قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن قلقا يسود داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من انهيار مالي وشيك للسلطة الفلسطينية، بسبب وقف التمويل الأمريكي لها من قبل الكونغرس، وكذلك حجز إسرائيل عائدات الضرائب بعد هجوم “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبالتالي فإن هذا الانهيار يهدد الخطط الأمريكية لغزة ما بعد الحرب، والتي تقوم في الأساس على تولي السلطة المهمة هناك.
وينقل التقرير، الذي أعدته محررة شؤون الأمن القومي بالصحيفة فيفيان سلامة، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الإدارة تحاول الالتفاف على قانون يمنعها من المساهمة بشكل مباشر في السلطة الفلسطينية، بينما تحث الحلفاء أيضًا على تقديم المزيد للمنظمة.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن المسؤولين الفلسطينيين حذروا من أن الأموال اللازمة لدفع الرواتب وتقديم الخدمات الحكومية الأساسية قد تنفد بحلول أواخر فبراير/شباط الجاري.
وذكروا أن لانهيار المالي المحتمل للسلطة يهدد آمال الولايات المتحدة في أن تكون السلطة قادرة على حكم غزة عندما تنتهي حرب إسرائيل على القطاع.
وقالت الصحيفة إنه في وقت مبكر من الحرب في غزة، اختارت الولايات المتحدة الاعتماد على “سلطة فلسطينية منشطة ومحدثة” باعتبارها الخيار الأفضل، إن لم يكن الخيار الوحيد، لما وصفته بـ “اليوم التالي” لانتهاء الحرب.
بحسبها وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم يشعرون بالقلق من أنه بدون زيادة الإيرادات، لن تكون المنظمة مستقرة بما يكفي للحفاظ على قبضتها على السلطة في الضفة الغربية، ناهيك عن أن تكون في وضع يسمح لها بالاضطلاع بدور موسع.
كما أن المحنة المالية التي تواجهها السلطة تحد من قدرتها على تنفيذ الإصلاحات الشاملة التي تقول الولايات المتحدة إنها ضرورية لتأمين الدعم من إسرائيل ومن الجمهور الفلسطيني، بحسب التحليل.
وقف إسرائيل لتسليم الضرائب للسلطة
وذكّر التقرير أنه في أكتوبر/تشرين الأول، أوقف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في البداية تسليم جميع عائدات الضرائب، التي كانت تحول شهريا إلى السلطة الفلسطينية في انتظار موافقة الوزارة.
واختارت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك تعليق الإيرادات المخصصة لموظفي السلطة الفلسطينية في غزة فقط، قائلة إن الأموال تذهب إلى جيوب نشطاء “حماس”.
وردا على ذلك، قالت السلطة الفلسطينية إنها لن تقبل أي تحويلات جزئية للإيرادات. وتدفع السلطة رواتب نحو 150 ألف موظف في القطاع العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب تقديراتها الرسمية.
وفي ديسمبر/كانون الأول، طلب بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبول اقتراح بتحويل عائدات الضرائب المجمدة إلى النرويج لحفظها حتى يتم التوصل إلى ترتيب من شأنه أن يخفف مخاوف إسرائيل من أن الأموال ستمول “حماس”، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
وقالت الحكومة الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني إنها وافقت على الخطة، لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وفلسطينيين قالوا إنه لا تزال هناك بعض النقاط الشائكة.
ما تخشاه إدارة بايدن
وبحسب التقرير يقول المسؤولون الأمريكيون إنه إذا نفدت أموال المنظمة، فإنها ستكون عرضة للجماعات التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر تطرفًا وتعارض التسوية.
ويقول المسؤولون إن الوضع الأمني المتدهور في الضفة الغربية قد يثقل كاهلها، وسط تزايد الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمسلحين الفلسطينيين، فضلا عن هجمات المتطرفين الإسرائيليين.
وقال المسؤول الفلسطيني الكبير إن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية منذ عام 2020.
وأضاف أن وزارة المالية الفلسطينية تعمل في ظل “الموازنة الأكثر تقييدا، وهو السيناريو الأسوأ، حيث تدفع جزءا من الموظفين العموميين وتحاول سداد أجزاء من الديون السابقة”.
وأضاف أنه يأمل أن يؤدي الضغط الدولي إلى تحويل سريع للأموال.
الكونغرس وقدرات واشنطن
ووفق التقرير فإن قدرات واشنطن في تمويل السلطة الفلسطينية باتت محدودة منذ إقرار “قانون تايلور فورس” في الكونغرس عام 2018، والذي علق المساعدة الاقتصادية الثنائية الأمريكية للسلطة الفلسطينية بسبب اتهامها بتقديم المدفوعات للفلسطينيين الذين تتهمهم واشنطن وتل أبيب بالإرهاب وأقاربهم.
وفي نفس العام، وجه الرئيس السابق دونالد ترامب وزارة الخارجية بسحب 200 مليون دولار من المساعدات التي كانت مخططة أصلاً لبرامج في الضفة الغربية وغزة، بعد مراجعة المساعدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية.
وتراجع بايدن عن هذه الخطوة بعد وقت قصير من توليه منصبه، واستعاد الكثير من المساعدات، التي لا تخضع لحظر “قانون تايلور فورس” على المساعدة المباشرة.
ويشير التقرير إلى استمرار المقاومة داخل الكونغرس لإعادة تمويل السلطة الفلسطينية.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وبينما كان الكونغرس يتصارع بشأن حزمة المساعدات الخارجية التي أقرها مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء الماضي، وصف زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، السلطة الفلسطينية بأنها “فاسدة بلا هوادة وبشكل كامل”، واعترض على تضمين تمويل المساعدات الفلسطينية.
ووصف بعض المشرعين الأمريكيين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بأنها طرق محتملة للتحايل على قيود “قانون تايلور فورس”.
ماذا عن الاتحاد الأوروبي؟
وينوه التقرير إلى أنه في نفس الوقت، يبدو من غير المرجح أن يقوم حلفاء الولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي بتعزيز الدعم المالي للسلطة الفلسطينية.
ويذكر أن الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانز، قال في مقابلة: “يقوم الاتحاد الأوروبي بالفعل بالكثير، لكنني لا أرى أننا على وشك زيادة دعمنا مالياً”.
وأضاف كوبمانر أنه في حين أن السلطة الفلسطينية غالبا ما تتعرض لانتقادات بشأن قضايا من بينها الفساد، فهي “شريك أساسي وعلينا أن نقف إلى جانبهم ونشجعهم أيضا كثيرا على الإصلاح ونحن نساعدهم في ذلك”.
وتابع: “إذا انهارت السلطة الفلسطينية لأي سبب من الأسباب، فستكون كارثة على الوضع الأمني، على الفلسطينيين، وعلى الإسرائيليين، وعلى المنطقة ككل”.