مستقبل الهجوم الإسرائيلي على غزة … عناصر محددة (1 من 3)

الخميس 25 يناير 2024 10:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مستقبل الهجوم الإسرائيلي على غزة … عناصر محددة (1 من 3)



كتبت سنية الحسيني:

2024-01-25

بعد دخول حرب الاحتلال على غزة الشهر الرابع، تتواصل مأساة الشعب الفلسطيني بلا توقف، ويتابعها العالم بصمت وعجز أو بلا مبالاة، ودون وجود أفق للتوصل لحل ينهي المعاناة والاستنزاف غير المسبوق.
وتصر حكومة الاحتلال على مواصلة هجومها على القطاع الصغير الضيّق المكتظ بالسكان، رغم ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في إسرائيل التي تطالب الحكومة بالإفراج عن المحتجزين في غزة، ومحاولة حزب العمل الأخيرة لحجب الثقة عن الحكومة بحجة تخليها عن هؤلاء المحتجزين، فالمشكلة تكمن في طبيعة ذلك المجتمع الإسرائيلي المشبع بنزعة استعمارية متعالية، يقوده رئيس حكومة من مصلحته أن تستمر الحرب.
وتظهر المعضلة الثانية لعدم وجود أفق لانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، دعم الولايات المتحدة المفتوح لإسرائيل، فمنذ بداية الحرب، لم تخفِ الولايات المتحدة دعمها المفتوح والمطلق لإسرائيل، رغم بعض التصريحات المخادعة، للإبقاء على دورها في هذه الأزمة، والذي يسعى للسيطرة والحد من ردود الأفعال في المنطقة.
وتبقى الجبهات الأربع المفتوحة للتصدي للهجوم الإسرائيلي الدموي على غزة، في غزة والضفة ولبنان واليمن، الأمل الوحيد المتبقي أمام الفلسطينيين، لإجبار المعتدي على التراجع.
ليس هناك مؤشرات على أن الحكومة الإسرائيلية تنوي إنهاء الحرب على غزة قريباً. كما يبدو أن أحزاب المعارضة لن تجبر الحكومة على ذلك، خصوصاً أنها تتفق معها حول هذه الحرب وأهدافها.
وتساند غالبية الشارع الإسرائيلي ذلك التوجه، ما يعقد إمكانية التعويل على إسرائيل اليوم لوقف الحرب، إلا إن تدخلت عوامل أخرى مستقبلية.
يمتلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو النية والحافز لإطالة أمد هذه الحرب لأطول فترة ممكنة، ويعتمد في ذلك على دعم شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذي يضمن الأغلبية البرلمانية في مواجهة أي محاولات لتغيير الوضع السياسي القائم.
وجاء تصريح بن غفير بأنه "إذا تقرر وقف الحرب، فلن أكون جزءا من هذه الحكومة"، ليفسر أهمية بقاء الحرب لاستمرار بقاء الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو رئيساً للحكومة.
يأتي ذلك في ظل أن إطالة أمد الحرب تقدم الحماية لنتنياهو من المساءلة والمحاسبة القضائية، في ظل تدني شعبيته بشكل غير مسبوق.
ويبرز بيني غانتس كمرشح ينال الثقة أكثر من قبل الشارع الإسرائيلي. وحتى داخل حزب الليكود، فإن استطلاعات الرأي العام تشير إلى أن ثلث أعضاء الليكود فقط يفضلون نتنياهو في أي انتخابات تلي الحرب.
تتفق الأحزاب الإسرائيلية المعارضة حتى الآن على استمرار الحرب على غزة، رغم عدم تغير موقفها الرافض لوجود نتنياهو في رئاسة الحكومة، ورغم تأرجح مواقفها من إجراء الانتخابات الآن.  
فرغم موافقة حزب بيني غانتس على أن يكون جزءا من حكومة الحرب القائمة، وليس من الصعب اكتشاف عدم توافقه مع نتنياهو في خضم هذه المعركة، ويمكن أن يؤدي خروجه منها لمشكلة حقيقية يمكن أن تواجه الحكومة، إلا أنه لم يتخذ هذا القرار الحاسم بعد. وتتعالى الأصوات ضد نتنياهو من داخل حزب الليكود نفسه، كما تتفق أحزاب المعارضة الأخرى على ذلك أيضاً، دون أن تقوى على رفع صوتها عالياً خلال حالة الحرب القائمة.
ورغم تباين الرؤى حول ضرورة إجراء الانتخابات، إلا أن الوضع القائم يبقى سيد الموقف،   حول إمكانية إجراء الانتخابات في زمن الحرب.
فدعا زعيم المعارضة ورئيس حزب "يش عتيد" يائير لابيد، إلى جانب رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي، منذ أسابيع، لتحديد موعد لإجراء الانتخابات. كما اعتبر غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق وعضو المعارضة في مجلس الوزراء الحربي، والذي يقود حزب المعسكر الوطني إلى جانب غانتس، أن هدف تدمير حماس بعيد ودعا إلى إجراء انتخابات جديدة.
في حين اعتبر رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أن الانتخابات في زمن الحرب ستولد الانقسام الآن، وهو ما سيضر بمسيرة الحرب.
على الجانب الثالث، يرفض وزير المالية ورئيس الحزب الصهيوني الديني، بتسلئيل سموتريتش، إجراء أي انتخابات في غير موعدها المقرر.
للمرة الأولى وبعد مرور أكثر من ١٠٠ يوم على بدء الحرب، تبلورت ثلاثة اقتراحات لحجب الثقة عن الحكومة، في الأسبوع الماضي، بمبادرة من قبل أحزاب المعارضة الثلاثة: حزب ييش عتيد، وحزب العمل، والحزب العربي الإسرائيلي راعام.
وتعلق مبرر حزبي ييش عتيد وراعام لحجب الثقة بالميزانية، التي أقرت بالقراءة الأولى منتصف الشهر الجاري، بينما تركز مبرر حزب العمل على حجة تخلي الحكومة عن الرهائن.
وتراجع حزبا ييش عتيد وراعام عن مبادراتهما بحجب الثقة، وسقط اقتراح حزب العمل، فلم يحصد إلا ١٨ صوتاً من ٦١ صوتاً لازمة لتمرير الاقتراح، وهو ما يعكس واقع أي معارضة اليوم داخل الكنيست.
لا يزال التأييد للحرب داخل الشارع الإسرائيلي واسع النطاق، رغم انقسامه بين من يريد إعادة المحتجزين أو تدمير حركة حماس كأولوية.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة لتدني نسبة قبول الشارع الإسرائيلي لحل الدولتين، فـ 25% منهم فقط يؤيد هذا الحل مع الفلسطينيين.
ويتباهى نتنياهو أنه الوحيد القادر على منع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وبناء على استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في نهاية العام 2023، فإن 65% من الشارع أبدوا موافقتهم على استمرار الحرب، وتكثيف عمليات الجيش الإسرائيلي لتحرير المحتجزين في غزة، مقابل ١٦% منهم يعتقد أن على الحكومة أن تنفذ صفقة تبادل شاملة لإعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء، حتى لو أدى الأمر إلى إيقاف نهائي للعمليات الحربية. وتم إجراء استطلاعات رأي عام آخر مؤخراً أكدت على أن 44% من الجمهور الإسرائيلي يؤيدون تجديد الاستيطان اليهودي في غزة مقابل نحو 39% يعارضون ذلك.
ورغم تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية بأن جهود الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن مستمرة، وقدمت حركة حماس مبادرة رفضها نتنياهو، كما قدمت إسرائيل مبادرة أخرى، خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن الفجوة تبدو واسعة بين الطرفين.
وتصاعدت الانتقادات الدولية للتصريحات الأخيرة التي صدرت عن نتنياهو المعارضة  لإقامة دولة فلسطينية. وقال بيان صدر عن مكتب نتنياهو: "بعد تدمير حماس، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بالسيطرة الأمنية على غزة، لضمان عدم تشكيلها أي تهديد مستقبلي لإسرائيل"، وأكد نتنياهو على ضرورة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، أي الضفة الغربية أيضاً، وهو ذات الوضع الذي تصر عليه إسرائيل، منذ توقيعها اتفاق أوسلو.
وجاء ذلك الموقف الصارم لنتنياهو في أعقاب تصريحات بايدن وبلينكن عن التزام الولايات المتحدة بإقامة دولة فلسطينية واستبعاد السيطرة الإسرائيلية على غزة بعد الحرب، والذي جاء في ظل توجه دولي بضرورة حل القضية الفلسطينية، بسبب تفاقم الأوضاع في الأراضي المحتلة، والتي وصلت حد الحرب الدموية المستمرة اليوم.