حتى يعيدوا جميع الأسرى إلى الوطن، بما في ذلك الأسرى الأمريكيين الذين ما زالوا محتجزين”.

قوات أمريكية خاصة على الأرض

بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية، كان هذا الدعم يتألف من أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة، وهي قوة العمليات الخاصة النخبة التي تتمتع بخبرة عميقة في عمليات إنقاذ الأسرى. وقال مسؤولون أمريكيون إن أعضاء المجموعة بدأوا عملهم في إسرائيل بعد وقت قصير من بدء الحرب بالشراكة مع ضباط المخابرات الأمريكية. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، كانت قوات قيادة العمليات الخاصة المشتركة في المنطقة مستعدة للانتشار في غزة لإنقاذ المواطنين الأمريكيين الذين تحتجزهم حماس، وذلك حسب ما قاله مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مطلعون على التخطيط لما كان قد يكون مهمة خطيرة للغاية.

قال أحد المسؤولين: “إذا تمكنا من الحصول من جانب واحد على معلومات يمكننا التصرف بناءً عليها، واعتقدنا أنه يمكننا بالفعل إخراج مواطنين أمريكيين أحياء، فيمكننا أن نتحرك، لكن لم يكن هناك سوى القليل جدًا من المعلومات على وجه التحديد حول الأسرى الأمريكيين”. وسبق أن نشر الصحافي جاك مورفي تفاصيل عملية الإنقاذ، التي أعدها أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة المتمركزة في قبرص.

وبحسب التقرير اعتمدت عملية إنقاذ الأسرى الناجحة الأسبوع الماضي على معلومات دقيقة حول موقع الأسرى. وقال مسؤولون حاليون وسابقون في إسرائيل إن ندرة الاستخبارات البشرية كانت مسؤولة جزئيا عن فشل إسرائيل في اكتشاف وفهم تخطيط حماس لهجمات السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر.

وقد سلطت الجهود الأخيرة لتحديد مكان الأسرى الضوء على أهمية الذكاء البشري. وفي أيار/ مايو، استعادت القوات الإسرائيلية جثث بعض الأسرى بعد استجواب أحد مقاتلي حماس، الذي أرشد الجنود إلى موقعهم، وذلك حسب ما زعمه مسؤولون إسرائيليون. وأكد المسؤولون أن استجواب السجناء الذين تم أسرهم منذ بدء الحرب أصبح عنصرًا هامًا في الصورة الاستخباراتية الشاملة.

ووفق التقرير قال مسؤولون إن محلّلي المخابرات الإسرائيلية عثروا أيضًا على معلومات استخباراتية مفيدة بين الخوادم وأجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة وغيرها من الوثائق التي تم العثور عليها من مخابئ حماس أو مراكز القيادة. وأشاروا إلى أن المحللين الأمريكيين ساعدوا في التنقيب في هذه المصادر عن أدلة حول مكان وجود الأسرى. وقال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين إن دمج المعلومات التي تم الحصول عليها من السجلات الإلكترونية والمادية مع مصادر استخباراتية أخرى ساعد إسرائيل في تحديد موقع الأسرى خلال عمليتي الإنقاذ اللتين سبقتا العملية الأسبوع الماضي.

و أشار التقرير إلى أنه قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، غطت إسرائيل غزة بالرقابة الإلكترونية، وفي بعض الحالات كانت تراقب أعضاء حماس عبر هواتفهم. لكن أجهزة الاستخبارات أصبحت أيضا تعتمد بشكل مفرط على التكنولوجيا لجمع المعلومات الاستخبارية، في حين ضمُرت التحليلات، وذلك وفقا لما قاله مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون.

و ذكر أنه تاريخيًا، كان دور الوحدة 8200 العسكرية الشهيرة يتمحور حول جمع المعلومات ومشاركتها مع عناصر أخرى في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، وذلك حسب عضو حالي وسابق. وأضاف الخبراء في الوحدة تحليلهم ووجهة نظرهم الخاصة. وقال العضو السابق إنه كان يتفاعل بانتظام مع زملائه في الموساد والشاباك، المسؤولين عن الاستخبارات وأمن الدولة على التوالي.

وقال العضو السابق الذي شغل منصبا قياديا رفيعا: “لقد تغير هذا الوضع في السنوات الأخيرة”. تُستخدم الوحدة 8200 لاتخاذ القرارات بشأن من يتلقى أي جزء من المعلومات.

وقال إنها جعلت من أولوياتها حاليا تطوير تكنولوجيا جديدة والمساهمة بمعلوماتها الاستخبارية في ما يعرف باسم “المجمع”، وهو مستودع يمكن لعناصر الاستخبارات الأخرى أن تأخذ منه المعلومات. وردد مسؤولون حاليون وسابقون آخرون هذا النقد، قائلين إن جواسيس إسرائيل الإلكترونيين نسوا كيفية القيام بوظائف الاستخبارات الأساسية. لقد كان المجتمع غارقًا في البيانات، لكنه كان يفتقر إلى تحليلها.

ووصف متحدث باسم الجيش الإسرائيلي هذه الانتقادات بأنها “كاذبة” وقال إنها “تضر بالمجهود الحربي لأفراد الخدمة، الذين عملوا طوال الأشهر الثمانية الماضية لمساعدة القوات برا وجوا وبحرا وحماية شعب إسرائيل”.

وما أدى إلى تفاقم المشكلة أن المسؤولين الإسرائيليين تمسكوا بمفهوم أساسي مفاده أن حماس كانت مهتمة بحكم غزة أكثر من مهاجمة إسرائيل. لقد أصبح هذا المصطلح اختصارًا في الدوائر الأمنية الإسرائيلية للفشل الاستراتيجي في إدراك الطبيعة الحقيقية للتهديد الذي تمثله حماس. وقال مسؤول استخباراتي بارز سابق: “اعتقدنا أن حماس لن تجرؤ على الهجوم”. لقد بددت هجمات السابع شهر تشرين الأول/ أكتوبر هذه الفكرة وجعلت حماس أولوية قصوى بالنسبة لإسرائيل، وكذلك لشركائها في الولايات المتحدة.

 و بحسب التقرير زعم مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن أي معلومات استخباراتية تقدمها الولايات المتحدة، أو تتيح لإسرائيل الوصول إليها بشكل مباشر، ستستخدم فقط في جهود تحديد مكان الأسرى وتعقب قيادة حماس. ويُحظر على إسرائيل استخدام أي معلومات أمريكية لاستهداف أعضاء حماس النظاميين في أي عمليات عسكرية، بما في ذلك الغارات الجوية.

وقد تم توضيح القواعد الخاصة بكيفية تقديم المعلومات الاستخبارية واستخدامها في ترتيبات رسمية طويلة الأمد يتم فحصها من قبل المحامين في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، بالإضافة إلى التوجيهات الجديدة من البيت الأبيض في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

تنياهو يتّبع استراتيجية فاشلة في غزة

ووفق الكاتب فمن الناحية العملية، تلتزم إسرائيل بعدم استخدام المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها الولايات المتحدة لأغراض محظورة، كما قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون مطلعون على علاقة تبادل المعلومات الاستخبارية. وقد تساءل النائب الديمقراطي عن ولاية كولورادو جيسون كرو، وهو عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، كيف يمكن لمسؤولي الإدارة التأكد من أن إسرائيل لا تستخدم المعلومات الاستخبارية التي تتلقاها كجزء من حملتها العسكرية ضد حماس، والتي أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين.

وشارك كرو، وهو من قدامى المحاربين في الجيش، في صياغة تشريع صدر السنة الماضية يلزم مدير المخابرات الوطنية بإخطار الكونغرس إذا أدت المعلومات الاستخبارية التي قدمتها الولايات المتحدة لدولة أخرى إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

وقال كرو في بيان لصحيفة واشنطن بوست إن “رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتّبع استراتيجية فاشلة في غزة. إن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين، والمجاعة، والافتقار إلى استراتيجية متماسكة تثير قلقا عميقا. سأواصل إجراء رقابة قوية لضمان تماشي تبادل المعلومات الاستخبارية مع المصالح الأمريكية”.