ساعات حاسمة تمر بها مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى التي تقودها قطر ومصر، في حين بات وشيكاً وصول وفد حماس إلى القاهرة لتسليم الموقف النهائي للحركة من المقترحات التي تم تطويرها.
وقالت حركة حماس في بيان: " في ضوء الاتصالات الأخيرة مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر، سيتوجَّه غداً السبت وفد حماس إلى القاهرة لاستكمال المباحثات.
وأضافت:" نؤكّد على الروح الإيجابية التي تعاملت بها قيادة الحركة عند دراستها مقترح وقف إطلاق النار الذي تسلَّمته مؤخراً، فإننا ذاهبون إلى القاهرة بنفس هذه الروح للتوصل إلى اتفاق.
وتابعت:" حماس وقوى المقاومة الفلسطينية عازمون على إنضاج الاتفاق، بما يحقّق مطالب شعبنا بوقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإغاثة شعبنا وبدء الإعمار، وإنجاز صفقة تبادل جادة.
وفي هذا الإطار وفدُ حركة المقاومة الفلسطينية الذي سيصل إلى القاهرة، الاثنين، سيحمل معه رسالة من رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى السنوار إلى رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، تتضمن رداً على نقاط محددة طلبتها القاهرة خلال الاتصالات الأخيرة، وطلبت رداً واضحاً من السنوار بشأنها بعدما حاولت القاهرة تقريب وجهات النظر وتجسير الخلافات بشأن الموقف من وقف إطلاق النار الكامل والدائم.
وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن إجمالي ما طرح من أفكار خلال الساعات الماضية يحمل صيغاً متطورة وتلقى قبولاً مبدئياً للتفاوض بشأنها شريطة جدية الجانب الإسرائيلي، وذلك في وقت وصل فيه قبل وفد حماس مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة اليوم الجمعة من أجل دفع الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق.
وقال مصدر قيادي في حماس، لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، إنه رغم التجاوب الكبير الذي أبدته الحركة من الأطروحات الراهنة، لايزال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعمل على إفشال الجهود الرامية للتوصل إلى صفقة.
وأوضح المصدر أنه في حين طرحت أفكار حول الوقف الدائم لإطلاق النار خلال المرحلة الثانية من الورقة المطروحة، رفض نتنياهو تلك الأفكار، متمسكاً بباب مفتوح لشن عمليات عسكرية متقطعة واقتحامات على غرار ما يحدث في الضفة الغربية، وهو الأمر المرفوض بالكلية.
وشدد على أن المقاومة لن توقع إلا على اتفاق يقضي وينص بوضوح على وقف كل العمليات العسكرية في القطاع وانسحاب جيش الاحتلال وهذه هي الرسالة التي شددت عليها وتتمسك بها قيادة حماس والمقاومة في قطاع غزة.
وقال القيادي في الحركة، إن نتنياهو لا يزال يركز جهوده على اتفاق يحرره من جزء من أزمته ويسمح له بمزيد من الوقت، بحيث يضمن إطلاق سراح الأسرى المدنيين فقط والمجندات.
وأشار المصدر إلى أن الحركة تلقت إشارات بأن نتنياهو غير عابئ بمصير الأسرى العسكريين، وأن هناك تخطيطاً لديه ولدى وزرائه المتشددين لاعتبار هؤلاء "ضحايا حرب"، للهروب من دفع ثمن مرتفع لتحريرهم، وهو ما يجعل الحركة متحسبة لكل السيناريوهات، لكنها في النهاية لن تقبل إلا بوقف إطلاق للنار، على حد تعبير المصدر.
في المقابل، قال مصدر مصري لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة استطاعت الوصول إلى صيغة مرضية بشأن مسألة وقف إطلاق النار، وتم عرضها على الجانبين، وقبلتها حماس مبدئياً مطالبة بضمانات أميركية واضحة بشأنها.
ترجيح بالتوصل إلى اتفاق
ورجحت مصادر متطابقة في تصريحات منفصلة لـ"الشرق"، تسوية نقاط الخلاف الأخيرة، والتوصل إلى اتفاق في هذه الجولة، بعد حصول حركة "حماس" على تأكيدات أميركية عبر الوسيطين المصري والقطري بأن "يكون "الهدوء المُستدام" المنصوص عليه في الاتفاق وقفاً دائماً لإطلاق النار، وعدم عودة القوات الإسرائيلية إلى القطاع بعد الانسحاب في المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاق.
وقالت المصادر إن اتصالات مُكثفة جرت بين الوسطاء، وكل من وفدي "حماس" وإسرائيل في الساعات الأخيرة، ذللت العقبات المتعلقة بأعداد وفئات الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الأولى مقابل 33 محتجزاً إسرائيلياً من المدنيين فوق سن الـ50 وتحت الـ19 والمجندات.
وكان رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية CIA وليام بيرنز وصل، الجمعة، إلى القاهرة، ما يشير إلى حدوث تطورات هامة في الطريق إلى الاتفاق.
ومن المقرر أيضاً أن يصل وفد إسرائيلي إلى القاهرة بعد انتهاء "يوم السبت اليهودي".
ويتألف الاتفاق من ثلاث مراحل مترابطة، المدة الأولى منه 40 يوماً، والثانية 42 يوماً، والثالثة 42 يوماً، يجري خلالها وقف إطلاق النار، وتبادل أسرى، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من كامل قطاع غزة.
ويجري في المرحلة الثانية بحث "الهدوء المستدام" في القطاع.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة تعهدت بأن يتحول هذا الهدوء إلى وقف إطلاق نار "متدحرج ودائم" بعد المرحلة الأخيرة.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه لوقف دائم لإطلاق النار متعهداً باجتياح مدينة رفح جنوب القطاع حتى لو وقعت "حماس" على الاتفاق. لكن الوسطاء يقولون إن الإدارة الأميركية تعهدت بالتعامل مع هذه العقبة وإنهاء الحرب، مع احتفاظ إسرائيل بحقها في ملاحقة الجهاز العسكري لحركة "حماس" بوسائل مختلفة، ليس من بينها اجتياح غزة مجدداً، والقيام بقصف للتجمعات السكانية الفلسطينية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"الشرق"، الخميس، أن الوسيطين المصري والقطري يجريان اتصالات مكثفة مع وفدي "حماس" وإسرائيل، بهدف سد الفجوة بين مواقفهما تجاه المقترح المصري بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مشيرة إلى أن هذه الاتصالات سجلت بعض التقدم.
خلافات حول وقف إطلاق النار
وبحسب مشروع الاتفاق، فإن مباحثات غير مباشرة ستبدأ بما لا يتجاوز اليوم الـ 16 من المرحلة الأولى من بدء سريان الهدنة، وبعد إطلاق سراح نصف المُحتجزين، للاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء المستدام.
وتطالب "حماس" بتحويل هذه الفقرة إلى نص ملزم بالهدوء الدائم، أي وقف إطلاق النار، وليس بدء المباحثات بشأنه.
وقال مسؤول في الحركة لـ"الشرق": "لدينا خشية كبيرة من أن تستأنف إسرائيل الحرب من جديد فور انتهاء المرحلة الأولى متذرعة بعدم التوصل إلى اتفاق بشأن شروط الهدوء الدائم".
وأضاف أن اتصالات مكثفة تتتم بين الوسطاء والجانبين بهدف تغيير هذا النص.