أمهل الوزير في كابينيت الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حتى الثامن من حزيران/ يونيو المقبل، لوضع خطة عمل إستراتيجية لمواصلة الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 225 يوما على غزة، ملوحا بانسحابه من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي تشكلت عقب انضمام غانتس إلى حكومة اليمين بعد أيام من شن الحرب على القطاع.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده غانتس مساء اليوم، السبت، خاطب من خلاله الرأي العام، بالتزامن مع المظاهرات الحاشدة التي نظمت بنحو 50 موقعا في إسرائيل، أبرزها المظاهرة التي يشارك فيها عشرات آلاف في تل أبيب، للمطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو والتوصل إلى صفقة تبادل مع حركة حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة في غزة.
وتطرق غانتس في مؤتمره الصحافي إلى لإدارة الحرب على قطاع غزة، شروط بقاء "المعسكر الوطني" تحت قيادته في حكومة الطوارئ، كما عرض رؤيته لمواصلة الحرب وتحقيق أهدافها"؛ والجديد في تصريحات غانتس هي المهلة التي حددها لنتنياهو قبل انسحابه من الحكومة، علما بأن المطالب التي طرحها والرؤية التي تحدث عنها لمواصلة الحرب، كان قد استعرضها في مناسبات سابقة.
وطالب غانتس نتنياهو باتخاذ قرارات والمصادقة على مخطط يهدف إلى "إعادة الرهائن، وإسقاط حكم حماس ونزع سلاح (المقاومة الفلسطينية في) قطاع غزة، وإقامة إدارة دولية تدير غزة مدنيا، وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بحلول الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، ودفع التطبيع مع السعودية قدما، واعتماد خطة لخدمة جميع الإسرائيليين العسكرية في صفوف الجيش".
وقال غانتس مخاطبا نتنياهو: "لقد عرفتك منذ سنوات عديدة كزعيم إسرائيلي وطني؛ أنت تعرف جيدًا ما يجب القيام به. كان نتنياهو قبل عقد من الزمان سيفعل الأمر الصحيح؛ هل أنتم قادر على فعل ما هو صحيح ووطني اليوم؟ عليك أن تختار بين الصهيونية والسخرية، بين الوحدة والانقسام، بين المسؤولية وبين التخلي، وبين النصر والكارثة. إذا اخترت بدرب المتعصبين وقدت الأمة بأكملها إلى الهاوية، فسنضطر إلى الانسحاب من الحكومة".
وتابع "سنتوجه إلى الشعب (في إشارة إلى تنظيم انتخابات مبكرة) ونشكل حكومة تنال ثقة الشعب؛ سنشكل حكومة تقوم على أساس وحدة واسعة ستحقق التصحيح والانتصار الحقيقي". وقال غانتس: "من واجبي أن أقول الحقيقة للجمهور بعد أن قلتها مرارًا وتكرارًا في غرف مغلقة، بدأت الاعتبارات الشخصية والسياسية تتغلغل في مسائل تتعلق بالأمن الإسرائيلي الذي يعتبر قدس الأقداس".
وشدد على أنه "حتى نتمكن من القتال جنبًا إلى جنب، يجب على كابينيت الحرب أن يضع ويصادق بحلول 8 حزيران/ يونيو المقبل، على خطة عمل شاملة ذات ستة أهداف: إعادة الرهائن، القضاء على حماس ونزع السلاح من قطاع غزة، وتحديد بديل للحكم في غزة، وإعادة سكان الشمال بحلول الأول من أيلول/ سبتمبر، وتعزيز التطبيع مع السعودية، واعتماد مخطط للخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي".
واعتبر أن "المطلوب هو تغيير إستراتيجي وليس تضييع للوقت، الأمر الملح هو وضع إستراتيجية وطنية بديلة". وتابع "لا حماس ولا عباس (في إشارة إلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس) في قطاع غزة، أنا مع إقامة إدارة عربية أميركية فلسطينية لقطاع غزة، بسيطرة أمنية إسرائيلية".
وقال غانتس إن "الوقت قد حان لاتخاذ قرارات حاسمة" وخاطب نتنياهو قائلا: "إن كنت مستعدا للقيام بما يلزم وتفضيل المسار الوطني على الشخصي سنسير معا، وإن فضلت المسار الشخصي سنترك الحكومة". وأشار غانتس إلى "قرارات جوهرية لم يتم اتخاذها من قبل الحكومة الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن "أقلية سيطرت على قيادة السفينة الإسرائيلية وتقودها نحو الصخور، وجزء ممن أرسل الجنود للحرب يتعاملون بجبن وانعدام مسؤولية".
وجاء في خطاب غانتس: "نحن الآن أمام مفترق طرق مصيري، يتعين على القيادة أن ترى الصورة الواسعة، وأن تحدد المخاطر، وتحدد الفرص ــ وأن تعمل على صياغة إستراتيجية وطنية محدثة. حتى نتمكن من القتال جنبًا إلى جنب، يجب على كابينيت الحرب وضع وإقرار بحلول الثامن من حزيران/ يونيو، على خطة عمل من شأنها أن تؤدي إلى تحقيق ستة أهداف إستراتيجية ذات أهمية وطنية".
والأهداف الستة كما جاءت على لسان غانتس، هي:
إعادة الرهائن إلى ديارهم.
إسقاط حكم حماس، ونزع السلاح من قطاع غزة، وضمان السيطرة الأمنية الإسرائيلية (على القطاع).
إلى جانب الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية، إنشاء إدارة أميركية - أوروبية - عربية - فلسطينية، تتولى إدارة القطاع مدنيًا، وتضع الأساس لبديل مستقبلي غير حماس أو عباس.
إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بحلول الأول من أيلول/ سبتمبر، وإعمار النقب الغربي.
دفع التطبيع مع السعودية قدما كجزء من تحرك شامل من شأنه خلق تحالف مع العالم الحر والعالم العربي ضد إيران وأذرعها.
اعتماد مخطط للخدمة عسكرية يؤدي إلى خدمة جميع الإسرائيليين والمساهمة في الجهد الوطني الأعلى.
نتنياهو يهاجم غانتس: شروطه تعني إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل
بدوره، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في بيان صدر عن مكتبه عقب المؤتمر الصحافي الذي عقده غانتس، أن الشروط التي وضعها الأخير تعني "إنهاء الحرب (على قطاع غزة) وهزيمة إسرائيل"، معبترا أن غانتس اختار أن "يمهل رئيس الحكومة عوضا عن إصدار إنذار نهائي لحركة حماس؛ بينما يقاتل الجنود بهدف تدمير كتائب حماس في رفح"، جنوبي قطاع غزة.
وجاء في البيان أن "الشروط التي وضعها غانتس هي كلمات منقحة معناها واضح: إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، والإبقاء على حماس سليمة، وإقامة دولة فلسطينية"، وتابع أنه "لم يسقط جنودنا هباءً، وبالتأكيد ليس من أجل استبدال حماستان بفتحستان"، وتساءل نتنياهو: "إذا كان غانتس مستعدا لاستكمال عملية رفح لتدمير كتائب حماس، كيف يمكن أن يهدد بتفكيك حكومة الطوارئ في منتصف العملية؟".
وتابع: "هل يعارض غانتس السيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية على غزة حتى بدون عباس؟ هل هو مستعد للقبول بدولة فلسطينية في غزة ويهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) ضمن عملية التطبيع مع السعودية؟".
وأضاف "موقف رئيس الحكومة من هذه القضايا المصيرية واضح: نتنياهو مصمم على القضاء على كتائب حماس، وهو يعارض إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة وإقامة دولة فلسطينية ستكون حتما دولة إرهاب"، وختم بالقول: "يعتقد رئيس الحكومة، نتنياهو، أن حكومة الطوارئ مهمة لتحقيق جميع أهداف الحرب، بما في ذلك إعادة جميع الرهائن، ويتوقع أن يوضح غانتس مواقفه للجمهور بشأن هذه القضايا".
غانتس يجيب على أسئلة نتنياهو: لو استمعت إليّ لأنهينا المهمة في رفح منذ أشهر
وفي بيان صدر عن "المعسكر الوطني"، أجاب غانتس على الأسئلة التي وجهها مكتب نتنياهو، وقال: "لو استمع رئيس الحكومة للوزير غانتس، لدخلنا رفح قبل أشهر وأنهينا المهمة. وعلينا أن نكملها، وأن نهيئ الظروف اللازمة لها".
وبشأن السلطة الفلسطينية، قال: "لن تتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على غزة، ولن جهات فلسطينية أخرى ستتمكن من ذلك، في حالة واحدة، إذا ما حصلنا على دعم الدول العربية المعتدلة والدعم الأميركي لذلك. أنصح رئيس الحكومة بأن يتعامل مع هذا الأمر وألا يفسد هذه الجهود".
وعن الدولة الفلسطينية، قال غانتس: "لا نية لإقامة دولة فلسطينية، وهذا ليس مطلب السعوديين. غانتس، على عكس نتنياهو، لم يعيد الخليل ولم يعلن دعمه لحل الدولتين في بار إيلان". وختم بالقول: "إذا كانت حكومة الطوارئ مهمة بالنسبة لرئيس الحكومة، فعليه إجراء المناقشات اللازمة، واتخاذ القرارات اللازمة، وعدم التراجع خوفًا من المتطرفين في حكومته".