تحت عنوان: “مصر تستعدّ لتدفق اللاجئين الفلسطينين”، قالت صحيفة “لوموند” إنه في سيناء المصرية، على طول الحدود مع قطاع غزة، بين معبري رفح وكرم أبو سالم، تقوم آلات البناء بتسوية الأرض على شريط ضيق من الأرض. وتظهر صور الأقمار الصناعية، التي حلّلتها وكالة أسوشيتد برس، يوم الجمعة 16 فبراير/شباط، أن العمل جارٍ في هذه المنطقة. ويمكن رؤية الرافعات والشاحنات هناك. وأقيمت حواجز خرسانية لتحيط بهذه المنطقة، التي تبلغ مساحتها حوالي 20 كيلومتراً مربعاً.
ووفقاً لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية، والتي كشفت عن وجود موقع البناء هذا، في 12 فبراير/شباط، فإن المكان مخصص لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين، في حالة مواجهة مصر نزوحاً جماعياً من غزة. وقال مقاولون محليون للمنظمة غير الحكومية إن شركة أبناء سيناء، المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم الأرجاني، المقرّب من الجيش المصري، عهدت إليهم بالعمل. ومن المخطط أن يتم بناء أسوار بارتفاع 7 أمتار، بإشراف مهندسين عسكريين، وبحضور أمني قوي، تضيف الصحيفة.
وأكدت مصادر مصرية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لصحيفة وول ستريت جورنال، إنشاء منطقة أمنية قادرة على استيعاب ما يصل إلى 100 ألف شخص. وقال مصدر مصري لصحيفة ”لوموند” إن الخوف من مواجهة تدفق النازحين في حال شن هجوم إسرائيلي على مدينة رفح يفسر هذا القرار. لكن رئيس هيئة الاتصالات بالدولة ضياء رشوان نفى وجود مثل هذا المشروع. وأشار إلى أن مصر تعارض أي تهجير قسري لسكان غزة على أراضيها بسبب الحرب بين إسرائيل و”حماس” في القطاع الفلسطيني، تتابع “لوموند”
القاهرة ليس لديها الكثير من الخيارات
واعتبرت “لوموند” أن هذا السيناريو قد يتحقق إذا نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديده بشن هجوم على رفح، التي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من 1.4 مليون من سكان غزة.
لكن لور فوشيه، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية، قالت للصحيفة الفرنسية: “لم يتم اتخاذ قرار الهجوم على رفح. ويريد نتنياهو استخدامه كوسيلة للضغط في مفاوضات التهدئة مع “حماس”. لكن إذا لم يكن هناك اتفاق، فسيكون من الصعب على الإسرائيليين تجنب الهجوم”.
وتحث القاهرة وواشنطن إسرائيل على التخلي عن هذه العملية، مشيرتين إلى “العواقب الإنسانية المدمرة”، ويطالبون بوضع خطة لإجلاء النازحين من رفح إلى شمال القطاع. وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة، أن “إسرائيل لا تنوي إجلاء المدنيين الفلسطينيين إلى مصر”، ولا تعريض اتفاق السلام الموقع عام 1978 مع القاهرة للخطر. لكن الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن خطة لرعاية المدنيين الفلسطينيين في شمال القطاع، والتي حوّلها إلى أنقاض.
وتنقل “لوموند” عن المحلّل السياسي الفلسطيني خليل الصايغ قوله: “المصريون واقعيون. إذا لم يكن أمام سكان غزة خيار آخر سوى الفرار إلى مصر، فسيرحّبون بهم لحمايتهم، ولكن خلف أسوار عالية، حتى لا يستقروا في مصر. القاهرة ليس لديها الكثير من الخيارات. وإطلاق النار على سكان غزة الذين يحاولون الفرار إلى سيناء من شأنه أن يثير غضب الرأي العام المصري، الذي يدعم الفلسطينيين، وسيكون بمثابة انتهاك للقانون الدولي”.
مخاوف
ويثير احتمال نزوح الفلسطينيين في سيناء المخاوف، تواصل “لوموند”، موضحةً أنه في حالة حدوث تدفق هائل، يمكن أن تشبه هذه المنطقة بسرعة معسكر اعتقال.
وليس هناك ما يضمن أنهم سيتمكّنون من العودة إلى غزة. ويخشى الفلسطينيون أن تسعى إسرائيل إلى إثارة نكبة ثانية، وهو الاسم الذي أطلق على النزوح القسري لـ 700 ألف فلسطيني أثناء إنشاء إسرائيل عام 1948. وهم لاجئون لم يتمكّنوا قطّ من العودة إلى أراضيهم.
وحذر فيليبو غراندي، مدير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، يوم الجمعة، من أن “نشوء أزمة لاجئين جديدة من شأنه أن يوقع حكم الإعدام على عملية السلام المستقبلية”.
ودعا رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى “تجنب بأي ثمن” نزوح الفلسطينيين نحو مصر، مقدراً أنه بمجرد خروج اللاجئين من غزة، لن يتمكّنوا من العودة إلى هناك. وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والأونروا، وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن النازحين الفلسطينيين، إنهما لا تشاركان في الاستعدادات لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، تُشير “لوموند”.